مساهل يؤكد مساهمة المصالحة الوطنية في استتباب الأمن وإعادة بعث التنمية الاجتماعية والاقتصادية

أكد وزير الشؤون الخارجية عبد القادر مساهل، هذا الاثنين بالجزائر العاصمة، أن المصالحة الوطنية شكلت للجزائر "خيارا  ساهم في استتباب الأمن وإعادة بعث ديناميكية التنمية الاجتماعية والاقتصادية".

وقال مساهل لدى افتتاحه أشغال الورشة الدولية حول "دور المصالحة  الوطنية في الوقاية من التطرف العنيف والإرهاب ومكافحتهما" بقصر الأمم, أن ما  يبرر اختيار هذا الموضوع هو "أن المصالحة الوطنية شكلت بالنسبة للجزائر خيارا  ساهم بشكل حاسم في وقف إراقة الدماء والقضاء على التهديد الإرهابي الذي كان  يحدق بالبلاد وفي استتباب السلم والأمن وفي إعادة بعث ديناميكية التنمية  الاجتماعية والاقتصادية".

وأوضح الوزير أنه تم إدراج هذا اللقاء تحت شعار "تقاسم التجارب" لتأكيد حرص الجزائر من خلال المواضيع التي سيتم التطرق إليها على مدار يومين, على منح  فرصة الإطلاع على مختلف أبعاد هذه التجربة التي سمحت للجزائر بأن "تجد في قيم  أسلافها وفي عمقها البشري والثقافي وفي حكمة رئيسها وسماحة شعبها, الاستعداد  الأخلاقي والشجاعة والإرادة بما يسمح بوضع حد للمأساة التي عرفتها البلاد ولم  شمل أبنائها حول هدف وحيد..وهو بناء جزائر جمهورية ديمقراطية متمسكة بقيمها،  متسامحة، منفتحة على العالم ومواكبة للعصرنة".

وشدد على أن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة الذي "وضع سياسة الوئام  المدني والمصالحة الوطنية في مقدمة أولوياته وجعلها هدفا أساسيا لمسعاه منذ  انتخابه على رأس الدولة في 1999، ذكر مرارا أن المصالحة الوطنية ليست انسحابا  ولا هروبا بل هي خيار حضاري لشعبنا".

وقال مساهل أن المصالحة استندت إلى أربع ركائز، كان لها الدور الحاسم  في تهيئة ظروف نجاحها, وهي "احترام الدستور وقوانين الجمهورية وضرورة التضامن  الفعال للمجتمع الوطني برمته مع جميع ضحايا المأساة الوطنية دون استثناء  وتمييز"وكذا الإعتراف بدور مؤسسات الدولة ودور الوطنيين الذين "جنبوا البلاد  الوقوع في الفوضى التي خطط لها أعداء الشعب مع تمسك السلطات العمومية باحترام  قدسية الحياة البشرية حتى إزاء من تمت إدانتهم من طرف العدالة بسبب جرائم  تستدعي تطبيق حكم الإعدام بحقهم حيث تم اعتماد تعليق تنفيذ أحكام الإعدام سنة  1993 أي بعد أقل من سنة من ظهور العنف الإرهابي". 

وتتعلق الركيزة الرابعة بـ"منح الأشخاص الذين ضلوا سبيلهم فرصة العودة  لأحضان المجتمع الوطني"وهي عودة قال الوزير أنها ترتكز على "التوبة في ظل  احترام النظام الجمهوري"، مضيفا أنه على هذا النحو "تم إنقاذ آلاف الأرواح في  حين تمكن الآلاف الآخرون من الاندماج مجددا في المجتمع والعودة غلى الحياة  الطبيعية".

و تحدث وزير الشؤون الخارجية عن المبادئ الأساسية التي تولد  عنها "الانضمام القوي للشعب إلى سياسة المصالحة الوطنية" من خلال استفتاءين  أجريا سنتي 1999 و2005 بمبادرة من رئيس الجمهورية عبر فيهما الجزائريون عن"الرفض التام والقاطع للوقوع في فخ الفتنة والانقسام ونبذ العنف" وأضفت هذه المبادئ على المصالحة الوطنية "البعد الحضاري المشهود له والذي سمح للمجتمعات  والأفراد بالعيش سويا في ظل الانسجام والاحترام المتبادل وفي سلام وازدهار".

ومن بين السبل الحضارية التي "التزمت الجزائر بعزم على ترقيتها" ذكر ذات  المتحدث "الديمقراطية ودولة القانون واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية,  فضلا عن الحكامة الرشيدة والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص والحظوظ وتقدير  الجدارة والكفاءة".

وأضاف الوزير, أن إنجاح المصالحة الوطنية تطلب "تقبل البلاد لكامل التنوع  الذي تزخر به حتى تتمكن من فتح آفاق جديدة لمستقبل زاهر وحماية الأجيال  القادمة من خلال القضاء على بذور الكراهية والانتقام في قلوب اليتامى وضحايا  الإرهاب وتقبل عواقب التمزق بكل مسؤولية وسكينة, وأن يسلم الجميع بأن النظام  الجمهوري والديمقراطي والحقوق الدستورية وضمان الحريات العامة والفردية  واحترامها تشكل كلها القاعدة الثابتة للعقد الاجتماعي الكفيل بالحفاظ على  وحدة الأمة وتحقيق تطلعاتها نحو الرقي والإزدهار".

كما تطلب "رفض منطق التهميش والإقصاء والتشديد على أن الجزائر هي ملك لجميع  أبنائها وتحتاج لكل واحد منهم وتسعهم جميعا", حيث تتم على هذا الأساس "إعادة  بعث الحياة السياسية من خلال إعطاء دفع جديد يرتكز على الاحترام المتبادل  للقناعات والتنافس السلمي للأفكار والبرامج وضمان الحقوق الدستورية".

وذكر وزير الشؤون الخارجية, أن هذا اللقاء الدولي الرابع يأتي ضمن سلسلة من  اللقاءات التي بادرت بها الجزائر منذ 2015 وتناولت مختلف أبعاد مكافحة التطرف  العنيف والإرهاب, وتمحورت موضوعاتها حول سياسة القضاء على الراديكالية ودور  الانترنت والشبكات الاجتماعية وأخيرا حول الديمقراطية في مواجهة التطرف العنيف  والإرهاب.

المصدر: الإذاعة الجزائرية/وأج

الجزائر