مذكرات ماري كلود رادزويسكي ... قصة محامية عن ثوار الجزائر

ماري كلود رادزويسكي

صدر عن دار النشر القصبة مؤخرا، مذكرات المحامية الفرنسية صديقة الثورة الجزائرية، ماري كلود رادزويسكي  ( Marie-claude Radziewsky)، يحمل عنوان " مسرح الحياة، مذكرات محامية مناضلة".

ولم تنل ماري كلود رادزويسكي حظها في مقالات الصحافة الجزائرية، بالرغم من نضالها إلى جانب الشعب الجزائري خلال حربه ضد المستعمر الفرنسي وبالرغم من دفاعها عن المجاهدين والمناضلين ودعمها حاملي الحقائب، الشبكة التي أسسها فرنسيس جونسون لدعم الثورة الجزائرية.

وهنا تكمن أهمية هذه المذكرات فليس لكونها تروي مسار حياة شخصية غنية بالتجارب، و هي بحد ذاتها مهمة للغاية، ولكن لكونها تشكل بحد ذاتها شهادة وصفحة من صفحات تاريخ الجزائر ونضال الشعب ضد الاستعمار.

ففي 27 نوفمبر 1956، تتجه المحامية المتخرجة للتو نحو قصر العدالة بباريس لتأدية اليمين وتقسم باحترام القوانين والعدالة، لكنها سيصعب عليها الالتزام بهذا القسم الذي أدته لأن قوانينه ستكون ظالمة على شعب بأكمله وعلى قضية عادلة، فتمسك ماري كلود رادزويسكي بالعدالة ومبادئها السامية يجعلها تخلف قسمها.

فبعد أكثر من سنة في تعاملها مع قضايا الجرائم الخاصة بالقتل والاختلاس والنصب وغيرها، وفي مارس 1957، تقف لأول مرة أمام قضية المساس بالأمن الخارجي للدولة، المتهم فيها مصطفى عمور من جبهة التحرير الوطني. هذه القضية شكلت منعرجا في حياتها، بحيث أصبحت ضمن مجموعة المحامين الذين يدافعون عن مناضلي جبهة التحرير الوطني، ومنذ ذلك الوقت بدأ نضالها لدعم القضية الجزائرية، القضية العادلة...

ودافعت ماري كلود رادزويسكي عن عديد من مناضلي جبهة التحرير الوطني من بينهم المناضلين اللذين شاركا في العملية الفاشلة لاغتيال حاكم الجزائر الأسبق جاك سوستال. وكان ذلك في سنة 1958، حيث شارك كل من مولود أوراغي وعبد اللطيف شروق في الهجوم على سيارة سوستال محاولان قتله دون أن ينجحا في ذلك. وتروي في مذكراتها كيف كان مولود يخفف عنها عندما سمعت الحكم بالإعدام ضد المناضلين.

وتعد تلك القضايا التي دافعت عنها ماري كلود رادزويسكي وعن أولئك المجاهدين الذين ناضلوا من أجل أن تسترجع الجزائر استقلالها وسيادتها وحريتها، صفحة من صفحات تاريخ الثورة التحريرية، حيث تكشف تفاصيل مثيرة عن أولئك المجاهدين وتفضح في آن واحد وحشية المستعمر الفرنسي في أرضه الأم.

ولم تكتف ماري كلود رادزويسكي بالدفاع كمحامية عن القضية الجزائرية من خلال الدفاع عن المناضلين في المحاكم الفرنسية بل ساندت الثورة التحريرية الجزائرية وذلك بدعمها لشبكة جونسن، " حاملو الحقائب"، بل كانت على اتصال مباشر بالفيلسوف فرنسيس جونسن، وهذا ما كان سيكلفها السجن إن انكشف أمرها أمام الشرطة الفرنسية.

ماري كلود رادزويسكي تزور الجزائر لأول مرة في سنة 1963 وتعيش فيها وعملت كمستشارة قانونية في وزارة التوجيه ثم اختارت أن تعمل كمحامية قبل أن تترك البلد الذي دافعت عنه بسبب الإرهاب الذي ضرب الجزائر في التسعينيات من القرن الماضي واليوم هي محامية في إسبانيا.

 

المصدر: موقع الإذاعة الجزائرية / أنيس بن هدوقة

 

 

ثقافة وفنون, اصدارات