الرئيس بوتفليقة: الثورة المجيدة "كانت وستبقى عروة وحدتنا الوطنية الوثقى"

أكد رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة  أن ثورة نوفمبر "كانت وستبقى عروة وحدتنا الوطنية الوثقى"، داعيا إلى "الحفاظ  عليها رصيدا يوحد كافة القوى السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنأي بمؤسسات  الدولة عن المزايدات والطموحات السياسوية" .

وقال رئيس الجمهورية في رسالة وجهها إلى الأمة بمناسبة الذكرى الثالثة  والستين لإحياء اندلاع ثورة أول نوفمبر المجيدة، ان "ثورة نوفمبر كانت وستبقى  بالتأكيد عروة وحدتنا الوطنية الوثقى"، مشددا على ضرورة "الحفاظ عليها رصيدا  يوحد كافة القوى السياسية والاقتصادية والاجتماعية كلـما تعلق الأمر بالجزائر  قبل كل شيء". 

وأبرز الرئيس بوتفليقة في رسالته ان ثورة نوفمبر "وديعة لدينا من واجب الجيل  الحالي أن يصونها أمانة للأجيال القادمة لتذكي بها نخوتها الوطنية على مر  الأزمان والدهور الآتية"، مشيدا بمحطة أول نوفمبر 1954 باعتبارها "أسيسة  تاريخنا الـمعاصر أشهر فيها الشعب الجزائري أمام العالـم وقبل ذلك أمام  الـمستعمر، عزمه على انتزاع سيادته وحريته أيّــا ما كان الثمن".

وأكد رئيس الجمهورية أن "الحفاظ على مكاسبنا في كنف تعددية الرؤى السياسية ، يقتضي منا أن نكون قادرين على التكتل في جبهة وطنية جامعة كلـما تعلق الأمر  بالجزائر وعلى الخصوص عند مواجهة التهديدات الخارجية".

وأضاف إن إحياء ذكرى اندلاع ثــورة نوفمـبر الـمجيدة وما يكرسه من تلاحم وطني  حول شهدائنا الأبرار"يدعونا إلى تقييم ما فعلنا بالاستقلال الوطــــني وإلى  التساؤل حول ما بقي علينا أن نقوم به خدمة للجزائر".

وبعد أن ذكر بالإنجازات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والدبلوماسية  للجزائر، أكد رئيس الجمهورية أن الجزائر "بقيت وفية لبيان أول نوفمبر1954 من  حيث هو نداء من أجل الحرية و الكرامة ونداء من أجل بناء جزائر ديمقراطية  واجتماعية في إطار مبادئ الإسلام كما هو نداء من أجل علاقات سلـم وتعاون بين  الشعوب الـمستقلة في إطار تقاسم الـمصالح".

و لا جدال --يضيف الرئيس بوتفليقة-- في أن "الديمقراطية التعددية وحرية  التعبير تشكلان اليوم واقعا ملـموسا، بل إننا نغض الطرف في هدوء عن بعض  التجاوزات وبعض الـمبالغات إدراكا منا بأن الشعب يراقب ويدليي في كل مرة  بحكمِه بكل سيادة".

ضرورة النأي بمؤسسة الجيش الوطني الشعبي عن المزايدات السياسوية

 إلى ذلك، أكد  رئيس الجمهورية في رسالته ان الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش  التحرير الوطني، "يتولى بكل حزم مهمته الدستورية في حماية حدودنا من خطر  الارهاب الدولي والجريمة العابرة للأوطان"، مشددا على أهمية "الإبقاء على هذه  الـمؤسسة الجمهورية في منأى عن الـمزايدات والطموحات السياسوية".

وأضاف يقول : "لقد ولى عهد الـمراحل الانتقالية في الجزائر التي ضحى عشرات  الآلاف من شهداء الواجب الوطني من أجل إنقاذ مؤسساتها السياسية وبات الوصول  إلى السلطة، من الآن فصاعدا، يتم عبر الـمواعيد الـمنصوص عليها في الدستور ومن  خلال سيادة الشعب الذي يفوضها عن طريق الانتخاب على أساس البرامج الـملـموسة  التي تعرض عليه".

وأوضح في ذات السياق أن "عود الجمهورية اشتد بفضل مؤسساتها الدستورية  الـمنتخبة التي تتجدد استحقاقاتها كل خمس سنوات في إطار قواعد شفافة موصول  تعهدها بالتحديث".

وبعد أن أكد رئيس الجمهورية أنه يجوز للشعب الجزائري أن يعتز بحصيلة نصف قرن  من الاستقلال، ذكر بالمأساة "الفظيعـــة والدموية" التي عاشتها الجزائر، مشيرا  الى أن تلك "الـمرحلة الوخيمة الـمؤلـمة تميزت بانبعاث الفضائــــل والقيم  الـموروثة عن ثورة نوفمبر الـمجيدة التي بفضلها انتصرنا على الإرهاب الهمجي  وبفضل ما نهلنا من مبادئ الإسلام السامية لكي نتجاوز آلامنا الـمشتركة  بالـمصالحة الوطنية ونلتقي في الوطن الذي يحتضننا وفي الدين الذي يوحد كلمتنا  وفي ظل سيادة قوانين جمهوريتنا التي تجمعنا".

وأبرز أنه "ما عدا هذه الصفحة الـمؤلـمة، فقد اتسم مسارنا بكل تأكيد بإنجازات  اقتصادية واجتماعية وسياسية ودبلوماسية لافتة"، مشيرا الى أن "الجزائر التي  أنهكتها سبع سنوات من الكفاح قد أعيد بناؤها. وها هو شعبنا الذي حرم من نور  العلـم حقبة فاقت القرن يرسل كل يوم 11 مليون من أبنائه إلى الـمدارس  والثانويات والجامعات.

وعوضت آلاف القرى التي دمرها الـمستعـمر منهـــــا ما  يقارب 4 ملايين وحدة ابتنيت منذ بداية القرن الجديد، حيث تحصي بلادنا اليوم  عشرات الآلاف من الـمؤسسات العمومية منها والخاصة وبالشــــراكة". 

 اعتزاز وتعزيز لكل مكونات الهوية الوطنية

وفي ذات السياق، أكد رئيس الجمهورية أن "هويتنا أصبحت أكثر من أي وقت مضى  الوعاء الجامع لوحدتنا الوطنية ولعبقريتنا الثقافية. فإلى جانب الـمكانة  الـمكينة التي يتبوأُهَا الإسلام في دستورنا و في قلوبنا و إلى جانب اللغة  العربية التي استرجعت في وقت مبكر مكانتها الشرعية من حيث هي لغة وطنية رسمية،   ها هي ذي اللغة الأمازيغية أصبحت هي الأخرى لغة وطنية و رسمية للجزائر التي  ستسعى من أجل مواصلة ترقيتها".

واعتبر أن الإسلام هو "ذلكم الـمكون الأساس من بين مكونات هويتنا الوطنية,  فهو دين الدولة التي تسهر عليه من بين ما تسهر عليه في إطار القانون،اتقاء  لأي رجوع إلى التطرف أو لـمحاولة سياسوية لاحتكار عقيدتنا وتسخيرها".

و بهذا --يستطرد الرئيس بوتفليقة-- فالجزائر التي "أسهمت أيما إسهام في نشر  الإسلام وحضارته الـمشعةِ عبر القارات، تريد اليوم أن تسهم بنموذجها الخصوصي  في عالـم متقلب في إبراز الصورة الحقيقية للإســــلام ،دين العلـم والتسامح  والتعايش".

واغتنم رئيس الجمهورية هذه المناسبة ليدعو الـمسؤولين في المنظومة التربوية  والتعليمية والتكوينية ورجال ونساء الأدب والثقافة والـمجاهدين الذين عايشوا  وصنعوا الكفاح التحرري الوطني، الى "كتابة تاريخنا والتعريف به وتعليمه لا  سيما ثورة نوفمبر الخالدة التي ستظل ملحمة ليست كالـملاحم، ملحمة بلا نظير"، مبرزا أنه "لا يكفي حصر تمجيد الكفاح التحرري الوطني في مناسبات معدودات، بل  يجب أن يدرج هذا التمجيد في صلب برامجنا التعليمية وانتاجنا الفني والثقافي  والإعلامي".

 وعلى الصعيد الدولي، استعرض الرئيس بوتفليقة في رسالته بعض اللـمحات عن ثورة  نوفمبر الـمجيدة التي "أضافها شعبنا إلى سابقاتها من الصفحات الـمشرقة التي  يزخر بها تاريخه الـممتد عبر آلاف السنين، تاريخه الـمرصع بإسهامات جلّى في  بناء الحضارة العالـمية، الحافل بصور التضامن على مر القرون مع أمم شريكة أو  حليفة أو شقيقة، الزاخر بالتصدي لضروب من الغزو الذي طال وطننا ولكنها تكسرت  جميعها بفعل مقاوماتنا الدؤوب الـمتواصلة"

وقال بهذا الخصوص أن "تضحيات شعبنا من أجل استقلاله كان لها أثرها على قضية  الشعوب الـمستعمرة الأخرى, حيث عجلت ثورتنا حصول شعوب شمال إفريقيا على  استقلالها، على غرار الشعبين التونسي والـمغربي اللذين ندين لهما بما كان لهما  من مؤازرة فاعلة لشعبنا الـمكافح".

وخلص الرئيس بوتفليقة الى القول أن الجزائر "ستبقى وفية لـمبادئها من حيث  التضامن مع الشعوب الشقيقة ومع القضايا العادلة عبر العالـم، كما تبقى عضوا  ناشطا ومسموع الكلمة ضمن الـمجموعة الدولية في خدمة السلــــــم والأمن في  العالـم وفاعلا في التعاون الإقليمي ومحاربة الإرهاب تحت إشراف الأمم  الـمتحدة".

بذل مجهودات أوفر و بلوغ نجاعة أوفى في المجال الاقتصادي   

 كما دعا رئيس الجمهورية إلى "بذل مجهودات أوفر و بلوغ نجاعة أوفى في الـميدان  الاقتصادي"، معربا عن ارتياحه " للاستعداد الذي أبداه العمال الجزائريين و كذا  رجال الأعمال المنضوون ضمن منظمات للمشاركة في هذه المعركة الاقتصادية التي  سييسرها بلا شك حوار الثلاثية."

وأضاف رئيس الجمهورية ان صيانة الارث الذي تركه شهداءنا الأبرار و على الخصوص سيادتنا الكاملة وخياراتنا الاجتماعية  من عدالة و تضامن تدعونا  اليوم أكثر من اي وقت مضى الى بذل مجهودات أوفر وبلوغ نجاعة أوفى في الميدان  الاقتصادي".

وتابع رئيس الجمهورية يقول " لقد تراجعت أسعار المحروقات خلال السنوات  الاخيرة بقدر بالغ و نحن مضطرون لمواصلة تنميتنا بمداخيلنا العمومية التي  تقلصت كثيرا بينما يسجل نمونا الديموغرافي ارتفاعا بالغا".

رغم ذلك - يضيف رئيس الجمهورية - فان " هذا الرهان لا يفوق امكانياتنا  الوطنية اذا ما اتفقنا جميعا على ما تتطلبه المعركة التنموية من سبل و وسائل".

في هذا السياق قال السيد بوتفليقة أن هذه السبل و الوسائل تتمثل في " تغليب  ايديولوجية مصلحة الوطن ومواطنيه حتى نثمن أكثر فأكثر امكاناتنا الجمة  الصناعية منها و الطاقوية و الفلاحية و السياحية  والمنجمية وغيرها ".

كما أبرز الرئيس بوتفليقة أهمية اعتبار " المؤسسة المنتجة عمومية كانت أم  خاصة أو بالشراكة ، أداة ثمينة لا غنى عنها لخلق مناصب الشغل و مصدرا للمداخيل  و الثروة التي تستفيد منها المجموعة الوطنية وأداة يتعين تطويرها عن طريق  الانتاجية و التنافسية". 

و دعا رئيس الجمهورية الى " تسريع  الإصلاحات الضرورية من أجل تحديث تسيير  الشؤون العمومية وتخليصه من المركزة وتحديث المحيط الاقتصادي بما فيه المالي والمضي قدما نحو التحكم في التكنولوجيات الجديدة".

كما اشار رئيس الجمهورية الى أن " الحكومة تولت تنفيذا لبرنامجي و تعليماتي،  مواصلة معركة التنمية الاقتصادية و تكريس العدالة الاجتماعية و صون السيادة  الاقتصادية ".

وفي هذا الصدد قال رئيس الجمهورية " اسجل ارتياحي للاستعداد الذي أبداع العمال  الجزائريين و كذا رجال الاعمال المنضوون  ضمن منظمات للمشاركة في هذه المعركة  الاقتصادية التي سييسرها بلا شك حوار الثلاثية". 

كما دعا الرئيس الطبقة السياسية أن " ترقي داخلها التوافقات حول  المسائل الاقتصادية و الاجتماعية من حيث هي المجال الأنسب للإجماع الوطني"

واضاف رئيس الجمهورية أن "بعض البلدان المتقدمة انتهجت هذا السبيل الذي  ستستفيد منه بدورها الجزائر و حتى الاحزاب السياسية ".

المصدر: الإذاعة الجزائرية/وأج

الجزائر, سياسة