الأزمة السورية: وضع إنساني كارثي بعد مرور أربع سنوات

دخلت الأزمة في سوريا عامها الخامس دون بوادر في الأفق تؤشر باقتراب حل للنزاع القائم في البلاد التي تشهد وضع أمني متفجر خلف 210 ألف قتيلا  ووضع إنساني كارثي غير مسبوق نظرا لتضاعف عدد النازحين و ارتفاع حاجياتهم.

مع مرور 4 سنوات تحولت الأزمة في سوريا التي بدأت عام 2011 بمظاهرات احتجاجية ضد النظام القائم ثم تحولت إلى نزاع دامي   أصبح نصف سكان البلاد لاجئين في دول مجاورة و دول العالم  أو نازحين داخل سوريا  ما أدخل البلاد في نفق مظلم في ظل عدم قدرة آي من أطراف النزاع على حسم هذه المعادلة الصعبة.

وفي ظل عدم وجود انتصار لطرف على الآخر  ثمة انقسام بحكم الأمر الواقع في سوريا  بين المنطقة الكردية في شمال شرق البلاد  ومناطق سيطرة المعارضة في الشمال  والمناطق الواقعة تحت سيطرة النظام في الوسط.

وبعد سلسلة من التراجعات أمام هجمات عناصر المعارضة المسلحة  انتقل النظام السوري إلى الهجوم  بعدما تلقى "دعما ماليا و عسكريا  من روسيا و إيران عناصر من حزب الله اللبناني ومقاتلين عراقيين" حسب مصادر متطابقة.

وتقدم النظام السوري في الأسابيع الماضية على ثلاثة محاور أساسية : جنوب دمشق حيث عقد مصالحات مع مسلحي المعارضة بعد حصار خانق على المناطق التي يسيطرون عليها  وفي منطقة القلمون الإستراتيجية شمال دمشق قرب الحدود مع لبنان حيث يتقدم لفرض طوق كامل على مدينة يبرود آخر معاقل المعارضة  وعلى أطراف مدينة حلب (شمال).

و اكتسب النظام ثقة إضافية بعد ابتعاد شبح الضربة العسكرية التي هددت بها واشنطن اثر الهجوم الكيميائي الذي أدى إلى مقتل المئات قرب دمشق في 21 اغسطس  والذي اتهمت المعارضة والدول الغربية الرئيس الأسد بالوقوف ورائه.

وتقضي إستراتيجية النظام بالاحتفاظ بسيطرته على "المناطق ذات الأهمية" في البلاد  لا سيما المناطق الساحلية حيث الثقل العلوي والموانىء التجارية  إضافة إلى المدن الكبرى والطرق الرئيسية.

أما المعارضة المسلحة فتسيطر على مناطق واسعة لا سيما في الشمال والشرق والأرياف  في حين لا زال النظام يسيطر على مراكز المحافظات باستثناء الرقة (شمال)  ومناطق في الوسط والغرب.

وشاركت "جبهة النصرة " التي تعد ذراع القاعدة في سوريا  إلى جانب المعارضة في بعض هذه المعارك.

و يوجد ما بين 100 ألف و150 ألف مقاتل معارض  بينهم 10 آلاف إلى 20 ألفا من المقاتلين الأجانب الموزعين على أكثر من 2000 مجموعة مقاتلة. وابرز هذه التشكيلات "الجبهة الإسلامية" التي تشكلت منذ أشهر  وتضم ابرز الكتائب الإسلامية.

وتشير التقديرات إلى أن عدد القوات النظامية قبل النزاع كان يقارب 300 ألف عنصر  يضاف إليهم آلاف المسلحين الموالين.

وحسب أرقام المرصد السوري لحقوق الإنسان  لقي نحو 50 ألف جندي ومسلح موالي للنظام مصرعهم خلال الأعوام الثلاثة الماضية.

ويبقى أكثر من 12 مليون سوري بحاجة للمساعدة للبقاء على قيد الحياة. وأكثر من 2.4 مليون طفل داخل سوريا خارج المدارس. ومن بين اللاجئين  فإن نصف الأطفال تقريبا لا يحصلون على التعليم في المنفى حسب المفوضي السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.

و يقول المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنطونيو غوتيريس"نرى في الوقت الحالي تراجعا في المساعدات ونقصا بدعواتنا للتمويل وتقديم العون وبشكل مستمر في أعظم أزمة إنسانية في هذا العصر".

و أكد غوتريس إن "54% فقط من المساعدات التي نادت بها المنظمة حصلت  و يأمل المعنيون في أن يتمكن المؤتمر الذي سيعقد في الكويت يوم 31 مارس الحالي  من تحصيل بقية المساعدات المطلوبة".

"إن ترك البلدان المضيفة  للاجئين في إدارة الوضع بمفردها قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي في المنطقة  وإلى المزيد من المخاوف الأمنية في أماكن أخرى من العالم" يضيف المسؤول الأممي .

ويرى المتتبعون للشأن السوري انه رغم احتفاظ بشار الأسد بالسيطرة على الجزء الأكبر من الميدان و محاولاته المتواصلة لاستعادة المزيد إلا انه لن يكون قادرا على إعادة كامل أراضي البلاد تحت سلطته.

و يعتبر المختصون أن تفكك سوريا "ليس احتمالا لكنه أمر واقع" وفي حال توقفت الحرب غدا ستتطلب عودة الأمور إلى طبيعتها أكثر من عقد من الزمن. فالبلاد بحاجة إلى وقت طويل للعودة إلى وضعها طبيعي  لان إعادة الإعمار ستضاف إلى المشاكل البنيوية التي سبقت اندلاع الأزمة.

 

 

وسوم:

العالم, الشرق الأوسط