إنسحاب بريطانيا من الإتحاد الأوروبي : إستياء أوروبي و ترقب لتداعيات الإقتصادية

 عبرت معظم الدول الأوروبية عن أسفها للقرار الذي اتخدة البريطانيون من خلال التصويت لصالح الخروج من الإتحاد الأوروبي، معربة عن عزمها العمل بشكل وثيق من أجل مواجهة التحديات التي يواجهها التكتل، و ذلك وسط حالة من الترقب لتداعيات هذا القرار لا سيما على الصعيد الإقتصادي.

 وعقب تصويت البريطانيين للخروج من الإتحاد الأوروبي في إستفتاء تاريخي جرى يوم الخميس المنصرم، بنسبة 52 في المئة من أصوات الناخبين، وهو التصويت الذي سيخرج المملكة المتحدة من الإتحاد بعد 43 سنة على عضويتها فيه، عبرت المفوضية الأوروبية عن رغبتها في التعجيل في مفاوضات الخروج.

 وقال رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، إنه يريد "بدء مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي فورا ، وإنه لا داع للانتظار حتى أكتوبر" وهو الموعد الذي قال رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، إنه سيترك فيه منصبه ويسلمه لآخر يقود عملية الخروج.

 من جانب آخر، قال وزير الخارجية الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، إن دول الاتحاد الأوروبي ال27 المتبقية، عليها التركيز على الأمن والهجرة والنمو الاقتصادي، مؤكدا أنه لا يزال أمام الاتحاد الجهد الكبير بشأن التفاوض على خروج بريطانيا.

 وأشار إلى أنه يشعر "بالارتياح تجاه التزام القادة الأوروبيين بانتهاج مسار جديد يبدد المخاوف التي أثيرت في حملة استفتاء بريطانيا"، معتبرا أن "القضية الأساسية أمام القادة الأوروبيين ستكون مكافحة معدلات البطالة المرتفعة بين الشباب".

 أما الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، فقد أعرب عن أسفه للقرار البريطاني بالخروج، محذرا من خطر "تصاعد الشعبوية و التيارات المتطرفة".

 وأعرب هولاند عن ثقته في "فاعلية التدابير" التي تم بالفعل اتخاذها فور اعلان المملكة المتحدة عن قرارها بالانفصال عن التكتل الاوروبي، مشيرا إلى أن خروج بريطانيا" يتطلب أيضا إدراك النقائص على الصعيد الأوروبي و تراجع ثقة الشعوب في المشروع الذي يحمله الاتحاد الأوروبي".

 نفس رد الفعل عبر عنه رئيس الوزراء الفنلندي، يوحا سيبيلا ، معتبرا أنه من المهم لأوروبا أن "تأخذ على محمل الجد" رسالة الناخبين البريطانيين.

 ودعا المسؤول الفنلندي إلى استخلاص الدروس من هذا الاستفتاء و العمل على "إيجاد أفضل طريقة لاتخاذ القرار في عدد من القضايا بشكل جماعي"، معربا عن ثقته في قدرة المؤسسات الأوروبية على الحد من آثار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

 من جانبها، طالبت الحكومة الاسبانية الى اخضاع "جبل طارق" الى سيادة اسبانية بريطانية مشتركة و ذلك عقب خروج لندن من الإتحاد الأوروبي على الرغم من أن الأغلبية الساحقة من الساكنين في "جبل طارق"-وهي منطقة حكم ذاتي تابعة للتاج البريطاني- قد صوتت لصالح البقاء في التكتل الأوروبي.

 تباين في المواقف على الساحة السياسية في ألمانيا

 أما في ألمانيا التي تعد قاطرة الإقتصاد الأوروبي، فقد تباينت المواقف في الاوساط السياسية بشأن إنسحاب بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، حيث أعرب وزير الخارجية الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، عن "خيبة" أمله لنتائج الاستفتاء، واصفا يوم الاستفتاء ب"اليوم الحزين لأوروبا وبريطانيا".

 من جهته أكد الرئيس الألماني يوآخيم جاوك على "أهمية التمسك بالفكرة الأوروبية" في ضوء تصويت الناخبين البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، في حين ألقى فولكر كاودر رئيس الكتلة البرلمانية المحافظة في البرلمان الألماني (بوندستاج)  باللوم على رئيس الوزراء البريطاني كاميرون بشأن نتيجة هذا الاستفتاء.

 وقال بهذا الصدد أنه "لا توجد مخاطر من حدوث ذلك الأمر في ألمانيا.لا ينبغي لأحد أن يخدع نفسه بالاعتقاد أن العودة إلى الدولة القومية سيحسن أي شيء بالنسبة للمواطنين".

 نفس رد الفعل عبر عنه وزير الاقتصاد الألماني، زيغمار غابريل، حيث قال في تغريده على شبكات التواصل الإجتماعي "اللعنة إنه يوم مشؤوم على اوروبا".

 إلا أنه، وحسب تقرير قناة "الدويتش فيلا" الألمتنية فإن هناك في ألمانيا من رحب بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فبالنسبة لحزب "البديل من أجل ألمانيا"

اليميني الصاعد والمتشكك في أوروبا، فقد اعتبر خروج بريطانيا قدم "خدمة جليلة لأوروبا".

 وقالت بياتريكس فون شتورش، نائبة رئيسة الحزب والنائبة في البرلمان الأوروبي "نتطلع إلى أن نكون جيرانا جيدين".

 أما حزب اليسار المعارض فيرى أن تصويت البريطانيين يعد "فرصة لإعادة النظر من أجل بداية جديدة" في الاتحاد الأوروبي و"فرصة تاريخية لإعادة الأصوات (القرار) إلى الناس في أوروبا".

 الشركاء الدوليون لبريطانيا و الإتحاد الأوروبي يجددون دعمهم للطرفين

 وعلى صعيد متصل، أعرب الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، عن ثقته إزاء التزام بريطانيا بإجراء انتقال منظم لمغادرة الاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أنه اتفق مع رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون ،الذي وصفه ب"الشريك متميز"، على أن "تبقى الفرق الاقتصادية والمالية لكلا البلدين على اتصال وثيق مع استمرارنا بالتركيز على ضمان النمو الاقتصادي والاستقرار المالي".

 كما أكد أوباما التأكيد على أن "العلاقة الخاصة" بين الولايات المتحدة وبريطانيا ستبقى مستمرة وأن الاتحاد الأوروبي سيظل "واحدا من شركائنا الذين لا غنى عنهم".

 أما الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، فقد عبر عن أمله في أن يبقى الاتحاد الأوروبي "شريكا قويا" للمنظمة الدولية حول المسائل الانسانية والسلام والأمن "بما فيها ملف الهجرة".

 و على لسان أمينه العام، ينس ستولتنبرج، أكد حلف شمال الأطلسي (الناتو) ، أن مكان بريطانيا في الحلف الذي تقوده الولايات المتحدة لن يتغير رغم قرار الانسحاب من الاتحاد الأوروبي.

 حالة ترقب للتداعيات الإقتصادية و المالية المحتملة

 وعلى الصعيد المالي، قالت هيئة مراقبة السلوكيات المالية البريطانية إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيكون له تداعيات كبيرة على البلاد، مشيرة إلى أنها تراقب بشدة الأسواق التي تأثرت بنتائج الإستفتاء الذي جرى يوم الخميس حول عضوية بريطانيا في الإتحاد الأوروبي.

 وأوضحت الهيئة أن قوانين القطاع المالي ببريطانيا التي تعد قوانينا أوروبية في معظمها، "ستظل قابلة للتطبيق إلى حين إجراء تغييرات" مضيفة أن هذا الأمر سيترك للحكومة والبرلمان.

 إقتصاديا، دعا خبراء ألمان إلى إجراء مفاوضات عاجل للحد من الخسائر الاقتصادية المتوقعة بعد هذا القرار الذي اختاره البريطانيون،حيث قال المدير التنفيذي لاتحاد الصناعة الألماني، ماركوس كيربر، أنه يتعين أن تجرى المفاوضات بشأن شروط انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بشكل سريع و" تحت شعار الحد من الخسائر ".

 وأوضح "نتوقع تراجع التبادل التجاري مع بريطانيا بشكل ملموس خلال الشهور المقبلة، ومن المستبعد توجيه استثمارات مباشرة جديدة من ألمانيا إلى بريطانيا".

 من جانبه دعا رئيس اتحاد صناعة السيارات في ألمانيا، ماتياس فيسمان، إلى" بذل كل الجهود من أجل مواصلة تبادل السلع والخدمات في المستقبل بنفس الشكل السلس الذي كانت عليه الأمور حتى الآن".

 وبدوره، أعرب فولكمار دنر رئيس شركة (بوش) الألمانية ، أكبر مورد في العالم لقطع غيار السيارات، عن أسفه لخروج بريطانيا من أكبر سوق داخلي في العالم.

 

العالم