عرقاب يؤكد ضرورة الاستكشاف الاستعجالي لاحتياطات نفطية و غازية جديدة

أوضح وزير الطاقة، محمد عرقاب هذا الثلاثاء خلال عرضه لمشروع قانون المحروقات على المجلس الشعبي الوطني أن استكشاف احتياطات بترولية و غازية جديدة أصبح ضرورة ملحة ومستعجلة بالنسبة للجزائر و هو ما يتطلب إطارا قانونيا ملائما.

وخلال جلسة علنية ترأسها سليمان شنين رئيس المجلس و حضرها وزير العلاقات مع البرلمان, فتحي خويل, ذكر عرقاب أن اقتراح هذا النص الجديد يرمي إلى العودة للمكانة الدولية المرموقة التي عرفتها الجزائر في سوق الطاقة العالمية خلال التسعينيات بفضل المزايا التي كان يمنحها قانون المحروقات لسنة 1986 لسوناطراك وشركائها.

وقد تم في إطار قانون 86-14، يضيف الوزير, التوقيع على أكثر من 83 عقدا منها 20 عقدا لا تزال سارية المفعول إلى اليوم.

وبعد تعديل هذا القانون سنة 1991، واصلت الجزائر جاذبيتها للمستثمرين الأجانب حيث تمكنت من استقطاب 30 شريكا أجنبيا وقعت معهم سوناطراك 50 عقدا في البحث و الإنتاج لا زالت سارية المفعول.

وأوضح الوزير انه منذ سنة 2005، التي عرفت تعديل قانون المحروقات، تراجع عدد العقود الجديدة في البحث و الاستغلال المبرمة في إطار الشراكة, مضيفا انه من بين 67 كتلة وضعت للمنافسة منذ سنة 2008 لم تتلق الجزائر سوى 19 عرضا للشراكة سمحت بإبرام 13 عقدا فقط.

وما يجعل مشروع قانون المحروقات الجديد "ضرورة", حسب عرقاب، هو تراجع نشاط الاستكشاف النفطي في البلاد في ظل عدم قدرة سوناطراك على تحمل الأعباء الضخمة لهذا النشاط و في الوقت الذي يعرف فيه الطلب الداخلي على الطاقة ارتفاعا غير مسبوق و يعرف فيه السوق الأوربي منافسة شرسة يفرضها كبار المنتجين.

وفي هذا السياق, ذكر عرقاب أن الجزائر قد استنفدت حوالي 60 بالمائة من احتياطاتها التقليدية الأولية من المحروقات.

واعتبر أن نفور الشركات الأجنبية من الاستثمار في نشاط الاستكشاف النفطي بالجزائر أدى إلى انتقل الاستثمارات السنوية المتوسطة التي تتحملها سوناطراك في مجال البحث و الاستكشاف من 370 مليون دولار ما بين سنوات 2000 و 2009 إلى 67ر1 مليار دولار ما بين 2010 و 2016.

واستطرد انه من أجل مواجهة هذه الوضعية الحرجة و التي تقد تعرض الجزائر لأزمة طاقوية في حدود 2025-2030، بفعل اختلال كبير بين العرض و الطلب، جاء مشروع قانون المحروقات الجديد بإجراءات قانونية و مؤسساتية و جبائية جديدة تهدف لضمان الانفتاح على الشراكة الأجنبية التي تجلب معها الإمكانيات المالية والتكنولوجية من جهة و تقوية و تعزيز شركة سوناطراك من جهة أخرى.

اشتراط مصادقة مجلس الوزراء على جميع عقود الشراكة
ولدى تطرقه لتفاصيل أحكام القانون، أوضح عرقاب أن النظام القانوني المقترح يضمن ممارسة نشاطات المنبع بمرونة اكبر من خلال اعتماد أشكال تعاقدية مختلفة منها عقد "امتياز المنبع" الذي يمنح سوناطراك دون غيرها حق الامتياز لممارسة نشاط المنبع.

كما يقترح مشروع القانون إدراج ثلاث أصناف أخرى لعقود الشراكة و منها عقد تقاسم الإنتاج بين سوناطراك و شركائها حيث يتم في حال انجاز اكتشاف نفطي منح جزء من الإنتاج لا يتجاوز 49 بالمائة للشركاء لتعويضهم على تكاليف الاستكشاف مع منحهم مكافأة تخضع للضريبة.

كما تتضمن "عقد الخدمات ذات المخاطر" و "عقد المشاركة" الذي تشارك فيه سوناطراك بـ 51 بالمائة على الأقل.

وأكد الوزير أن كل أشكال هذه العقود تعرض وجوبا على مجلس الوزراء قبل توقيعها.

وبخصوص الجانب المؤسساتي، أوضح الوزير أن النص المقترح يحافظ على النمط الحالي المتمثل في الوزارة و وكالة "النفط" و سلطة ضبط المحروقات مع إدخال تعديلات لجعل ممارسة الأنشطة اقل تقييدا و تعزيز رقابة الوكالات و تعزيز الهيئات التي تشكلها خاصة مجلس المراقبة.

وبخصوص الجانب الجبائي، يقترح مشروع القانون مراجعته و جعله أكثر تنافسية، حسب الوزير.

ويتشكل النظام الجبائي المقترح فرض إتاوة على المحروقات بنسبة 10 بالمائة و ضريبة على دخل المحروقات تتراوح نسبتها بين 10 إلى 50 بالمائة حسب نجاعة المشروع و ضريبة على الناتج ب 30 بالمائة و ضريبة على مكافأة الشريك المتعاقد الأجنبي بنسبة 30 بالمائة من المكافأة الخام.

وفي مجال المحروقات غير التقليدية و استكشاف في عرض البحر (الأوفشور), التي تبين الدراسات وجودها بمكانيات واعدة بالجزائر، يسمح مشروع القانون بالاستفادة من النسبة المخفضة للإتاوة على المحروقات دون أن تقل عن 5 بالمائة و من النسبة المخفضة للضريبة على دخل المحروقات التي تسقف بـ 20 بالمائة.

وقد خصص مشروع القانون فصلا كاملا لحماية البيئة و الصحة فيما يخص استغلال المحروقات غير التقليدية و هو ما يشكل، حسب عرقاب، " التزاما قويا تجاه المواطنين" إضافة التي تخصيص أحكام إلزامية باللجوء إلى الشركات الجزائرية لإنجاز الأشغال و المشاريع و توظيف إطارات جزائرية لاستغلال المنشات البترولية و الغازية.
وبخصوص مسألة السيادة الوطنية، أكد أن مشروع القانون "يحافظ بقوة على مصالح الدولة" من خلال عرض كل العقود على مجلس الوزراء و منح ملكية السندات المنجمية للدولة حصريا لوكالة "النفط" (المادة 2) و التأكيد على أن الدستور ينص على أن المحروقات المكتشفة و غير المكتشفة تبقى ملكا للمجموعة الوطنية تتكفل الدولة بتسييرها من منظور التنمية المستدامة (المادة 5 من مشروع القانون).

وأوضح الوزير في الأخير أن النص المقترح يتضمن رسالتين مهمتين، الأولى الى المجموعة الوطنية من خلال التأكيد على أن الهدف الرئيسي هو زيادة الاستثمارات وخلق مناصب شغل و رفع مداخيل الدولة و تلبية الطلب الداخلي على الطاقة و بالتالي تحسين ظروف الحياة و الثانية الى المجموعة الدولية للتأكيد على أن الشراكة كانت دائما خيارا استراتيجيا لتطوير صناعة البترول و الغاز في الجزائر .

وخلال كلمة مختصرة ألقاها قبيل عرض الوزير، أوضح السيد شنين أن "عهد الولاءات قد ولى و حل محله عهد الكفاءات و أن عهد الشعبوية و محاولة الحفاظ على المصالح الآنية و الظرفية و الشخصية على حساب المصالح الوطنية العليا قد ولى", مضيفا أن مناقشة مشروع القانون من طرف النواب ستتم "دون مزايدات أو اتهامات متبادلة".

وكانت لجنة الشؤون الاقتصادية للمجلس الشعبي الوطني قد قامت باستجواب العديد من الخبراء و الجامعيين والمتعاملين و إطارات من قطاع الطاقة في إطار فحصها لمشروع القانون المنظم لنشاطات المحروقات ، كما نظمت وزارة الطاقة عدة  لقاءات مع خبراء جزائريين ودوليين من اجل شرح فحوى مشروع  القانون الجديد  .

وينتظر أن يشكل مشروع القانون المنظم لنشاطات المحروقات اطارا تنظيميا جديدا يهدف الى تحفيز الاستثمار في القطاع دون المساس بالمصلحة الوطنية في ظرف يتسم بقلة الموارد المالية و بالمنافسة الشرسة.

ويرى الخبير الاقتصادي   الاستاذ  كمال  رزيق أن "الاصلاحات المتضمنة في مشروع  القانون  ضرورية لان الوضع الحالي يهدد ما يسمى الامن الطاقوي بالجزائر فان لم تتخذ الاجراءات المستعجلة  سنواجه اشكالية في آفاق 2030 تتعلق بتساوي حجم استهلاكنا مع حجم انتاجنا " .

من جانبه قدر المحلل الاقتصادي عبد الرحمان عية أن تعديل القانون في الظروف السياسية  الحالية قد يعطي نتائج عكسية  وقال في هذا الخصوص " القانون في الوقت الحالي والنظرة غير الشاملة لصانع هذا  القرار قد لا يساهم في رفع المداخيل ورفع الانتاج الوطني للاستجابة لاحتياجات الطلب الداخلي  "

هذا  ويتوقع كمال رزيق عدم اجراء تعديلات في مشروع القانون وقال في الخصوص "اعتقد انه سيتم المصادقة عليه دون ان يتم احداث أي تعديل  لان 70 بالمائة من التحفيزات الضريبية كانت موجودة في النص السابق  اما فيما يتعلق بالضمانات فانني اعتقد ان القانون اعطى الضمانات الكافية  " .

ويتضمن مشروع القانون 238 مادة حيث يحدد الاطار المؤسساتي و النظام القانوني و الاجراءات الجبائية التي سيتم اعتمادها في مجال نشاطات المنبع و كذا حقوق و واجبات كل المتدخلين الممارسين لنشاطات في مجال المحروقات.

وفي مجال النظام المؤسساتي  يحدد مشروع القانون  ثلاثة صيغ لإبرام العقود في مجال المحروقات تتمثل في عقد المشاركة و عقد تقاسم الانتاج و عقد الخدمات ذات المخاطر و ذلك تحفيزا للاستثمارات الأجنبية .

وبغرض إبرام عقد المحروقات تمنح الوكالة الوطنية لتثمين موارد المحروقات بواسطة قرار الاسناد الحق للأطراف المتعاقدة في ممارسة نشاطات البحث او الاستغلال على مساحة معينة " كما يتم إبرام عقد المحروقات من قبل الأطراف المتعاقدة على إثر اعلان المنافسة المنظم من طرف الوكالة الوطنية لتثمين موارد المحروقات.

ولجذب استثمارات أجنبية جديدة في قطاع المحروقات تم تقديم حوافز في مشروع هذا القانون لتبسيط جميع الاجراءات الادارية و التشغيلية لممارسة الأنشطة النفطية و لخفض الوقت و التكاليف التي قد تعوق التشغيل السلس لهذه النشطة و توفر عائد استثمار مقبولا للشريك الأجنبي يمكن مقارنته بالعائد الذي تقدمه الدول المنافسة"، تبرز ذات الوثيقة.

الابقاء على قاعدة 49/51 بالمائة

كما تشكل تلبية احتياجات السوق الوطنية من المحروقات أولوية تؤمن من خلالها المؤسسة الوطنية (سوناطراك) تموين السوق الوطنية، حسبما جاء في مضمون مشروع القانون التمهيدي المنظم لنشاطات المحروقات.

في هذا الصدد يشير المشروع الى أنه "بإمكان الوكالة الوطنية لتثمين موارد المحروقات أن تطلب من الشريك المتعاقد المساهمة في تلبية احتياجات السوق الوطنية من المحروقات" كما يمكن أن "يتم التنازل للمؤسسة الوطنية عن كميات المحروقات المقتطعة كمساهمة من الشريك المتعاقد".

ويخضع نص المشروع نشاطات المحروقات لرقابة صارمة كما تم تحديد العقوبات المتعلقة بها في فصل كامل تضمنه مشروع القانون التمهيدي المنظم لنشاطات المحروقات تخص الأفعال و الأساليب المستخدمة لتنفيذ هذه النشاطات على مختلف الأصعدة .

كما يحافظ مشروع القانون على القاعدة (49/51 بالمئة) المنظمة للاستثمار الاجنبي الأجنبي بالجزائر،  حيث تنص المادة 92 انه "تحدد حصة المؤسسة الوطنية في عقد المشاركة ب51 بالمائة على الأقل" الى جانب دعم حق الشفاعة لصالح الطرف الجزائري.

وحسب المادة 98 فإنه "باستثناء الاحالة لفائدة هيئة منتسبة فتتمتع المؤسسة الوطنية بحق الشفعة بمناسبة أية عملية إحالة المصالح في إطار عقد المحروقات حيث يمكن ان تمارس المؤسسة الوطنية هذا الحق في أجل لا يتعدى 60 يوما ابتداء من تاريخ استلام نسخة طالب الاحالة التي تبلغها الوكالة الوطنية لتثمين موارد المحروقات.

وأضافت ذات المادة انه يمارس حق الشفعة في ظل نفس الشروط و الكيفيات التي صيغت فيها الاحالة المقترحة.

وفي حالة عدم احترام هذا الأجل تعتبر المؤسسة الوطنية قد تنازلت عن حقها في الشفعة".

وأبرزت ذات المادة انه "تخضع كل إحالة للموافقة المسبقة من قبل الوكالة الوطنية لتثمين موارد المحروقات في أجل 90 يوما ابتداء من استلام طلب الاحالة بصفة خاصة .
و يمكن للوكالة ظان تلجأ إلى خدمات أو أي خبير بتمتع بالكفاءات اللازمة لمرافقتها في دراسة الاحالة المعروضة عليها.

 المصدر : موقع الاذاعة الجزائرية

الجزائر