الرئيس بوتفليقة يدعو إلى مواصلة تجسيد نموذج النمو الاقتصادي الجديد

دعا رئيس الجمهورية  عبد العزيز بوتفليقة هذا الأربعاء الحكومة إلى مواصلة تجسيد نموذج النمو الاقتصادي الجديد خاصة  فما يتعلق بالجوانب المرتبطة بتحسين مناخ الأعمال وعصرنة المنظومة المالية.

وأشار بيان لمجلس الوزراء إلى أنه بعد المصادقة على مخطط عمل الحكومة من قبل  مجلس الوزراء الذي ترأسه الرئيس بوتفليقة  كلف رئيس الدولة الحكومة بمواصلة  تجسيد نموذج النمو الاقتصادي الجديد المصادق عليه خلال السنة الماضية من طرف  مجلس الوزراء بما في ذلك الجانب المتعلق بالإصلاحات لتحسين مناخ الاستثمار و  عصرنة النظام الجبائي و البنوك العمومية و السوق المالية.

وسيتم تجسيد نموذج النمو الاقتصادي الجديد الذي سيمتد إلى أفق 2030 على ثلاث  مراحل تهدف الى تحقيق معدل نمو للناتج الداخلي الخام بـ5ر6 بالمائة سنويا خارج  المحروقات خلال الفترة الممتدة بين 2020 و 2030.

وستخصص المرحلة الأولى من النموذج (2016-2019) لبعث هذه السياسة التنموية  الجديدة  أما المرحلة الثانية (2020-2025) فستكون مرحلة انتقالية هدفها  "تدارك" الاقتصاد الوطني تليها مرحلة استقرار و توافق (2026-2030) حيث سيستنفذ  الاقتصاد في آخرها  قدراته الاستدراكية لتلتقي حينها مختلف متغيراته عند نقطة  التوازن.

كما يعتمد هذا النموذج الجديد على سياسة مجددة للميزانية مع تحسين الجباية  العادية وتجنيد الموارد المالية الاضافية من أجل مواجهة "أزمة أسعار النفط  التي طال أمدها" وذلك بتشجيع الاستثمار ذو القيمة المضافة العالية.

وترتكز هذه السياسة الخاصة بالميزانية على "تخفيض ملموس" في عجز الخزينة مع  آفاق 2019 وكذا تجنيد الموارد الإضافية في السوق المالية المحلية مثل القرض  السندي الذي تم إطلاقه في أبريل 2016.

أما بخصوص الاستثمارات فيهدف نموذج النمو الاقتصادي الجديد إلى تشجيع  الاستثمارات العمومية خاصة تلك الموجهة للبنى التحتية التي لها أثر إيجابي على  القدرات الانتاجية للبلد.

ويتعلق الامر كذلك بالاستثمار في القطاعات التي تتمتع بقيمة مضافة عالية مثل  الطاقات المتجددة و الصناعات الغذائية والخدمات إضافة إلى الاقتصاد الرقمي  والمعرفة والصناعات البعدية للمحروقات والمناجم.

كما يعتمد هذا النموذج الجديد على استئناف انتاج المحروقات وتحفيز استحداث  المؤسسات من خلال تحسين مناخ الاعمال وفتح قطاعات غير استراتيجية أمام  الاستثمارات الخاصة والعمومية إضافة إلى ترقية الصادرات خارج المحروقات.

ولدعم ديناميكية تحول الاقتصاد التي يسعى إليها النموذج الجديد  تم اصدار  قانون جديد للاستثمار قصد ضمان إطار تنظيمي ثابت وشفاف ومنسجم للمستثمرين   وترقية الاستثمارات الأجنبية المباشرة.  

كما خضع القانون الخاص بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة لجملة من التغييرات من  اجل دعم افضل لهذه الفئة من المؤسسات وكذا ترقية أرضية للمناولات.

إضافة إلى هذين الملفين التشريعيين  تم تعزيز جهاز دعم المؤسسات بنصوص  قانونية أخرى مثل قوانين التقييس والقياسة من أجل تحسين المنافسة بين المؤسسات  الجزائرية.

وجاءت قوانين المالية المصادق عليها في السنوات الاخيرة لتعزز هذا المسعى مثل  قانون المالية لسنة 2017 الذي أدرج تخفيفات وتحفيزات جبائية لصالح المؤسسات  والاستثمار بصفة عامة.

ويسعى هذا القانون إلى المساعدة في تمويل المؤسسات التي تواجه صعوبات مالية  من خلال إعادة جدولة ديونها الجبائية على مدى لا يتجاوز 36 شهرا.

من جهة أخرى  مدد القانون ذاته برنامج المطابقة الجبائية الطوعية إلى غاية 31  ديسمبر 2017 عوض 31 ديسمبر 2016. ويهدف  برنامج المطابقة الجبائية الطوعية  الذي تم إطلاقه ضمن قانون المالية التكميلي عام 2015 إلى تشجيع الاشخاص  الماديين الناشطين في القطاع الموازي على تحويل اموالهم نحو البنوك مقابل  ضريبة جزافية تقدر ب 7%.

الرئيس بوتفليقة يشدد على ضرورة ترشيد الميزانية و تفادي اللجوء الى الاستدانة  الخارجية

أعطى رئيس الجمهورية  السيد عبد العزيز  بوتفليقة تعليمات للحكومة بمواصلة تنفيذ سياسة ترشيد الميزانية  و الحفاظ على السيادة الاقتصادية للبلاد بتفادي اللجوء الى الاستدانة الخارجية  والتحكم أكثر في الواردات بهدف الحفاظ على احتياطات الصرف. 

ولدى تدخله بعد المصادقة على برنامج عمل الحكومة أكد السيد بوتفليقة أن "التحديات الكبرى" التي تفرضها أزمة النفط  تقتضي عدة  أعمال منها المتعلقة بالمالية.

و في هذا الصدد  أوصى بترشيد الميزانية وترقية التمويلات الداخلية غير  التقليدية و الحفاظ على السيادة الاقتصادية للبلاد بتفادي اللجوء إلى  الاستدانة الخارجية والتحكم أكثر في حجم الواردات بهدف الحفاظ على احتياطات  الصرف  حسبما جاء في بيان مجلس الوزراء.

و تم تبني سياسة ترشيد الميزانية سنة 2016 لتقويم المالية العمومية في  آفاق 2019 ومن ثمة شكل قانون المالية لسنة 2017  انطلاقة توجه مالي لسنوات  2017-2019 بهدف ضمان استقرار النفقات العمومية و الاستغلال الأمثل للموارد  العادية في إطار نموذج النمو الاقتصادي الجديد.

وبعد سنوات من الارتفاع المطرد للنفقات بفضل مداخيل قياسية للجباية النفطية   اختارت الحكومة عقب التراجع الكبير لأسعار الخام منذ يونيو 2014 ترشيد  الميزانية أي اعتماد براغماتية مالية.

وهكذا حددت الحكومة لسنوات 2017 و 2018 و 2019  هدفا مزدوجا يتمثل في ترشيد  و تسقيف النفقات عند نفس مستوى 2015 أي في حدود 7.000 مليار دج متوقعة    مرتقبة ارتفاعا سنويا بنسبة 11 بالمائة على الاقل من ناتج الجباية العادية.

و ينتظر أن يمنح هذا المسعى رؤية أوضح للسياسة المالية على المدى المتوسط  و توازن لميزانية الدولة للتمكن من مباشرة تنفيذ اجراءات ملموسة لتنويع  الاقتصاد انطلاقا من 2020.

ولكن في انتظار نتائج المقاربة الجديدة للميزانية وتعويض انخفاض مداخيل  النفط التي تزود أكبر جزء من ميزانية الدولة  دعا رئيس الجمهورية الحكومة إلى  "ترقية  التمويلات الداخلية غير التقليدية التي يمكن حشدها خلال سنوات  الانتقال المالي"  يضيف بيان مجلس الوزراء.

و كانت الحكومة قد أطلقت مبادرة أولى من نوعها سنة 2016 من خلال القرض  المستندي للنمو الاقتصادي والذي سمح للخزينة العمومية بتحصيل قرابة 570 مليار  دج من البنوك العمومية أساسا مما سمح بتغطية جزء من العجز المالي لسنة 2016.

و في إطار تعبئة التمويلات غير التقليدية فضلا عن الشراكة بين القطاعيين  العام و الخاص التي تراهن عليها الحكومة كذلك  فإنه ينبغي تفعيل بورصة الجزائر  من خلال إدراج شركات أخرى لاسيما الشركات العمومية و تفعيل سوق القرض  المستندي.

تفادي اللجوء الى الاستدانة الخارجية            

أما فيما يخص الاستدانة الخارجية, فقد أعطى رئيس الدولة تعليمات صارمة  للحكومة "بتفادي اللجوء الى الاستدانة الخارجية"  مؤكدا على ضرورة الحفاظ على  السيادة الاقتصادية للبلاد.

و كانت الجزائر قد لجات في 2016 الى طلب قرض بمبلغ 900 مليون أورو من البنك  الافريقي للتنمية التي هي أحد المساهمين فيه و ذلك من أجل تمويل برنامج دعم  التنافسية الصناعية و الطاقوية.

و يعتبر الدين الخارجي للبلاد خليا ضعيف جدا مما يعزز من القدرة على  التسديد  حيث بلغت قيمة هذا الدين 3.85 مليار دولار في نهاية 2016 اي ما يعادل  2.45 % من الناتج الداخلي الخام. 

كما اوصى الرئيس بوتفليقة من أجل الحفاظ على احتياطات الصرف ب "التحكم أكثر  في حجم الواردات من السلع و الخدمات".

في هذا الصدد كان الوزير الاول عبد المجيد تبون قد اكد مباشرة بعد تنصيبه  على راس الحكومة بان تخفيض الواردات يوجد في مقدمة اولويات قطاع التجارة.

و قد شرعت البلاد في انتهاج سياسة تقليص الواردات التي بلغت مستوى جد مرتفع  (اكثر من 60 مليار دولار) و ذلك من خلال ادخال رخص الاستيراد مما سمح بتخفيض  الواردات الى 46 مليار دولار سنة 2016.

اما نظام الرخص فقد تم إقراره منذ 2016 و شمل في المرحلة الاولى السيارات  و الاسمنت و حديد الخرسانة.

و في سنة 2017 فان الحصص الكمية لاستيراد المواد و السلع في اطار رخص  الاستيراد فتتعلق ب21 منتوجا صناعيا و فلاحيا و يتعلق الامر اساسا بالأخشاب و  الخزف و لحوم البقر الطازجة و المجمدة و الاجبان و الليمون الطازج و التفاح و  الموز و الشعير و الثوم و الذرى و فول الصويا و الفيتامين المعدنية المركزة و  الامونيا متعدد الفوسفات و كذا الطماطم مضاعفة التركيز.

و لا تهدف هذه القيود في مجال الاستيراد فقط الى تقليص فاتورة الاستيراد و  الحفاظ على احتياطات العملة الصعبة و انما ايضا لتشجيع استهلاك المنتجات  المحلية.

و قد بلغت احتياطات الجزائر من الصرف في ابريل الاخير حوالي 109 مليار  دولار مقابل 114.1 مليار دولار في نهاية 2016 و 144.13 مليار دولار في نهاية  2015 و 178.94 مليار دولار في نهاية 2014.

و بهذا المستوى من احتياطات الصرف مع نسبة منخفضة من الدين الخارجي فان  الوضعية المالية للبلاد تبقى متحكم فيها رغم الازمة مما يتطلب الحفاظ  عليها.

الرئيس بوتفليقة يدعو الى تثمين المحروقات و الطاقات المتجددة

كلف رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة الحكومة بالعمل على تثمين اكبر لكافة موارد البلاد و ثرواتها لاسيما  المحروقات  و الطاقات المتجددة.

و دعا رئيس الجمهورية لدى تدخله عقب المصادقة على برنامج عمل الحكومة خلال  مجلس الوزراء "الحكومة الى تثمين اكبر للموارد و الثروات التي  تزخر بها البلاد لاسيما المحروقات الاحفورية التقليدية و غير التقليدية و كذا  الطاقات المتجددة"  حسبما ورد في بيان مجلس الوزراء.

و بالفعل  تعتزم الجزائر تكثيف جهودها في مجال استكشاف المحروقات بغية  الاستجابة للحاجيات الطاقوية للسوق الداخلية و كذا تعزيز مكانتها كفاعل موثوق  في السوق الدولية.

و خلال السنوات الخمس المقبلة  سيشهد انتاج النفط منحى تصاعديا لبلوغ 75  مليون طن سنة 2017 و 2018 قبل الانتقال الى 77 مليون طن سنة 2019 و الاستقرار  في حدود  82 مليون طن سنة 2020.

و بالتالي  خصصت شركة سوناطراك ما بين 2015 و 2021 استثمارات سنوية تزيد عن 9  مليارات دولار لمشاريع الاستكشاف و الاستغلال التي سمحت نتائجها الاولى بتسجيل  ارتفاع في الانتاج منذ 2016 بعد عدة سنوات من التراجع.

و خلال سنة 2016  انتقل الانتاج الاولي للمحروقات من 196 مليون طن معادل  بترول مقابل 191 مليون طن معادل بترول سنة 2015 بينما بلغت الاحجام المسوقة  163 مليون طن معادل بترول منها 108 مليون موجهة للتصدير و 55 مليون طن معادل  بترول لتلبية الطلب في السوق المحلية.

و فيما يخص الغاز الطبيعي  فان الانتاج الوطني مدعو لبلوغ 3ر141 مليار متر  مكعب سنة 2017 ثم 144 مليار متر مكعب سنة 2018 و 150 مليار متر مكعب سنة 2019  و 165 مليار متر مكعب سنة 2020.

الى جانب الانتاج القبلي  يشهد المجمع النفطي إعادة انتشار أكبر نحو الانتاج  البعدي لقطاع المحروقات من خلال عدة مشاريع في مجالي التكرير و البتروكيمياء.

و في مجال التكرير  انطلقت سوناطراك في برنامج انجاز اربع مصانع للتكرير  بطاقة 5 ملايين طن لكل واحد منها بكل من حاسي مسعود و تيارت و سكيكدة و ارزيو.

و فيما يخص الاستغلال الامثل لمنتوجات مصنع التكرير بسكيكدة و تثمينها  تم  اطلاق مشروعين اخرين هما مركب تكسير زيت الوقود بقدرة 5ر4 مليون طن من اجل رفع  انتاج زيت الوقود و كذا مركبين لتحويل النافتا بقدرة 4ر3 مليون طن من اجل رفع  انتاج البنزين.

و في مجال البتروكيمياء  تجري شركة سوناطراك محادثات مع عدد من الشركاء  الدوليين التقنيين لإنجاز في إطار الشراكة خمس مشاريع بتروكيميائية.

و يتعلق الأمر بمشروع مركب تكسير الإيثان و غاز النفط المميع بطاقة واحد  مليون طن من الأثيلين  و مشروع مركب إزالة الهيدروجين عن البروبان و إنتاج  البوري بروبيلان (PDH PP) بطاقة  600.000 طن و مشروع مركب الميثانول و مشتقاته  بسعة واحد مليون طن. 

و يخص المشروعان الآخران مركب المطاط التركيبي و كذا مشروع مركب العجلات  بطاقة انتاج تقدر بـ 5 ملايين وحدة.

كما أطلق المجمع, في مجال البتروكيمياء دائما, ثلاثة مشاريع يتمثل الأول في  مشروع إعادة تهيئة وحدة الأثيلين لمركب البتروكيمياء بسكيكدة لإنتاج 120.000  طن من الأثيلين سنويا. و يتعلق الأمر أيضا بإنجاز مركب إنتاج ميثيل ثالثي  بوتيل الإيثر (MTBE) بطاقة 200.000 طن سنويا و مشروع مركب الألكيل الخطي بنزن  (LAB) بطاقة 100.000 طن سنويا.                                             

  الطاقات المتجددة : أولوية لتنويع الطاقة

إن البرنامج الوطني لتطوير الطاقات المتجددة الذي وضعته الحكومة ضمن  أولوياتها الوطنية بهدف الحفاظ على الموارد الأحفورية و ضمان ديمومة  الاستقلالية الطاقوية للبلاد م و تنويع مصادر الكهرباء, يتضمن أيضا إنتاج  22.000 ميغاواط من الكهرباء المتجددة في آفاق 2030 لتغطية السوق الداخلية  إضافة إلى 10.000 ميغاواط إضافية للتصدير.

كما أن التطوير الواسع النطاق للفولطية الضوئية و الطاقات المولدة بالرياح  سيرافقه على المدى المتوسط إنتاج الكهرباء انطلاقا من الطاقة الشمسية إضافة  إلى توليد الطاقة المشترك و الكتلة الحيوية و الطاقة الحرارية الأرضية.

و هكذا ينتظر أن تمثل الطاقات المتجددة 27 % من الإنتاج الإجمالي للكهرباء في  2030 و ضعف القدرة الحالية للحضيرة الوطنية لإنتاج الكهرباء.

و سيسمح هذا الهدف بتقليص أزيد من 9% من استهلاك الطاقة الأحفورية في آفاق  2030 و ادخار 240 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي أي 63 مليار دولار خلال 20  سنة.

وقد حقق القطاع لحد الآن 400 ميغاواط من انتاج الطاقات المتجددة عبر المحطة  الهجينة لتوليد الكهرباء بحاسي رمل (100 ميغاواط) و محطة الطاقة الشمسية  النموذجية بغرداية (1,1 ميغاواط)  إضافة إلى 22 محطة كهربائية شمسية بطاقة 343  ميغاواط عبر 14 ولاية.

كما سيتم إطلاق مناقصة وطنية و دولية لإنتاج 4.000 ميغاواط من الكهرباء  انطلاقا من مصادر الطاقة المتجددة مع دفتر شروط يلزم المستثمرين الوطنيين و  الأجانب بإنتاج و ضمان التركيب المحلي للتجهيزات الصناعية لإنتاج الطاقات  المتجددة و توزيعها لاسيما الصفائح الفولطية الضوئية.            

تطوير نظام التعليم والتكوين وتثمين البحث العلمي ضمن أوليات مخطط عمل الحكومة

تسعى الحكومة من خلال مشروع مخطط عملها الذي  تمت المصادقة عليه من قبل مجلس الوزراء برئاسة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة, إلى تطوير نظام التعليم  والتكوين وتثمين البحث العلمي وذلك بهدف ترقية العنصر البشري والاستفادة من  مخرجات هيئات التعليم العالي في تطوير الاقتصاد الوطني.

وتعتزم الحكومة تطوير نظام التعليم والتكوين الوطنيين وكذا الاستفادة من  البحث العلمي, سيما في ظل المكاسب المحققة في هذا المجال والتي تم تكريسها من  خلال جملة من الاجراءات والتدابير تضمنها دستور 2016.

وفي هذا الصدد, يطمح قطاع التربية الوطنية إلى توفير خدمة عمومية ترتكز على  النوعية والإنصاف لضمان تكافؤ الفرص بين جميع المتمدرسين بمن فيهم ذوي  الاحتياجات الخاصة من خلال مضاعفة عدد الاقسام الخاصة بهم مع التركيز على  تطوير التعليم الابتدائي لكونه أساسي لتعليم النشء.

ولهذا الغرض, تم تنفيذ جملة من الإجراءات البيداغوجية الرامية إلى الرفع من  المستوى الدراسي للتلاميذ, فضلا عن تعميم التعليم التحضيري على مستوى كافة  الولايات.

وفي سياق متصل, تعمل وزارة التربية الوطنية على توسيع تدريس اللغة الأمازيغية  على المستوى الوطني إلى جانب تحيين مضامين المناهج الدراسية للأطوار التعليمية  الثلاثة بشكل تدريجي وذلك من أجل بلوغ أهداف القطاع وعلى رأسها ضمان جودة  ونوعية التعليم والتربية.

ولتجسيد ذلك, تحرص الوزارة على ضمان التكوين المتواصل للأساتذة, وذلك تماشيا  مع المستجدات الحاصلة في هذا المجال, بالاضافة الى توفير الهياكل التعليمية  والخدمات اللازمة من أجل ضمان السير الحسن للتمدرس.

وفيما يتعلق بالتعليم العالي والبحث العلمي, فقد كرس دستور 2016 الحريات  الأكاديمية وحرية البحث العلمي وذلك في المادة 44 منه التي تنص على أن "حرية  الابتكار الفكري والفني والعلمي مضمونة للمواطن".

كما عزز الدستور قطاع البحث العلمي بإنشاء مجلس وطني يتولى مهمة ترقية البحث  العلمي في مجال الابتكار التكنولوجي والعلمي, فضلا عن اقتراح التدابير الكفيلة  بتنمية القدرات الوطنية في مجال البحث والتطوير.

كما يتكفل هذا المجلس بتقييم فعالية الأجهزة الوطنية المتخصصة في تثمين نتائج  البحث العلمي لفائدة الاقتصاد الوطني في إطار التنمية المستدامة.    

وفي ذات المنحى, تدعم القطاع بإنشاء الأكاديمية الجزائرية للعلوم  والتكنولوجيات التي تتشكل من 46 عضوا ستة منهم من الجالية الوطنية المقيمة  بالخارج تم انتقاؤهم من طرف لجنة تحكيم دولية من بين 364 مترشح جامعي يمثلون  مختلف التخصصات في العلوم و التكنولوجيا.

وقد أسندت لهذه الأكاديمية مهمة المساهمة في تطوير وترقية العلوم  والتكنولوجيات وتطبيقاتها وأداء دور الخبرة والاستشارة لمساعدة السلطات  العمومية على اتخاذ القرار في مجال الخيارات الاستراتيجية ذات الطابع العلمي  والتكنولوجي, إلى جانب دورها في تشجيع الثقافة العلمية عبر بث ونشر نتائج  البحث العلمي والتطوير التكنولوجي وكذا المشاركة في النقاش العلمي حول كبريات  القضايا العلمية الراهنة.

وفي ذات المسعى, تواصل السلطات العمومية برامجها الرامية إلى ضمان حق المواطن  في التعليم, ويتجلى ذلك في ارتفاع عدد المؤسسات الجامعية الذي بلغ حاليا 107  مؤسسة يدرس بها قرابة 5ر1 مليون طالب جامعي.

ويطمح قطاع التعليم العالي والبحث العلمي إلى تكييف منظومته القانونية مع  المستجدات الحاصلة, حيث يرمي القانون التوجيهي للبحث العلمي والتطوير  التكنولوجي إلى إدماج البحث العلمي في المجال الاقتصادي والاجتماعي من خلال  الاستفادة من نتائج البحث في تحقيق التنمية.

ويهدف هذا القانون أيضا إلى تحويل نتائج البحث والمعرفة من النطاق الأكاديمي  إلى العالم الاقتصادي والاجتماعي بعد تحديد مواضيع الأبحاث العلمية وفقا  للاحتياجات الوطنية.

وينص هذا القانون أيضا على آليات انتقاء البرامج الوطنية للبحث ذات الأولوية,  حيث تمنح الإمكانية لكافة الدوائر الوزارية لاقتراح ميادين أو محاور بحث  تعتبرها ذات أولوية وذلك عن طريق تنصيب لجان قطاعية دائمة.

وفي سياق متصل, تنظم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ندوات وطنية متخصصة  للنهوض بالقطاع من خلال عدة معايير منها تحيين مضامين المناهج الدراسية على  مستوى مؤسسات القطاع وكذا انتهاج أساليب عصرية في التسيير الإداري للجامعة.

من جانب آخر, تحرص السلطات العمومية على تطوير قطاع التكوين المهني من خلال  استحداث تخصصات جديدة مواكبة لمتطلبات سوق العمل وتعمل على التسيير العصري  لهذا المجال من خلال توظيف تكنولوجيات الإعلام والاتصال وكذا التكوين المستمر  للمكونين والإداريين.

الجانب الاجتماعي من أهم محاور مشروع مخطط عمل الحكومة

شكل الجانب الاجتماعي في شقه المتعلق بالحفاظ  على منظومة الضمان الاجتماعي والتقاعد وترقية التشغيل وتعزيز آليات التضامن  الوطني أحد المحاور الأساسية في مشروع مخطط الحكومة الذي تمت المصادقة عليه من  طرف مجلس الوزراء .

وقد استمع المجلس الى مداخلة قدمها الوزير الاول عبد المجيد تبون حول مشروع  مخطط عمل الحكومة الذي يندرج في اطار مواصلة تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية  ويتضمن عدة أهداف من بينها المحور الاجتماعي المتعلق بالحفاظ على منظومة  الضمان الاجتماعي والتقاعد وترقية التشغيل وتعزيز آليات التضامن الوطني.

يأتي هذا في الوقت الذي حققت فيه الجزائر انجازات هامة وسجلت تقدما ملحوظا في  مجال ترقية الحقوق والمكاسب الإجتماعية وتدعمت المنظومة الوطنية للحماية  الاجتماعية بإجراءات وتدابير تضمنها القانون الجديد المتعلق بالتعاضديات  الاجتماعية الذي سن التقاعد التكميلي لفائدة العمال المشتركين فيها, وهو ما  سيتيح لكل عامل مضاعفة دخله إثر إحالته على التقاعد.

وقد شهدت المعاشات ومنح التقاعد هي الاخرى تحسنا متواصلا نتيجة للزيادات  المطبقة في إطار القانون أو بصفة استثنائية وقدرت النسبة الإجمالية للزيادات  في معاشات المتقاعدين منذ 2010 وباحتساب سنة 2017 حوالي 60 بالمائة. وقدرت هذه  الزيادة سنة 2017 بنسبة 5ر2 بالمائة وشملت 8 ر2 مليون متقاعد.

من جهة أخرى, فان النفقات السنوية للصندوق الوطني للتقاعد تقدر ب 1.000 مليار  دج ويعتبر استرجاع التوازنات المالية للصندوق من بين الأهداف الرئيسية  والأولويات المسطرة في برنامج القطاع.

كما شهدت المنظومة الوطنية للضمان الاجتماعي عدة اجراءات في سبيل تعزيزها  بحيث تم اتخاذ جملة من التدابير للحفاظ على ديمومة صناديق الضمان الاجتماعي  وضمان توازنها المالي من بينها تلك المتعلقة بالإجراءات الاستثنائية المتخذة  في قانون المالية لسنة 2015 في شقها المتعلق بالضمان الاجتماعي بحيث سمحت هذه  الاجراءات للمستخدمين المنخرطين في الصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية  بتسوية وضعيتهم في مجال دفع الاشتراكات مع تسجيل منخرطين جدد الى جانب تشجيع  الاشخاص الذين ينشطون في السوق الموازية على التصريح بنشاطاتهم لتسوية  وضعيتهم.

وفي مجال ترقية التشغيل, وضعت الحكومة منذ سنة 2008 السياسة الوطنية لترقية  التشغيل ومكافحة البطالة من خلال إدراج أجهزة لدعم التشغيل وآليات لإنشاء  المؤسسات المصغرة بغية تسهيل ادماج الشباب في عالم الشغل وتشجيع اليد العاملة  الشبانية المؤهلة في العالم المقاولاتي للمساهمة في تنمية الاقتصاد الوطني  بتوجيه هذه المؤسسات المصغرة نحو القطاعات الاقتصادية المنشئة للثروة من بينها  الزراعة والصناعة والتكنولوجيات الحديثة والسياحة.

كما تم اعداد مشروع تمهيدي متعلق بقانون العمل الجديد بغية مواكبة وتكييف  عالم الشغل في الجزائر مع التطورات التي شهدها العالم في هذا المجال مع الحفاظ  على المكتسبات وعصرنة المرافق العمومية لتحسين الأداء.

وبخصوص سياسة التضامن الوطني الرامية الى تخفيف المعاناة والصعوبات التي  تعيشها بعض فئات المجتمع من بينها فئة المسنين وذوي الاحتياجات الخاصة, فقد تم  إصدار عدة قوانين واتخاذ جملة من التدابير لحماية وترقية هذه الشرائح  الاجتماعية مع السهر على تعزيز تدابير المرافقة والتكفل الموجهة  لفائدتها.

مشروع مخطط عمل الحكومة يركز على تعزيز الهوية الوطنية والحفاظ على الذاكرة

يركز مشروع مخطط عمل الحكومة الذي عرضه الوزير  الأول عبد المجيد تبون, أمام مجلس الوزراء, على تعزيز الهوية  الوطنية والحفاظ على الذاكرة, في إطار مواصلة تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية. 

وتضمن جدول أعمال مجلس الوزراء, استماع ومناقشة مشروع مخطط عمل الحكومة الذي أكد في محوره المتعلق  بإدارة الدولة, على ضرورة تعزيز الهوية الوطنية والحفاظ على الذاكرة,  باعتبارهما عاملين محوريين في الحفاظ على استقرار ووحدة البلاد.

وفي هذا الإطار, تولي الدولة الجزائرية اهتماما كبيرا لمسعى استكمال بناء  ركائز الهوية الوطنية وترقيتها, وتجسد ذلك بشكل واضح من خلال التعديل الدستوري  الأخير الذي قال عنه رئيس الجمهورية في خطاب سابق أنه "يتيح اليوم للجزائر خوض  شوط جديد على درب تعزيز الديمقراطية وترسيخ بناء ركائز الهوية الوطنية".

وقد تضمن هذا التعديل الدستوري, عناصر الهوية الوطنية بمكوناتها الثلاث  "الإسلام والبعد العربي والبعد الأمازيغي للجزائر", حيث يتجلى البعد العربي في  المادة 3 من الدستور التي تؤكد على مكانة اللغة العربية التي ستظل اللغة  الرسمية للدولة وكذا دسترة المجلس الأعلى للغة العربية المكلف بترقيتها وتعميم  استعمالها في الميادين العلمية والتكنلوجية والتشجيع على الترجمة إليها لهذه  الغاية.

بالإضافة إلى البعد الأمازيغي الذي سجل تقدما جديدا على مستوى المادة الثالثة  مكرر من الدستور, من خلال ترقية الأمازيغية إلى مكانة لغة وطنية ورسمية, وكذا  إنشاء أكاديمية لها تكون تحت إشراف رئيس الجمهورية مكلفة بترقيتها وتطويرها  بكل تنوعاتها اللسانية المستعملة عبر التراب الوطني وبتوفير الشروط المطلوبة  لهذه المكانة وذلك بمساهمة خبراء في هذا المجال.

ويشدد رئيس الجمهورية في كل مناسبة على ضرورة الحفاظ على هذه الركائز, وقد  وجه شهر مايو الماضي رسالة إلى الصحافيين الجزائريين بمناسبة إحياء اليوم  العالمي لحرية الصحافة, دعاهم فيها إلى "الإسهام في الحفاظ على الهوية الوطنية  الإسلامية العربية الأمازيغية ووضعها في مأمن من أي محاولة لتلويثها أو  استعمالها ضد الجزائر الواحدة الموحدة".

ومن جانب آخر, يهدف مشروع مخطط عمل الحكومة إلى الحفاظ على الذاكرة في إطار  تقوية الوحدة الوطنية من خلال تكريس "المكانة الخاصة لثورة أول نوفمبر 1954  المجيدة" وإبراز "قيمة ودور جيش التحرير الوطني إلى جانب جبهة التحرير  الوطني", حسب ما نص عليه التعديل الدستوري الأخير.

وفي رسالته إلى الشعب بمناسبة إحياء الذكرى الـ 62 لاندلاع ثورة أول نوفمبر  1954, أكد السيد عبد العزيز بوتفليقة وجوب ترسيخ ذكرى أول نوفمبر في الذاكرة  الوطنية لتذكر التضحيات الجسام التي قدمها الشعب الجزائري من أجل استرجاع  حريته واستقلاله وقال إن هذه الذكرى "من واجبنا أن نرسخها في ذاكرتنا الوطنية  ليس لزرع الحقد وإنما لكي لا ينسى أحد منا الثمن الذي دفعه شعبنا في سبيل أن  يعيش حرا مستقلا".

 

الجزائر, سياسة