الرئيس بوتفليقة يعزي عائلة الشيخ أحمد سري عميد الأغنية الأندلسية وفقيدها

انتقل إلى رحمة الله اليوم الأحد بالعاصمة الشيخ أحمد سري أحد أعمدة الطرب الأندلسي عن عمر يناهز الـ 89 سنة حسب ما علم لدى أقارب الفقيد.

وبهذه المناسبة الأليمة وجه رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة برقية  تعزية  الى أسرة المرحوم معتبرا اياه "معلما" في الحفاظ على الموسيقى الكلاسيكية الجزائرية الراقية.

وجاء في برقية رئيس الجمهورية "تأثرت, غاية التأثر, لانتقال الفنان المبدع, الأستاذ سيد أحمد سري, إلى جوار ربه, واستعظمت خسارة الثقافة الجزائرية, وعلى  الأخص مجال الموسيقى الكلاسيكية الجزائرية الراقية منها, في هذا الرجل الذي نذر حياته لدراسة الموسيقى وتدرسيها وتحبيبها والحفاظ عليها بإصرار الغيورعلى ثقافة الجزائر الأصيلة".

وأكد الرئيس بوتفليقة في هذا الاطار"إن الجزائر لتفقد في هذا الفنان, الذي كان وسيظل مرجعا للأجيال الآتية من الفنانين, معلما ترك بعده تلاميذة سيتأسون به في الحفاظ على الموسيقى الكلاسيكية الجزائرية, ومناضلا في الساحة الثقافية ساهم بالقدر الأوفى في نهضة الجزائر الثقافية منذ الإستقلال".

وأضاف رئيس الجمهورية في برقيته قائلا و"سيسجل التاريخ ما أبلاه الفقيد من أجل إحياء جانب من الثقافة الجزائرية حاول المحتل طمسه, ومن أجل إعلاء مستوى الإتقان والتألق في أداء الموسيقى الكلاسيكية الجزائرية مغنيا وقائدا لأرقى ما توفر للجزائر من مجموعات موسيقية".

وأوضح رئيس الدولة في هذا الشأن "إنه سيتبوأ إلى الأبد مكانة رفيعة من بين الذين اسهموا في إحياء الموسيقى الكلاسيكية الجزائرية وتعميم تعليمها, وستخلده ذاكرة الشعب الجزائري في ثبت الإبداع الرفيع الذي يحدو المجتمع صوب التوثب نحو الأفضل". 

وأكد  السيد بوتفليقة في برقيته "إن فقيدنا هذا سيظل واحدا من بين أعلامنا الذين شرفوا الموسيقى في بلادنا, ومن ثمة يحق لأسرته وللأسرة الثقافية الجزائرية جمعاء أن تفخرا به كل الفخر".

واعرب الرئيس بوتفليقة عن حزنه قائلا "إنني اقاسمكم حزنكم وحزن أهل الموسيقى وهواتها من أبناء الشعب الجزائري لرحيل, المغفور له بإذن الله, الأستاذ سيد أحمد سري, ولا يسعني إلا أن أعرب عن عظيم إكباري وإجلالي لروحه الطاهرة داعيا الله العلي القدير أن يشمله بواسع رحمته ويكرم مثواه في دار الخلد".  

"رحم الله فقيدنا وجزاه عن الجزائر خير ما يجازي به العاملين المخلصين المتفانين من أجل إتقان عملهم وتشريف أمتهم"  يقول الرئيس في برقيته. 

"وبشر الصابرين الذين إذا اصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون".

كما يتوجه وزير الثقافة عز الدين ميهوبي بتعازيه الصادقة إلى كافة أفراد عائلة الفقيد و إلى الأسرة الفنية الكبيرة، داعيا المولى عز و جل إلى أن يتغمد الفقيد برحمته الواسعة، و أن يلهم ذويه جميل الصبر و السلوان، مبرزا أن بفقدان الفنان سيد أحمد سري تفقد الجزائر و الأسرة الفنية قامة ثقافية و فنية و معلما و عميدا و شخصية مرهفة بحس الفن الأندلسي.

هذا وستشيع جنازة الفقيد غدا الاثنين بعد صلاة الظهر بمقبرة سيدي يحيا (الجزائر العاصمة).

سيد أحمد سري ....مسارفني حافل بالعطاء و التألق

ولد سيد أحمد سري - وهو أول موسيقي يتحصل في افريل 1992 على ميدالية الاستحقاق الوطني- يوم 02 نوفمبر 1926م بحي القصبة بالجزائر العاصمة، و شغف منذ صغره بالموسيقى الكلاسيكية والتراثية للمنطقة، و كان شديد التعلق بجده لأبيه الذي كان مقدم فرقة العيساوة .

درس على يد الشيخ البشير البوزيري في المدرسة القرآنية ، أين تعلم مبادئ ترتيل القرآن الكريم وإلقاء للإنشاد الديني وحفظ القصائد، وكان يصاحب الشيخ محمد بنوبية معه ليحيي حفلات إنشاد أيام عيد المولد النبوي الشريف بمزار سيدي عبد الرحمان الثعالبي بحي القصبة، وسيدي محمد ببلكور.

التحق بجمعية الأندلسية عام 1945م وبجمعية الحياة بين عامي 1945م و 1946م. وخلال عام 1946م وبنصيحة من صديقه يوسف خوجة التحق بجمعية الجزائرية ودخل مباشرة إلى فصل المتفوقين فيها تحت قيادة الأستاذ عبد الرزاق فاخرجي.
وبالموازاة مع ذلك وخلال عامي 1946م و 1947م سجل بالكونسيرفاتوار لمدينة الجزائر تحت إشراف الأستاذ ساسي في الصف الأول وفي الصف الثاني تحت إشراف الأستاذ محمد فاخرجي.

شغل منصب أستاذ نائب عن الأستاذ عبد الرزاق فاخرجي الذي كانت له مهام أخرى عام 1952م، وكان ذلك في جمعية الجزائرية – الموصلية (الجمعيتان المتحدتان)، وذلك لإدارة والإشراف على الفصول التي بقيت وفية لهذه الجمعية، وبقي شاغلا لهذا المنصب إلى غاية 1956م.
شغل منصب القيادة لهذه الجمعية عام 1972م أيام الإعداد للمهرجان الثالث للموسيقى الأندلسية الجزائرية، وقام من خلالها بتكوين فرقة موسيقية قوية تعد من أقوى الفرق الموسيقية الأندلسية الحديثة في القرن العشرين، واستمر مديرا لها لمدة 15 سنة.
عام 1988م وبعد خروجه من جمعية الجزائرية – الموصلية، قام بتأسيس جمعية جديدة تحت اسم الجزائرية – الثعالبية، وانتقل العديد من تلاميذه معه إلى الجمعية الجديدة، وبعد جولات فنية عديدة لهذه الجمعية داخل وخارج الوطن تم توقفها نهائيا عام 1992م.
وبالرجوع إلى بدايات الثمانينات وعندما كان الأستاذ سيد أحمد سري مديرا لجمعية الجزائرية- الموصلية شهدت هذه الأخيرة حفلات عديدة على شرف الكثير من الفنانين الجزائريين كانت تنظم تحت اسم (الخريف الموسيقي الجزائري).
خلال عامي 1970م و 1980م كان يشغل إضافة إلى مهامه الأخرى منصب مدرس بالمعهد الوطني للموسيقى.
اهتم سيد أحمد سري لسنوات عديدة بالكتابة في الصحف الوطنية حول الموسيقى الكلاسيكية الجزائرية بشكل عام ومدرسة الصنعة بشكل خاص، وقدم مقالات مهمة حول الأساتذة – الأعمال الموسيقية – الجمعيات – مستقبل الموسيقى الأندلسية الجزائرية، وغيرها من المقالات.
تخرج على يده الكثير من الفنانين والمطربين والموسيقيين ممن لا يحصون عدا، ومن أشهرهم: زروق مقداد، زكية قارة تركي، حبيب قرومي. وأيضا من تلاميذه الأستاذ عثمان دلباني مشرف قسم الموسيقى الآلية بمنتدى سماعي للطرب العربي الأصيل على شبكة الإنترنيت.

المصدر: موقع الإذاعة الجزائرية 

ثقافة وفنون