البروفيسور في علم الإجتماع حنطابلي للإذاعة: حراك "الجزائر" يتجاوز الأطر التقليدية ويتناغم مع الفلسفة السياسية العالمية الجديدة

قدم يوسف حنطابلي البروفيسور في علم الإجتماع نظرة سوسيولوجية للحراك  الذي تعرفه الجزائر منذ 22 فيفري الماضي عبر مسيرات حاشدة شهدتها أغلب ولايات الوطن.

وقال حنطابلي في برنامج "ضيف الصباح" للقناة الأولى، الخميس، إن "ما تعيشه الجزائر حاليا يدخل ضمن حركة الشعوب الدائمة و المتواصلة التي تحتاج دوما لقراءة سوسيولوجية"، مشيرا إلى أنه " في كل مرحلة تاريخية نحضر لتشكل وعي يحتاج لوسائل تعبير".

أضاف " حاليا نعيش لحظة فارقة في تاريخ المجتمع أو الشعب الجزائري عامة، تمثل تتويجا لمسيرة من التحولات والتغيرات منذ الاستقلال تأخذ عدة أبعاد وتوجهات، ومست مستويات مختلفة من حياتنا اليومية. ويمكن اختصارا أن نقول إننا نحضر لحظة إعادة نظر وتهيئة لمجال فضائنا العام الذي أًصبح وسيلة تعبير لكل التيارات الإجتماعية".

ويستطرد البروفيسور في علم الإجتماع يوسف حنطابلي أن "هذا الحراك يجعلنا نحضر لحظة لإعادة النظر في الحياة الفلسفية للمجتمع الجزائري أو بمعنى آخر إعادة النظر في الفعل السياسي بحكم أنه فعل يعبر عن مستويات إجتماعية وثقافية"، مبرزا الفارق بين الثقافة التقليدية للفعل السياسي التي تتسم -حسبه-  بالتراتبية، والثقافة الحديثة أو الثقافة الرقمية التي أصحبت تمنح لكل شخص حرية الحضور والتعبير الحر والوجود الفكري والسياسي من خلال علاقات تواصلية لا تعرف معنى للتراتبية السياسية، على حد تعبيره.

و حول هذه النقطة أوضح ضيف القناة الأولى أن الأحزاب السياسية تجاوزتها هذه الأحداث لأنها كانت تنتظم في فعلها السياسي وفق أطر تقليدية لم تعد تتناسب مع ثقافة الشباب اليوم حيث لا يوجد زعيم سياسي ولا عنوان. فالفعل السياسي أخذ بعدا أفقيا تفاعليا جعل الحراك يأخذ صورة مخالفة لما عهدناه في السابق.   

وفي قراءته للشعارات التي رفعت خلال هذا الحراك الذي شهدته أغلب ولايات الوطن، رأى البروفيسور في علم الإجتماع يوسف حنطابلي أن هذه الشعارات كان لديها هدف سياسي واضح يتمثل في تغيير وجه النظام السياسي الموجود منذ مدة معينة، " لكن نشعر أن هذه الشعارات تعبر عن رفض كل الأطر السياسية الحالية بما فيها أحزاب المعارضة. بعبارة أخرى هي شعارات تحاول تجاوز "الباراديغم" أو منظومة الفلسفة السياسية التي كانت سائدة طيلة ثلاثين أو أربعين سنة، وهي منظومة تجاوزها الزمن سواء من قبل السلطة السياسية أو أحزاب المعارضة. وهنا يجب التنويه أن هذا المسعى هو مسعى عالمي، فقد شاهدنا في بعض دول الغرب أن الأحزاب السياسية التقليدية بدأت تتراجع وحتى تتلاشى، وبالتالي فإن المجتمع الجزائري دخل في تناغم كبير مع الفلسفة السياسية العالمية الجديدة التي لا تؤمن بالأطر التقليدية وتعبر عن ذاتها من خلال وسائل التواصل الإجتماعي" يضيف المتحدث.

ويعتقد حنطابلي أن هذا الحراك الذي تشهده الجزائر " يتجاوز السياسي وربما سيتجاوز حتى الإجتماعي" وأنه " سيؤدي إلى إعادة تشكل الطبقة السياسية و ربما إعادة تحيين بعض الوجوه السياسية، وأيضا إعادة التأسيس لثقافة جديدة تأخذ عدة أوجه سواء على مستوى التصور أو الممارسة أو العلاقات الإجتماعية والفضاء العام".

وأتم :"  الشيء اللافت في هذا الحراك أنه بقدر تناغمه مع الفلسفة السياسية العالمية الجديدة، فقد أضاف شيئا جديدا لما عرفته المجتمعات العربية في السنوات العشرة الأخيرة بلمسة جزائرية خالصة تتجاوز الأطر التي أدت إلى بعض الإنزلاقات التي عرفتها بعض دول العالم العربي".

الجزائر