الشيخ محمد قابورة المستغانمي .. رمز نابض ومآثر راسخة

توفي هذا السبت ببلدية بوقيرات (ولاية  مستغانم) الفقيه والواعظ الشيخ محمد قابورة المجاهري المستغانمي عن عمر يناهز  69 سنة حسبما ما علم من عائلة الفقيد.

ودرس الشيخ قابورة وتتلمذ على يد العديد من العلماء والمشايخ ومن بينهم شيخ  الزاوية السنوسية في الجزائر الشيخ سيدي محمد بن تكوك المعروف بالعالم  (1888-1979) بالعرعار (جنوب مستغانم) والشيخ أحمد عتبة ابن العلامة الشيخ عتبة  الجيلاني بن عبد الحكم العطافي (1881-1964) الذي لازمه لمدة 3سنوات بمدينة  مستغانم وأخذ منه الإجازة العلمية ومن الشيخ أحمد حماني (1915-1998).

وعرف الفقيد الذي ولد سنة 1950 ببوقيرات بعصاميته وبحبه للعلم والوعظ وبملكة  الحفظ التي حباه الله بها فقد كان مكتبة متنقلة تجد بين دفاتها العديد من كتب  الفقه والأصول على غرار "مختصر خليل" و"حاشية الدسوقي" و"جمع الجوامع" للسيوطي  والصحاح كالبخاري والترميذي ومختلف المنظومات العلمية كالألفية والأجرومية  التي كان يحفظها عن ظهر قلب.

وعمل الشيخ قابورة إماما إلى غاية تقاعده وواصل العمل الديني والدعوي بعد ذلك  بمسجد الشيخ محمد بن علي السنوسي (1787-1859) ببوقيرات كما كون العديد من  الأئمة وطلبة العلم الذين دأبوا على زيارته من مختلف ولايات الغرب الجزائري  لتلقي دروس الفقه والأصول والمنطق والنحو وكانوا يتجاوزون مئتي طالب علم في  بعض الأحيان.

وتحتفظ ذاكرة حاضرة مستغانم بعطاءات رموز كبار، على منوال المفتي السابق للديار المستغانمية، فضيلة الشيخ عبد القادر بن قارة مصطفى الشريف الحسني (1862 – 14 فيفري 1956)، وهو من سلالة سيدي عفيف بمستغانم، وكان الشيخ عبد القادر بن قارة عالما مصلحًا وأحد أشهر حفظة القرآن الكريم في وقته، كما أحسن النهل من علوم الدين كالتفسير والحديث والفقه، مثلما نبغ في تعلّم النحو والصرف على مدار ثلاث سنوات بمدينة غليزان، قبل أن يسافر إلى قصر البخاري وتلمسان ووهران في رحلات علمية مكّنته من الاحتكاك بالعلماء العربي بلقاسم والمدني والعكرمي، إضافة إلى سيدي أحمد المختار والطاهر بن عمار والأخضر بن ميموني، والشيخ العربي الفجيجي الذي تلقى عنه علوم النحو والصرف والعروض، لينتهي به المطاف مدرّسًا بالجامع الأعظم لمدينة مستغانم. 

وعلى مدار مساره العلمي الحافل، ترك الشيخ بن قارة آثار ثمينة، أبرزها: منظومة "قرّة الأعيان في أدب تلاوة القرآن"، حتمية الأنوار المحمدية النبهانية مختصر المواهب اللدنية السلطانية"،" نيل الأمان في شرح عقد الجمان لنظم فتح الرحمن" وهو شرح لأصل "عقد الجمان النفيس في تراجم علماء غريس " لمؤلفه سيدي عبد الرحمن التوجيني الذي قام بنظمه القاضي شعيب التلمساني، و"رسالة مطولة في صفحات أربع كبيرة"، إضافة إلى مخطوطي "رسالة في جواز إعطاء الزكاة لآل البيت"، و"إرشاد الخلق إلى الحق"، و"رسائل في فنون متنوعة من توحيد وفقه وإرشاد ونحو وصرف". 

وإلى جانب الشيخ بن قارة، برز الشيخ العلاّمة محمد قابورة المستغانمي (1950 – 08 جوان 2019)، واشتهر الشيخ بملكة الحفظ، حتى سُمي "المكتبة المتنقلة"، حيث كان متمكّنًا من أمهّات كتب الفقه والأصول مثل "مختصر خليل"، "حاشية الدسوقي"، "جمع الجوامع" للسيوطي و"الصحاح" للبخاري والترمذي، ناهيك عن إحاطته حفظًا بكبرى المنظومات العلمية على غرار الألفية والأجرومية.

وتتلمذ الشيخ قابورة على أيادي العلماء الأفذاذ بينهم الشيخ سيدي محمد بن تكوك (1888-1979)، والشيخ أحمد عتبة الجيلاني العطافي (1881-1964)، فضلاً عن الشيخ أحمد حماني (1915-1998).

وأسهم الشيخ قابورة بقسط وافر في تكوين أجيال من الأئمة والمدرّسين في الفقه والأصول والمنطق والنحو، قبل أن تفيض روحه في الثامن جوان 2019، تاركًا وراءه أثرًا راسخًا. 

وتحتفظ الذاكرة باسم مفتي الديار المستغانمية الشيخ العلاّمة الجيلالي بلمهدي (1936 – 29 ماي 2019) الذي بدأ باكرًا رحلة تلقي العلوم الدينية في مسقط رأسه ثمّ مدينة فاس بالمغرب التي نال بها عدّة إجازات علمية.

وكرّس الشيخ بلمهدي حياته لتعليم القرآن الكريم ومختلف علوم الدين، لا سيما الفقه والتفسير، إضافة إلى اجتهاده في تقديم الدروس والمواعظ بالمسجد العتيق الواقع في حي "مونبليزير" (محمد جبلي) الذي ظلّ محجًا لطلاّب العلم، كما قدّم عدة برامج إذاعية بينها "فتاوى على المباشر"، "ويستفتونك في الدين" و"أحكام الصيام"، قبل أن تفيض روح الشيخ الجيلالي بلمهدي يوم الأربعاء 29 ماي 2019 بمسقط رأسه مستغانم. 

رابــح هوادف 

ثقافة وفنون