مجلس الأمة صادق على مشروعي القانونين المتعلقين باختصاصات مجلس الدولة و تنظيم السجون

صادق أعضاء مجلس الأمة الوطني, هذا الأربعاء  بالإجماع, على مشروع القانون المتعلق باختصاصات مجلس الدولة وتنظيمه وعمله في  جلسة علنية ترأسها رئيس المجلس عبد القادر بن صالح بحضور وزير العدل حافظ  الأختام الطيب لوح, ووزير العلاقات مع البرلمان, الطاهر خاوة.

ويتضمن مشروع القانون العضوي المعدل والمتمم للقانون العضوي رقم 98-01 المؤرخ  في 30 مايو 1998 خمس مواد تنص في مجملها على ابداء رأي مجلس الدولة في مشاريع  الأوامر ومراجعة تشكيلته ذات الطابع الاستشاري في شكل لجنة استشارية تتولى  دراسة مشاريع القوانين ومشاريع الأوامر في الحالات الاستثنائية.

وستسمح هذه المراجعة القانونية بتكريس التدابير التي جاء بها الدستور, سيما  المادة 142 التي تخول لمجلس الدولة إبداء رأيه حول مشاريع الأوامر التي يصدرها  رئيس الجمهورية خلال فترة العطلة البرلمانية, وتنص على أنه "لرئيس الجمهورية  أن يشرع بأوامر في مسائل عاجلة في حالة شغور المجلس الشعبي الوطني أو خلال  العطلة البرلمانية  بعد رأي مجلس الدولة".

وأبقى التعديل الدستوري على الإصلاحات التي عرفتها المنظومة القضائية منذ  تبني نظام الازدواجية القضائية في دستور 1996, وذلك بموجب القانون رقم 16-01  الذي ينص على أن مجلس الدولة "يمثل الهيئة المقومة لأعمال الجهات القضائية  الإدارية".

ويعتبر مجلس الدولة, الذي أنشئ رسميا يوم 17 يونيو 1998, أعلى هيئة في نظام  القضاء الإداري, وأعضاؤه قضاة خاضعون للقانون الأساسي للقضاء, وبالإضافة إلى  وظيفته القضائية التي حددها القانون رقم 98/01, يضطلع المجلس بوظيفة استشارية  ويتمتع بعدة صلاحيات.

وتتمثل الوظيفة الاستشارية للمجلس في إبداء رأيه للحكومة حول جميع مشاريع  القوانين قبل عرضها على مجلس الوزراء, وبذلك تبوأت هذه الهيئة مكانة خاصة من  شأنها الإسهام في حماية الحقوق والحريات, من خلال السهر على تجانس وتكامل  النصوص ومدى تطابقها مع المحيط القانوني, وذلك بفحص جوانبها القانونية  الدستورية وصياغتها مع مراعاة تطابق القاعدة القانونية الوطنية مع المعاهدات  والاتفاقات الدولية التي صادقت عيلها الجزائر.

ومجلس الدولة هو أيضا جهة للقضاء الابتدائي إذ يختص بالفصل في دعاوى الإلغاء  والتفسير وتقدير المشروعية في القرارات الإدارية, وهو جهة استئناف للفصل في  الاستئنافات ضد القرارات الصادرة ابتدائيا عن الجهات القضائية الإدارية, وهو  جهة النقض للفصل في الطعون المرفوعة ضد القرارات الصادرة نهائيا عن الجهات  القضائية الإدارية.

ويتشكل المجلس من قضاة موزعين بين قضاة الجلوس وهم رئيس مجلس الدولة ونائبه  ومحافظ الدولة وكذا رؤساء الغرف وخمسة من مستشاري الدولة على الأقل يعينهم  رئيس الجمهورية ورئيس قسم يتمتع بنفس صلاحيات رئيس الغرفة.

من جهة أخرى, أكد التقرير التكميلي لجنة الشؤون القانونية والإدارية وحقوق  الإنسان والتنظيم المحلي وتهيئة الإقليم والتقسيم الإقليمي أن هذا المشروع من  شأنه "تعزيز المكاسب التي حققتها الجزائر في مجال تكريس دولة الحق  والقانون".

مشروع القانون المتضمن تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين 

كما صادق أعضاء مجلس الأمة, و بالإجماع,  على مشروع القانون المتضمن تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين  في جلسة علنية حضرها وزير العدل حافظ  الأختام, الطيب لوح, ووزير العلاقات مع البرلمان, الطاهر خاوة.

ويرمي هذا النص إلى تحديث السياسة العقابية الوطنية من خلال انتهاج نظام  الوضع تحت المراقبة الالكترونية الذي سبق إدراجه ضمن المنظومة القانونية سنة  2015 كبديل للحبس المؤقت, عن طريق حمل الشخص المحكوم عليه لسوار الكتروني يهدف  إلى السماح بمعرفة تواجده في مكان تحديد الإقامة المبين في مقرر الوضع الصادر  عن قاضي تطبيق العقوبات.

وفي هذا الصدد, يمكن لقاضي التحقيق أن يلجأ في إطار الرقابة القضائية إلى  المراقبة عن طريق السوار الإلكتروني عوض الإجراءات الأخرى المنصوص عليها في  قانون الإجراءات الجزائية للرقابة القضائية.

كما يهدف هذا المشروع إلى إعادة الإدماج الاجتماعي للمستفيد منه بقضاء عقوبته  أو ما تبقى منها خارج المؤسسة العقابية, وبالتالي التقليص من حالات العود إلى  الإجرام, إلى جانب تقليص مصاريف التكفل بالمحبوسين داخل المؤسسات العقابية  وتجنب الاكتظاظ بها.

وقد تضمن هذا النص شروط الاستفادة من هذا الإجراء, كما أوضح كيفيات الوضع تحت  المراقبة الإلكترونية وآليات متابعة ومراقبة تنفيذه, فضلا عن إبرازه لكيفيات  إلغائه والآثار المترتبة عن التنصل من هذه المراقبة.

ومن أهم ما ينص عليه مشروع القانون, توسيع نظام المراقبة الإلكترونية للمحكوم  عليهم إلى تكييف هذه العقوبة, حيث يرمي هذا الاجراء المتمثل في حمل المحكوم  عليه لسوار الكتروني يسمح بمعرفة تواجده بمكان الإقامة المحدد من طرف القاضي  إلى تمكين المعني من قضاء عقوبته أو جزء منها خارج المؤسسة العقابية وهذا في  ظل "احترام كرامة الشخص المعني وسلامته وحياته الخاصة" عند التنفيذ.

كما ينص على أن الوضع تحت الرقابة الالكترونية "يتم بمقرر لقاضي تطبيق  العقوبات تلقائيا أو بناء على طلب المحكوم عليه مباشرة أو عن طريق محاميه, في  حالة الإدانة بعقوبة سالبة للحرية لا تتجاوز مدتها ثلاث سنوات أو في حالة ما  إذا كانت العقوبة المتبقية للمحكوم عليه لا تتجاوز هذه المدة".

ولا يمكن اتخاذ هذا الإجراء "إلا بموافقة المحكوم عليه أو ممثله القانوني إذا  كان قاصرا و يشترط الوضع تحت المراقبة الالكترونية أن يكون الحكم نهائيا وأن  يثبت المعني مقر سكن أو إقامة ثابت وكذا ألا يضر حمل السوار الإلكتروني بصحته  وأن يكون المعني قد سدد مبالغ الغرامات المحكوم بها عليه".

ويشمل الإجراء أيضا الأخذ بعين الاعتبار, لدى تحديد الأوقات والأماكن التي  يتضمنها مقرر القاضي, ممارسة المحكوم عليه لنشاط مهني أو متابعته لدراسة أو  تكوين أو علاج أو تربص أو ممارسته لوظيفة.

وتتم متابعة ومراقبة تنفيذ هذا الإجراء, الذي يتم تحت إشراف قاضي تطبيق  العقوبات, من طرف المصالح الخارجية لإدارة السجون المكلفة بإعادة الإدماج  الاجتماعي للمحبوسين التي "يتعين عليها تبليغ القاضي فورا عن كل خرق لمواقيت  الوضع تحت المراقبة القضائية, وترسل له تقارير دورية" بهذا الخصوص.

ويجيز النص القانوني للقاضي إلغاء الاستفادة من هذا الإجراء "في حالة عدم  احترام المعني لالتزاماته أو في حالة إدانة جديدة أو بناء على طلب للمعني",  كما يجوز للنائب العام, إذا رأى أن الوضع تحت المراقبة الإلكترونية يؤثر سلبا  على الأمن والنظام العام, أن يطلب إلغاءه من لجنة تكييف العقوبة.

وفي حالة الإلغاء, ينفذ الشخص المعني بقية عقوبته داخل المؤسسة العقابية بعد  استقطاع المدة التي قضاها تحت المراقبة الإلكترونية. وفي حالة الإلغاء, ينفذ  الشخص المعني بقية عقوبته داخل المؤسسة العقابية بعد استقطاع المدة التي قضاها  تحت المراقبة الإلكترونية.

كما تطرق النص إلى ما يتعرض له المعني من عقوبات في حالة محاولته التنصل من  المراقبة الإلكترونية, خاصة من خلال نزع أو تعطيل السوار, وهو ما يعرضه إلى  العقوبات المقررة في جريمة الهروب المنصوص عليها في قانون العقوبات.

وبعد تطبيق هذا الإجراء, ستكون الجزائر أول دولة عربية وثاني دولة إفريقية  بعد جنوب إفريقيا تستخدم هذه الوسيلة القانونية العصرية إلى جانب الدول التي  تطبقه في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.

وفي ذات السياق , أكدت لجنة الشؤون القانونية والإدارية وحقوق الإنسان  والتنظيم المحلي وتهيئة الإقليم و التقسيم الإقليمي في تقريرها التكميلي أن  الأحكام الجديدة التي تضمنها نص المشروع تمثل "خطوة أخرى من شأنها تدعيم  السلطة القضائية وذلك تماشيا مع المساعي الرامية إلى إصلاح العدالة وحماية  حقوق وحريات المواطنين".

           

الجزائر