البروفيسورلخضر معقال للإذاعة: الحراك الشعبي أعاد النظر في تكوين النخب بطريقة جديدة

اعتبر الباحث في فلسفة اللسان وسوسيولوجية النخب البروفيسور محمد لخضر معقال أن رفع صور الشيخ عبدالحميد بن باديس والشهيد محمد العربي بن مهيدي في حراك الجزائر يحمل رمزية ودلالة خاصتين، مضيفا أن هذا الحراك أعاد النظر في تكوين النخب بطريقة جديدة.

في تفسيره لظاهرة حراك النخب الجزائرية ومحطاتها التاريخية،  أوضح البروفيسور الجامعي معقال خلال نزوله ضيفا على برنامج "ضيف الصباح" للقناة الأولى"، اليوم الإثنين، أن  الجركة الوطنية التي قادها مصالي الحاج كانت ثورية ولم تكن نخبوية لأنها كانت تفتقر للنظرية الثورية وفكرة التمركز والتكوين ، مضيفا أن النواة الثانية لهذه النخبة مثلها فرحات عباس الذي روج لأفكار الحرية والتقدم والديمقراطية.

وأشار معقال إلى أن النواة الثالثة لهذه النخب كانت تمثلها جمعية العلماء الملسمين (تأسست في 1931 )  التي كانت –حسبه- تختلف عن النواتين الأخريين بامتلاكها خاصية هامة وهي أنها كانت نخبوية و تمتلك برنامجا يحمل رصيدا تاريخيا بفضل المؤرخ الكبير مبارك الميلي الذي وضع أول كتاب عن تاريخ الجزائر القديم والحديث، وجهابذة الفكر التقدمي كتوفيق المدني الذي كان مولعا بأفكار شكيب أرسلان ومتفتحا على الثورة الروسية. 

ورأى أن هذه النخبة اهتمت بظاهرة لم تهتم بها النواتان الأخريان، وهي تدريس وإعطاء الإمكانيات لقراءة وفهم الواقع عبر شبكة المدارس التي خلقت نسيجا وطنيا لأول مرة وتقديم أفكار جديدة داخل الحضارة العربية الإسلامية

وأوضح المتدخل أن أبرز ما كان يعيق هذه النخبة التي مثلت جمعية العلماء المسلمين هو نشوئها في وسط استعماري قلص من حقوقها ولم يمنحها الفرصة أو يسمح لها بالترويج لأفكارها الجديدة.

و قال ضيف القناة الأولى إن عودة ظهور الشيخ بن باديس وجمعية العلماء في الحراك الشعبي للجزائر منذ انطلاقته في 22 فيفري، بعد أن اختفت الحركة الإصلاحية ككل في الخمسينات والستينات وتدخل السلطة لاستغلالها أحيانا في الثلاثين سنة الأخيرة، إن هذه العودة الرمزية تجعلنا نتساءل: هل فعلا التاريخ يعيد نفسه؟ صحيح أن التاريخ لا يعيد نفسه لكن هذا الظهور المفاجيء يعطي إشارة مهمة يجب الإنتباه لها.

أضاف أن الرمز الثاني الذي ظهر مع الشيخ بن باديس في مسيرات الحراك الشعبي هو الشهيد العربي بن مهيدي، وهو ما دفعني -يقول- للتساؤل: لماذ بن مهيدي بالذات وليس كريم بلقاسم  مثلا رغم أنه من مجموعة الستة التي فجرت الثورة، أو ليس محمد بوضياف الذي اغتيل كرئيس للجمهورية، أو حتى بن بولعيد الذي يعترف له بأنه الأب الحقيقي للثورة الجزائرية، أو ديدوش مراد أو رابح بيطاط؟

يجيب معقال : نظرتي أن بن مهيدي كان العضو الوحيد من مجموعة الستة الذي تمدرس بمدارس جمعية العلماء المسلمين. كما أنه كان صلة وصل بين أول نوفمبر 1954 ومؤتمر الصومام الذي طالته الكثير من القراءات التحريفية خصوصا ضد عبان رمضان، لكن بن مهيدي كان صلة وصل بين الثوار وهذا المؤتمر ، وهنا لا يمكن أن ننسى مقولته الشهيرة "ارموا بالثورة للشارع يحتضنها الشعب".

وعدد البروفيسور الجامعي محمد لخضر معقال أبرز  محطات النخب الجزائرية منذ الإستقلال معتبرا أن خطاب بومدين في الولايات الأمريكية عام 1974 أثبت أن الجزائر تمتلك كفاءات ونخب دولية وعزز موقف النخب الجزائرية وتكاثر بحاشيته وخدمه، مضيفا أن  "  بومدين كان لديه برنامجا وطنيا تكونت بفضله نخبة ذات طابع وطني ودولي. أقول هذا الكلام رغم أني كنت معارضا له".

وأشار إلى أن حراك 1980 حمل في البداية مطالب جديدة تخص الديمقراطية و الحرية لكنها انحرفت لاحقا، رغم أن أبرز ما في هذا الحراك هو تنبؤه بكسر الحزب العتيد.

واعتبر معقال أن دستور 1996 رافق تطور حراك للنخب الجزائرية، مؤكدا أنه أول دستور يتبنى قضية المواطنة والديمقراطية واحترام الحريات رغم أنه وضع من قبل الجيش برئاسة اليمين زروال، مشيرا إلى أنه قدم طمأنة للنخب التي كانت في حالة هروب للخارج بعد أن اغتيل الكثير منها.

وأضاف أن النحب التي نشأت في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات شهدت تجنيد طاقات مضطهدة لكنها كانت مسيرة ومؤطرة من طرف إطارات من داخل جبهة التحرير الوطني على غرار عباسي مدني، مضيفا أن الحراك الإسلاماوي، كما الحركة الوطنية في العشرينيات من القران الماضي، في التسعينات كان يفتقر للنظرية الثورية، مضيفا أن حراك 22 فيفري أعاد النظر في تكوين النخب الجزائرية بطريقة جديدة.

المصدر: موقع الإذاعة الجزائرية - عياش سنوسي

الجزائر