أويحيى: الندوة الوطنية للإجماع ستكون "غير مسبوقة" في تاريخ الجزائر

أكد الوزير الأول, أحمد أويحيى, هذا الاثنين بالجزائر العاصمة, أن الندوة الوطنية للإجماع التي تعهد رئيس الجمهورية, السيد عبد العزيز بوتفليقة, بتنظيمها في حال فوزه بعهدة رئاسية  جديدة, ستكون  "غير مسبوقة" في تاريخ الجزائر.  

وأوضح أويحيى, خلال عرضه لبيان السياسة العامة للحكومة أمام نواب  المجلس الشعبي الوطني, أن رئيس الجمهورية, في رسالة ترشحه للانتخابات الرئاسية  المقررة يوم 18 أبريل المقبل, أعلن عزمه في حال تزكيته من طرف الشعب الجزائري  لعهدة رئاسية جديدة على تنظيم ندوة وطنية للإجماع ستكون "غير مسبوقة في تاريخ  الجزائر", مضيفا أن هذه الندوة "مفتوحة للجميع لمناقشة كل ما يراد مناقشته  باستثناء الثوابت الوطنية والنظام الجمهوري للدولة".

وأشار أيضا إلى أن هذه الندوة ستكون فضاء للسياسيين والتنظيمات الاجتماعية  والاقتصادية وكذا ممثلي الشباب لتقديم مقترحاتهم "بغية صنع التغيير في البلاد  حتى من خلال اقتراح تعديل دستوري قد يكون جذريا".

و أردف قائلا: "نحن كلنا أبناء شعب واحد قد نتفق وقد نختلف, لكن كلنا أبناء  الجزائر التي عانت المأساة", مشددا على أنه "من حق الجزائر اليوم أن تعيش في  كنف السلم والاستقرار وألا يفقد الشعب الجزائري ثمار هذا الاستقرار الذي جاء  بفضل ارادته عندما أقر السلم والمصالحة الوطنية".

 الجزائر صمدت أمام الأزمة النفطية بفضل إجراءات داخلية اتخذت  بـ"كل سيادة"

أكد الوزير الأول, أحمد أويحيى أن الجزائر تمكنت من الصمود في وجه الأزمة النفطية التي تسببت في تقليص  مداخيلها بحوالي 70 بالمائة, وذلك بفضل مواردها المالية الخاصة و"إجراءات  داخلية اتخذت بكل سيادة".

وأوضح خلال عرضه لبيان السياسة العامة للحكومة أمام المجلس  الشعبي الوطني بأن الجزائر "تمكنت من الصمود أمام تدهور أسعار النفط منذ سنة  2014 , بمواردها المالية الخاصة ومن مواصلة مسارها التنموي, حتى وإن شهد نوعا  من التعطيل الظرفي الذي اجتزناه بفضل إجراءات مالية داخلية تم اتخاذها بكل  سيادة".

ولفت الوزير الأول إلى أنه في الوقت الذي واجهت فيه الجزائر هذه المرحلة بصمود، أدى تدهور أسعار الخام  في عدد من الدول المنتجة للنفط إلى ركود اقتصادي وإلى الاستدانة الخارجية وبرامج إعادة هيكلة.

كما قارن أويحيى صمود الجزائر في الأزمة النفطية الأخيرة بتلك التي عاشتها البلاد سنة  1986، والتي تسببت -كما قال- في "توقف التنمية في بلدنا تلته استدانة خارجية خانقة أدت إلى تعديل هيكلي أليم".

ويأتي هذا الصمود في مواجهة أزمة أسعار النفط مند 2014 بفضل التدابير المتخذة في السنوات التي سبقتها و التي ترمي إلى استرجاع الاستقلال المالي للبلاد.

وفي هذا الإطار، ذكر الوزير الأول بأبعاد القرارات المتخذة والمتعلقة بالتسديد المسبق للديون الخارجية ووضع حد للاستدانة وتوخي الحذر في تسيير احتياطي الصرف وكذا زيادة ادخار الخزينة العمومية.

ولدى استعراضه للتطورات التي عرفها الاقتصاد الوطني خلال السنوات العشرين الأخيرة, ذكر السيد أويحيى بحجم الانجازات المحققة والتي تعد بمثابة "إعادة بناء وطني حقيقية" والذي ينتظر أن تتواصل نتائجها في المستقبل القريب.

ففي المجال الفلاحي, بدأ برنامج الدعم العمومي "الهام" للاستثمارات وللمنتجات الاستراتيجية وكذا الري, يعطي نتائج "تبعث على الارتياح", يؤكد أويحيى, مشيرا إلى ان الجزائر بدأت تحد تدريجيا من تبعيتها في مجال انتاج اللحوم والحليب والحبوب وهو "التحدي" الذي سيرفع في السنوات المقبلة.

أما فيما يخص باقي المنتجات الفلاحية, شرعت الجزائر في تحقيق الاكتفاء الذاتي في عدة شعب مع تسجيل طاقات إنتاج إضافية موجهة للتصدير.

كما مكنت المزايا التحفيزية على المستويين الجبائي وشبه الجبائي في مجال الصناعة والخدمات  من تحقيق عشرات الآلاف من المشاريع لاسيما منها ذات الوطنية, حسب قول الوزير الأول.

وإلى جانب ذلك، اعتبر بأن "ثقة الشركاء الأجانب في الاستقرار السياسي والقانوني ببلدنا تتزايد أيضا مما جعل المشاريع المشتركة الكبرى تتضاعف سنة بعد سنة".

وكان عرض بيان السياسة العامة للحكومة فرصة لتسليط الضوء على "التقدم الملحوظ" الذي عرفه الاقتصاد الوطني  حيث لفت السيد اويحيى إلى ان معدل النمو خارج المحروقات بلغ 4 بالمائة في العام 2018.

كما ينتظر قطاع المحروقات الذي يخضع حاليا للتقويم -حسب أويحيى-  "مستقبلا واعدا, بفضل مراجعة القانون المتعلق به وتصدير الغاز الصخري وتطوير المنتجات البتروكيماوية".

واعتبر بأن السنوات الخمس الأخيرة كانت "ثرية بالإصلاحات وغنية بالإنجازات" حيث تميزت بحصيلة "هائلة" تم تحقيقها بالرغم من انهيار أسعار النفط منذ 2014.

وفي هذا الإطار، سجلت الوكالة الوطنية لدعم الاستثمار أكثر من 26 ألف مشروع بقيمة تتجاوز 8 آلاف مليار دج في الفترة الممتدة ما بين 2014 و2018، وفقا للأرقام التي عرضها الوزير الأول.

كما تم إحصاء 67 ألف مشروع فلاحي مدعم من طرف الدولة في هذه الفترة الخماسية  بقيمة إجمالية بلغت 351 مليار دج, يضيف أويحيى.

يضاف إلى ذلك عدد كبير من الانجازات الاقتصادية والاجتماعية من بينها  تسليم 1,2 مليون سكن وتوزيع شبكة الطرقات بأكثر من 3.500 كم.          

الرفع من التنافسية الاقتصادية من أهم التحديات المستقبلية للجزائر

وحول الآفاق المستقبلية للتنمية بالجزائر, اعتبر أويحيى أن رفع مستوى التنوع والتنافسية الاقتصاديين من أهم التحديات التي تواجه البلاد والتي تستدعي "مضاعفة جهود الإصلاحات والتحولات".

واوضح بهذا الخصوص بأن التحديات الداخلية للجزائر تتثمل أيضا في "بلوغ مستوى حقيقي من التنوع والمنافسة في المجال الاقتصادي, مستوى يسمح لنا بخلق حجم كاف من مناصب الشغل لتغطية حاجيات شبابنا واقتصاد متنوع وقوي يمد الدولة أيضا بالموارد المالية الكافية لضمان ديمومة سياستنا في مجال العدالة الاجتماعية والتضامن الوطني".

وتأتي هذه التحديات إلى جانب تلك المتعلقة بتبعات "التقدم المعتبر الذي عرفته البلاد وخاصة في مجال التنمية البشرية" و"بالطموحات المشروعة للأجيال الصاعدة", إضافة إلى التحديات الخارجية  التي تتضمن "التقلبات والمخاطر التي تحوم بالاقتصاد العالمي وخاصة تلك الرهانات التي تثقل آفاق السوق العالمية للطاقة", حسب الوزير الأول.

وأمام هذه التحديات -يضيف أويحيى- يتأكد "واجب مضاعفة الإصلاحات والتحولات" وهو ما يتطلب أيضا "العمل على تضافر مثمر لطاقاتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية في ظل احترام تعدد المشارب والمناهل".

ويجري تقديم  بيان السياسة العامة للحكومة  في جلسة علنية أمام الغرفة السفلى للبرلمان ، على أن تستمر المناقشة العامة إلى غاية يوم الأربعاء ، فيما برمج رد أويحيى على انشغالات النواب ظهر يوم الخميس 28 فيفري.

ويتوزع بيان السياسة العامة للحكومة على ستة فصول تتعلق بحصيلة الحكومة في مختلف القطاعات و خلاصة تتطرق إلى "فضائل الاستمرارية" والتي ستتضمن تقييما لحصيلة عمل الحكومة التي "تعكس تقدما معتبرا في نهج تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية"، و هو التقدم الذي "يبرز فضائل الاستمرارية، سواء تعلق الأمر بالاستمرارية في العهدة الحالية لفخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أو بالاستمرارية في مسار إعادة البناء الوطني الذي يشرف عليه رئيس الدولة".

و أرفقت وثيقة بيان السياسية العامة للحكومة بملحقات تلخص "الانجازات المحققة وبين سنتي 2017 و 2018 و الحصيلة الخماسية لسنوات (2014 و 2018 ) و المتميزة بـ "تقدم معتبر في مجال عصرنة الدولة" وهي الفترة "الغنية بالإنجازات رغم الظروف المالية الصعبة" ، علاوة على نتائج الفترة الممتدة من 1999 إلى 2018.

ويتعلق الفصل الأول من بيان السياسة العامة للحكومة بـ"تحسين الحكامة و تعزيز دولة القانون" و الذي يتفرع بدوره إلى  أربعة أقسام هي: "عصرنة الحكامة الإقليمية والعلاقات مع المواطنين" و رقمنة الإدارة العمومية و مواصلة عصرنة الحكامة المالية و إصلاح العدالة و عصرنتها.

أما الفصل الثاني المتعلق بالنشاط الاقتصادي فيشمل عدة أقسام تتصل بـقطاعات الفلاحة و التنمية الريفية و الصيد البحري و الصناعة و المناجم و الطاقة و السياحة و الصناعة التقليدية و كذا قطاع التجارة.

ويتوزع الفصل الثالث المتعلق بـتعزيز المنشآت التحتية القاعدية و الخدمات للمواطنين إلى ثلاثة أقسام تتمحور حول قطاع الأشغال العمومية و النقل و تطوير الموارد المائية و عصرنة المواصلات السلكية و اللاسلكية، في حين سيستعرض الوزير الأول في الفصل الرابع التقدم المحقق في مجال التنمية البشرية و في مجال البيئة و السكن و العمران و الجهود المبذولة في قطاع التربية الوطنية و التعليم العالي و البحث العلمي و التعليم و التكوين المهنيين و قطاع الصحة.

أما الفصل الخامس و المتعلق بـالتنمية الاجتماعية و الثقافية فيتوزع على سبعة أقسام تتصل بـالتضامن الوطني والأسرة و قضايا المرأة و مجال العمل والحماية الاجتماعية و التكفل بالمجاهدين و ذوي الحقوق وترقية الذاكرة و التكفل بالشباب و الرياضة والشؤون الدينية و أيضا الاتصال و الثقافة.

ويخص الفصل السادس "الجالية الوطنية بالمهجر و السياسة الأجنبية و الدفاع الوطني" والذي يتوزع إلى ثلاثة أقسام تتعلق بالتكفل بالجالية الوطنية بالمهجر و "سياسة خارجية هجومية" و "سياسة دفاع فعالة".

الجزائر, سياسة