المفكر بوزيد بومدين للإذاعة: الحراك الشعبي خسر عدة أشياء بعد اختطافه من قيادات أخرى

يرى المفكر بوزيد بومدين أن مخاض تسعة أشهر من الحراك الشعبي أنتج "مولودا" تشوه بالوهم والصراع الإيديولوجي والشعارات المتطرفة، وخسر عدة أشياء مهمة رغم نجاحه في إسقاط أوثان كثيرة إلا وثن.. الوهم.

وفي التفاصيل.. اعتبر الباحث والبروفيسور  بوزيد بومدين في قراءته لواقع الحراك الشعبي في برنامج "ضيف الصباح" للقناة الأولى، اليوم الأربعاء، أنه " بعد 9  أشهر من الحراك الشعبي تولدت عدة أسئلة تزامنا مع الجمعة والأيام المقبلة: هل يكون هناك مولود أم يجهض؟ وإذا ولد فهل يولد ولادة سليمة؟ بعضهم يرى هذا الميلاد انتخابا ولو غير متكامل، بينما يرى البعض الأخر أن المولود لن يكون -لا قدر الله-".

وأضاف :"  ففي كل الحالات نحن أمام حمل كان فيه الوهم والإيديولوجية والصراع حاضرا، ربما ما كنا نأمل أن نتحول إلى تغيير في القيم والأفكار والروح والأمل، لكن أن يكون التغيير نحو مزيد من الكراهية بين الفئات والنخب الجزائرية وقراءة محرفة للتاريخ وإعادة الصراع العرقي واللغوي. أعتقد أن هذا الوضع لا يلائم ما يشهده تاريخ البشرية عندما يتم الانتقال من مرحلة لأخرى بل يلائم ما يعرف بالإنتكاسات والنكوص في الحركات الجماهيرية والثورات في العالم".

و رأى ضيف القناة الأولى أن الأشهر الأولى من الحراك الشعبي كانت حالمة لم يكن فيها للتلوث الإيديولوجي حضور، بل كان فيها –يقول- التوافق كبيرا مع مؤسسة الجيش التي كانت ولا تزال مرافقة للحراك. لكن في الأشهر التالية –يضيف- وقع الانهيار ما أدى إلى خسارة الحراك لأشياء مهمة.

وحسب المتحدث فقد خسر الحراك أن تكون له قيادة قوية ومفاوضة لأنه اختطف من قيادات وزعامات أخرى لم تفلح في سنوات سابقة، فاستغلت الوضع لتنصب نفسها كقيادة. كما خسر –يضيف- أن يكون جامعا ومؤلفا لكل الجزائريين وتوجه نحو تلوث إيديولوجي وشعارات مفرقة. فهذا يدعو إلى علمانية متطرفة والآخر يدعو إلى باديسية نوفمبرية لا تصاحبه حمولة معرفية واجتهادية لكنها شعارية.

و رغم هذه الخسائر، إلا أن الحراك–يضيف- كان ناجحا بإسقاطه بعض الأوثان والأصنام، لكنه لم يسقط صنما واحدا وهو الوهم.. " فقد توهم الجزائريون في لحظة معينة أنه يمكن أن يتم الإنتقال لمرحلة ديمقراطية، وهذا غير ممكن لأن طبيعة الأنظمة لا يمكن أن تستسلم كلية " يضيف المتحدث.

ويعتقد ضيف القناة الأولى أن التغيير الحقيقي ليس عملية سهلة وبسيطة، بل يأخذ أولا عملية تغيير الإنسان والقيم لأن الجزائريين عاشوا يتما سياسيا وثقافيا وتاريخيا لأن الإنسان في العمل السياسي مثل الطفل اليتيم الذي يحتاج لعطف وحنان غيره، مضيفا أن التغيير الحقيقي يتم من خلال الإنتقال بمدونات تشريعية وقانونية جديدة وخطاب إعلامي جديد قوي وآليات سياسية جديدة.

كما تحدث المفكر بوزيد بومدين عن تحول النخبة إلى ما أسماها بنخبة موظفة وموظفة بعد أن قضي عليها النظام كما قضي على الطبقة السياسية. للأسف نحن لم ننتج ولم نسمح بظهور مراكز البحث إنما مكاتب دراسات فقط ولا تمول من الخارج ولا تبرم صفقات أو مناقصات مع الخارج. النخبة في الجزائر  باتت مشلولة وواهمة أحيانا، والدليل عندما دعاها قائد أركان الجيش للتحرك، كان رد فعلهم أن تحركوا من أجل وضع جماعات وكونوا مبادرات عبارة عن نوادي ومجموعات كأنهم أرادوا أن يحلوا محل الأحزاب، وهذا خطأ لأن المثقف لا يمكنه أن يحل محل رجل السياسة، فالمثقف أو المفكر هو الذي يستشرف المستقبل بشرط أن لا يخاف وألا يكون إنتهازيا أيضا.

المصدر: موقع الإذاعة الجزائرية - عياش سنوسي

الجزائر