حجار: إحراق مكتبة جامعة الجزائر"جريمة" شنعاء يشهد عليها التاريخ

وصف وزير التعليم العالي و البحث العلمي طاهر حجار ما ارتكبته المنظمة السرية للجيش الفرنسي (OAS) في 7 يونيو 1962 من إحراق للكتب وللمخطوطات التي كانت تضمها مكتبة جامعة الجزائر ب"الجريمة الشنعاء" التي يشهد عليها التاريخ.

واضاف حجار حسب ما نقلته وكالة الانباء الجزائرية "إن إحراق مكتبة جامعة الجزائر الذي اقترفته المنظمة السرية للجيش  الفرنسي (OAS)  في وضوح النهار  يوم 7 جوان1962  قبل أقل من شهر على إعلان استقلال الجزائر  أتى على ما يقارب 400.000 كتاب ومخطوط  من مجموع 600.000عنوان إلى جانب تخريب المكتبة ومخابر العلوم ومدرجين. وتم تحويل حوالي 200.000 كتاب  بعد عملية الإنقاذ إلى ثانوية عقبة بن نافع بالعاصمة والتي أعيدت  بعد عامين  إلى مكتبة الجامعة.

  مؤكدا ان هذه الجريمة الشنعاء استهدفت الذخيرة الثقافية والعلمية التي تزخر بها المكتبة ومنها المخطوطات النادرة  لحرمان أجيال الاستقلال الصاعدة من المعرفة والعلوم والتبصر والتنوير.

كما كشف حجار عن محاور البرنامج الاستثماري لقطاع التعليم العالي من بين ما  تتضمن الحفاظ على التراث المادي الذي يمتلكه القطاع. مضيفا انه تم إنجاز أو برمجة عدة عمليات ترقوية للحفاظ على الهياكل القديمة وعلى التراث التاريخي والمعماري والعلمي الذي تمثله مؤكدا استفادة هياكل جامعة ابن يوسف ابن خدة الجزائر 1 الموروثة عن ما يعرف  ب''الكلية المركزية'' القديمة من عدة عمليات تأهيل  كما وتخضع بنايات أخرى للخبرة قبل إطلاق أشغال ضرورية لتأهيلها وتعزيزها. ويتعلق الأمر بكل المدرجات بما فيها مدرجي بن بعطوش وبن باديس ومبنى الجيولوجيا الذي يضم مخابر وقاعات بيداغوجية ووحدات بحث وكذلك متحف الجيولوجيا الشهير  وتجديد شبكة الكهرباء.

محافظ المكتبة : حريق مكتبة جامعة الجزائر في 1962 :عمل إجرامي ضد الانسانية  

تعد التفجيرات الارهابية المقترفة من طرف منظمة الجيش السري الفرنسي والتي استهدفت في 7 يونيو 1962 مكتبة جامعة الجزائر و التي  أدت إلى إتلاف عدد كبير من الكتب القيمة عن طريق القنابل الفوسفورية "عملا إجراميا ضد الانسانية" حسبما أكده  محافظ المكتبة الجامعية عبد الله عبدي.

  و أوضح السيد عبدي في حوار خص به واج أن مكتبة جامعة الجزائر كانت تعد "من أقدم وأهم المكتبات في العالم العربي و إفريقيا" لما كانت تحتويه من رصيد ثري و غني وكتب قيمة في مختلف العلوم و من مخطوطات نادرة بالعربية و بالأحرف اللاتينية" مضيفا أن عددها كان ما يناهز 600.000 كتاب و مخطوط.

  و أضاف أن الحريق الذي أتى على كل بناية المكتبة أدى إلى إتلاف عدد كبير من الكتب النفيسة التي تعود للقرن 17 ميلادي و لم يبق منها سوى 80.000 كتاب.

 و بعد الحريق الذي أتى على المكتبة لم يتم استرجاع إلا 000 80 كتاب التي تعد بمثابة شاهد إثبات ضد المستعمر الفرنسي--يقول عبدي .

  و أضاف ان الكتب المسترجعة تم نقلها إلى ثانوية عقبة بن نافع بالجزائر العاصمة حيث وضعت هناك إلى أن يتم ترميم مكتبة جامعة الجزائر مبرزا أن عملية نقل الكتب إلى ثانوية عقبة بن نافع دام مدة سبعة أشهر.

  و أضاف أن " فرنسا قامت بتهريب كل المخطوطات أياما قبل الحريق الذي نشب بمكتبة الجزائر مستدلا بمقال صدر عن جريدة "لومند" الفرنسية بتاريخ 26 أبريل 1962 و الذي يؤكد خروح حاويات من مكتبة جامعة الجزائر و التي وجهت إلى فرنسا و كانت هذه الحاويات تحتوي على عدد كبير من الكتب و على "كل المخطوطات".

  و لهذا السبب لم يتم العثور على أي مخطوط سواء سليما أو متلفا --يقول المتحدث--. و استدل السيد عبدي بمقولة للأستاذ محمود بوعياد المدير السابق للمكتبة الوطنية و بوصفه كذلك رئيسا للجنة الدولية لإعادة بناء المكتبة الجامعية و الذي قال ان "جميع المخطوطات النفيسة التي كانت تضمها مكتبة جامعة الجزائر حولت مع ما حول من أرشيف إلى فرنسا".

 و أوضح السيد عبدي أن الحريق الذي أتلف رصيد مكتبة جامعة الجزائر كان "مبيتا و مدروسا" حيث عرف ذات المكان في أبريل 1962 تفجيرين آخرين على مستوى إدارة الجامعة أدى إلى تحطيم بعض البنايات دون المكتبة الجامعية.

  و أضاف أن جامعة الجزائر كانت مغلقة في تلك الفترة نظرا للظروف الأمنية غير المستقرة التي كانت سائدة آنذاك. فكان من السهل على أعضاء منظمة الجيش السري الفرنسي وضع عدة قنابل فوسفورية سريعة الالتهاب بداخل المكتبة بتواطؤ بعض الموظفين الفرنسيين العاملين بذات المكتبة.

  و اعتبر أن التفجيرات التي طالت مكتبة جامعة الجزائر هي بمثابة" ردة فعل لشرذمة من الفرنسيين من دعاة الجزائر فرنسية" بعد إعلان عن وقف اطلاق النار في 19 مارس 1962.

  و أضاف ان بعد الحريق أنشئت لجنة دولية لإعادة بناء المكتبة الجامعية يرأسها بعض الأساتذة الجامعيين و على رأسهم الأستاذ محمود بوعياد مدير المكتبة الوطنية آنذاك و كانت مهامها جمع التبرعات و إعادة بناء المكتبة بما فيها الرصيد و البناية.

  و كان وزير التربية آنذاك السيد أحمد طالب الإبراهيمي قد أعلن عن إنشاء في ديسمبر 1962 ل"لجنة دولية لإعادة بناء مكتبة جامعة الجزائر" من أجل إعادة بناء ما هدمته البربرية الاستعمارية.

  و قد استغرق ترميم المكتبة مدة ستة سنوات حيث تم إعادة فتحها في 12 أبريل 1968 على النمط الذي توجد عليه حاليا و هي تضم كل المتطلبات التي يحتاجها الطالب و الباحث غير انه بات من" المستحيل إعادة ما اتلف من كتب و مخطوطات نادرة بسبب العمل الإجرامي الذي اقترفته المنظمة السرية الفرنسية".

  غير ان ترميم الكتب التي طالتها النيران منذ 53 سنة خلت لا يزال متواصلا إلى يومنا هذا.

 المستعمر الفرنسي أراد حرمان البلاد من أداة لتكوين الاطارات

 إن الهدف الرئيسي من إحراق مكتبة جامعة الجزائر عن طريق وضع القنابل بهذه المؤسسة الثقافية هو حرمان الجزائر المستقلة من هذا الصرح العلمي و الثقافي و من أداة لتكوين إطارات يتولون تسيير الجزائر مستقبلا.

  غير أن جامعة الجزائر بما فيها مكتبتها الثرية كانت ولا تزال حصنا عتيدا وقلعة راسخة للعلم والمعرفة رغم أنف الاستعمار بالإضافة إلى مهمتها في تكوين الموظفين والأساتذة و الكوادر والباحثين في كل مجالات التنمية.

 و حسب السيد عبدي فإن هذا الفعل الإجرامي يعد "امتدادا منطقيا للمستعمر الفرنسي الذي عمل منذ احتلاله للجزائر سنة 1830 على منع تعليم اللغة العربية و غلق المدارس القرآنية و حرق المخطوطات التي تدل على الشخصية الجزائرية ببعدها الحضاري العربي و الاسلامي و الأمازيغي.

 منظمة اليونسكو تحصر كل ما اتلف من كتب في العالم دون مكتبة الجزائر

 قامت منظمة الأمم المتحدة للتربية و العلم و الثقافة "اليونسكو" سنة 1995 بحصر و جرد كل ما اتلف من كتب في العالم و لكنها لم تذكر في تقريرها ما اتلف من كتب قيمة و نفسية بمكتبة جامعة الجزائر.

  و رغم ان منظمة اليونسكو كانت قد وضعت قائمة للمكتبات و الكتب القيمة التي تم إتلافها عبر التاريخ شملت الحقبة الزمنية التي احتلت فيها الجزائر إلا انها "نسيت" في تقريرها ذكر مكتبة جامعة الجزائر رغم ان الكتب التي كانت تضمها تعد من نفائس الكتب و أجودها و ذلك في مختلف العلوم التي كانت تدرس بجامعة الجزائر آنذاك.

  و بعد إعادة بناء المكتبة الجامعية تم إنشاء ورشة داخل المكتبة من أجل ترميم و تجليد الكتب حيث تم ترميم عدد منها في إطار سياسة الحفظ و الصيانة.

  غير أن بعض الكتب--حسب السيد عبدي- صعب ترميمها نظرا لغياب الكفاءات القادرة على القيام بهذا العمل الدقيق و كذا غياب التقنيات المتطورة لترميم مثل هذه الكتب القديمة.

 

المصدر : الإذاعة الجزائرية/ وأج

الجزائر