في الذكرى الـ13 لأحداث سبتمبر: اعتراف دولي بدور الجزائر في إنتهاج إستراتيجية عالمية لمكافحة الإرهاب

باشرت الجزائر منذ خمسة عشر سنة خلت عدة أعمال في إفريقيا في إطار مكافحة الإرهاب و تجفيف مصادر تمويله مما جعلها تصبح رائدة في هذا المجال من خلال مقاربة أمنية وسياسية لمواجهة تحديات هذا الخطر العالمي.

وقد أضحت المقاربة الجزائرية في مكافحة الإرهاب مرجعية هامة بحكم التجربة التي اعتمدت الحلول السياسية ولم تكتف بالحل الأمني ، والتي كسبتها لوحدها حينما كانت تواجه التهديد الإرهابي، وكذا دورها في إطار الجهود الرامية إلى بناء إستراتيجية عالمية لمكافحة الإرهاب "المعترف بها من طرف كل الدول".

يأتي هذا بالتزامن والذكرى الـ13 لأحداث 11 سبتمبر 2001 والجهود الدولية الرامية الى مواجهة التنظيمات الارهابية، خاصة ما يسمى بتنظيم "داعش".

الجزائر مرجعية في محاربة الإرهاب باعتراف دولي

وكان الوزير الأول عبد المالك سلال قد أشار أمام مجلس الأمن والسلم للاتحاد الإفريقي إلى أن رهان تجفيف مصادر تمويل الإرهاب يجب أن يكتسي "طابعا أولويا" في مكافحة هذه الظاهرة التي تمثل تهديدا حقيقيا للانسجام البشري للمجتمعات الإفريقية و عائقا أمام تنميتها الاجتماعية والاقتصادية و عاملا لزعزعة استقرار الدول.

وشدد الوزير الأول على أن الجزائر التي لطالما رافعت لمبدأ تجريم الفدية في المحافل الدولية ، لم تدفع أي فدية مباشرة أو غير مباشرة مقابل تحرير آخر الدبلوماسيين المختطفين بشمال مالي .

بدوره أكد وزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة أن المجموعة الدولية تنظر إلى الجزائر كعامل "استقرار" في المنطقة و كدولة "مؤهلة لبناء السلام و الأمن" و "قلعة" لمحاربة الإرهاب و كافة أنواع الجريمة العابرة للحدود.

و أوضح الوزير أنه بعد تحرير الرهينتين الجزائريتين الأخيرتين بـ"غاو" (شمال مالي) أصبح ينظر فعلا للجزائر كعامل استقرار في المنطقة و كدولة مؤهلة لبناء السلام و الأمن ليس فقط لفائدتها و لفائدة شعبها و إنما لكافة المجموعة الدولية"، وهو دليل أيضا على أن الجزائر "محترمة و مكانتها في المنطقة  كبيرة و أن دورها مرموق و ناجح و فعال".

خبراء: الجزائر تسعى جاهدة إلى إقناع العالم بتبني تجريم دفع الفدية

هذا ويرى المحلل السياسي والخبير الأمني عمر بن جانة، في تصريح للإذاعة الوطنية، أن الجزائر تناضل بقناعة وعن تجربة من أجل إقناع العالم بإستراتيجية فعالة في مكافحة الإرهاب،  موضحا أن هذه الإستراتيجية تقوم على تجفيف منابع تمويل الإرهاب والقضاء على الحاضنة الاجتماعية لهذه الظاهرة من خلال التنمية الاجتماعية والسياسية .

من جهته أكد المحلل السياسي، مخلوف ساحل، أن مسعى الجزائر في مكافحة الإرهاب تم إعداده على أساس تقييم الأخطار والتحديات الناجمة عن هذه الآفة على المستويين الوطني و الإقليمي .

وأوضح ساحل، في تصريح للإذاعة الوطنية، أن هذه المقاربة تعد مساهمة هامة تندرج في إطار الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إرساء تعاون و تنسيق في إطار الإستراتيجية العالمية للأمم المتحدة وآليات إقليمية أخرى.

وأوضح المختص في علم السياسة أنه من بين العوائق التي لم تسمح إلى حد الآن بإقامة إستراتيجية عالمية لمكافحة الإرهاب بشكل شامل و تام هو عدم تمكن المجموعة الدولية من الوصول إلى قرار يجرم بشكل واضح مسألة دفع الفدية".

و اعتبر أن القرارات الصادرة عن مجلس الأمن "تتحدث فقط عن منع الفدية و مكافحة الإرهاب إلا أن الهدف المنشود هو الوصول إلى لائحة تجرم بشكل واضح من يدفع الفدية للتنظيمات الإرهابية".

كما أكد أن الجزائر "تعد من مؤسسي المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب" و هي "تسعى جاهدة إلى إقناع المجموعة الدولية بتبني تجريم دفع الفدية و العمل على تجفيفها  كونها تعتبر من أهم الموارد المالية للنشاطات الإرهابية".

نجاعة المقاربة الجزائرية في الخروج من عدة أزمات

هذا و لم يستفق العالم على صحة وصواب الطرح الجزائري المحذر من الإرهاب كنشاط إجرامي لا يعرف ديناً ولا يعترف بالحدود إلا بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، أين حققت المقاربة الجزائرية تقدما معتبرا في الساحة الدولية، حيث اقتنعت دول عديدة بتجريم دفع الفدية وعدم التفاوض مع التنظيمات الإرهابية، وضرورة تجفيف المنابع المادية والفكرية للظاهرة.

 ويعتبر كسب تأييد الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا بهذا الطرح نجاحا محسوبا للدبلوماسية الجزائرية، ولم يكن متاحا لهذه المقاربة أن تحرز نجاحات لولا التجربة الرائدة للجزائر في المجال، وكذا الجهود التي تبذلها جهويا وقاريا لاستعادة الاستقرار والتصدي للتهديدات الأمنية.

ويعد تحرير الدبلوماسيين الجزائريين قبل أيام دليلا قاطعا على احترام الجزائر لمبدأ عدم دفع الفدية والتفاوض المباشر مع الإرهابيين، كما أن كرونولوجيا الأحداث في مالي بيّنت نجاعة المقاربة الجزائرية كأفضل مخرج للأزمة.

ولعل مبدأ الجزائر في عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام سيادتها من خلال ابعاد التدخل الاجنبي في ليبيا ومساعدة تونس على الخروج من أزمتها ساهم في نجاعة تلك المقاربة أيضا، لأن الحوار والتنمية هما نواة الخروج بحلول ناجعة للمعضلات الامنية والسياسية.

 

المصدر: موقع الاذاعة الجزائرية

الجزائر, سياسة