رئيس الجمهورية: الجزائر تحتاج إلى ترتيب الأولويات "تفاديا لمآلات مجهولة العواقب"

أكد رئيس الجمهورية, عبد المجيد تبون, هذا الخميس, "تحتاج في هذه الأوقات الحساسة إلى ترتيب الأولويات تفاديا لمآلات مجهولة العواقب", مشيرا إلى أن الدولة "ستكون مصغية للتطلعات العميقة والمشروعة للشعب نحو التغيير الجذري لنمط الحكم".

وقال السيد تبون, في خطاب له بعد أدائه لليمين الدستورية أن "الجزائر اليوم تحتاج في هذه الأوقات الحساسة إلى ترتيب الأولويات تفاديا لمآلات مجهولة العواقب وبناء عليه كنت قد أعلنت أن الدولة ستكون مصغية للتطلعات العميقة والمشروعة لشعبنا نحو التغيير الجذري لنمط الحكم والتمكين لعهد الجديد قوامه احترام المبادئ الديمقراطية ودولة القانون والعدالة الاجتماعية وحقوق الانسان".

و اضاف أن "الأوضاع التي تمر بها البلاد تفرض علينا أكثر من أي وقت مضى أن نحسن حوكمتنا بمعالجة نقاط الضعف لبلدنا وإيجاد الظروف اللازمة لإعادة بعث النمو الاقتصادي وضمان إعادة النهوض ببلدنا وإرجاعها لمكانتها بين الأمم".

و أوضح السيد تبون أنه لرفع هذه التحديات "يتوجب علينا أن نتجاوز معا وبسرعة الوضع السياسي الراهن للخوض في القضايا الجوهرية للبلاد عبر انتهاج استراتيجية شاملة مبنية على رؤية سياسية واضحة تهدف الى استعادة الشعب لثقته في دولته والالتفاف حولها بغية ضمان استقرارها ومستقبلها", مشيرا إلى أن هذه الاستراتيجية "تهدف الى استعادة هيبة الدولة من خلال الاستمرار في مكافحة الفساد وسياسة اللاعقاب وممارسات التوزيع العشوائي للريع البترولي".

 "طي صفحة الخلافات ووضع اليد في اليد من أجل بناء جمهورية جديدة"

ودعا رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون, إلى "طي صفحة الخلافات والتشتت والتفرقة" وإلى "وضع اليد في اليد من أجل بناء جمهورية جديدة قوية ومهيبة الجانب", مؤكدا أن "جزائر اليوم تحتاج إلى ترتيب الأولويات تفاديا لمآلات مجهولة العواقب".

وحث السيد تبون في أول خطاب له للأمة, عقب أدائه اليمين الدستورية بقصر الأمم, الجزائريين على "طي صفحة الخلافات والتشتت والتفرقة التي هي عوامل الهدم والتدمير", مضيفا أن "الله عز وجل قد أمرنا بنبذ الخلاف والتنازع حتى لا تنفشل وتذهب ريحنا", وأكد بالقول "إننا جميعا جزائريون ليس فينا من هو أفضل من الآخر إلا بقدر ما يقدمه من عمل خالص للجزائر".

وأوضح رئيس الجمهورية في هذا الصدد, "إننا اليوم ملزمون جميعا أينما كنا وأينما وجدنا ومهما تباينت مشاربنا الثقافية والسياسية, بوضع اليد في اليد من أجل تحقيق حلم الآباء والأجداد وتحقيق حلم شباب الحاضر وأجيال المستقبل, في بناء جمهورية جديدة قوية مهيبة الجانب, مستقرة ومزدهرة, مسترشدين في ذلك ببيان ثورة نوفمبر الذي كلما انحرفنا عنه إلا وأصابتنا عوامل التفرقة والتشتت والضعف والهوان".

وأكد الرئيس تبون, أن العمل السياسي الذي يعتمده "يستمد روحه من مبادئ ثورة أول نوفمبر التي هي مصدر إلهامنا وعزمنا والمرجع الثابت لكل السياسات التي ننتهجها والمتطلعة إلى جزائر جديدة ومنيعة تتحقق فيها بإرادة الشعب, دولة المؤسسات ويعلو فيها الحق والقانون وتتبوأ فيها كفاءات من الشباب مواقع المسؤولية لتحقيق الوثبة النوعية المبتغاة على درب النهضة الشاملة".

وشدد رئيس الجمهورية, على أن "جزائر اليوم تحتاج في هذه الأوقات الحساسة, إلى ترتيب الأولويات, تفاديا لمآلات مجهولة العواقب", مشيرا إلى إعلانه سابقا أن "الدولة ستكون مصغية للتطلعات العميقة والمشروعة للشعب نحو التغيير الجذري لنمط الحكم والتمكين لعهد جديد قوامه احترام المبادئ الديمقراطية ودولة القانون والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان".

وفي ذات السياق, أبرز السيد تبون أن الشعب الجزائري "لبى نداء الواجب الوطني يوم 12 ديسمبر الماضي وأعاد الجزائر إلى سكة الشرعية الدستورية والشرعية الشعبية التي لم يطعن فيها", معتبرا أن "النجاح الكبير للاستحقاق الرئاسي هو ثمرة من ثمار الحراك الشعبي المبارك الذي بادر به الشعب عندما استشعر أنه لابد من وثبة وطنية لوقف انهيار الدولة ومؤسساتها".

وعبر السيد الرئيس عن شكره للمواطنين الذين "أسهموا في نجاح المسار الديمقراطي الحر والشفاف وعلى وضعهم الثقة في شخصه", منوها بـ"المجهودات الجبارة للسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات التي تمكنت في ظرف وجيز من كسب الرهان وتنظيم انتخابات نزيهة وشفافة", كما تقدم بالشكر للمترشحين الآخرين خلال الرئاسيات.

استراتيجية شاملة لتجاوز الوضع السياسي الراهن واستعادة ثقة الشعب

 ولدى حديثه عن الوضع الراهن, أكد رئيس الجمهورية, أن "الأوضاع التي تمر بها البلاد تفرض علينا أكثر من أي وقت مضى أن نحصن حوكمتنا لمعالجة نقاط الضعف ببلدنا, وخلق الظروف اللازمة لإعادة بعث النمو الاقتصادي وضمان إعادة النهوض ببلدنا وإرجاعها لمكانتها بين الأمم والتي لكم تكن لتنصرف عنها أبدا".

وقصد التصدي لهذه التحديات, شدد السيد تبون على ضرورة "تجاوز معا وبسرعة الوضع السياسي الراهن للخوض في القضايا الجوهرية للبلاد عبر انتهاج استراتيجية شاملة, مبنية على رؤية سياسية واضحة تهدف لاستعادة ثقة الشعب في دولته والالتفاف حولها بغية ضمان استقرارها ومستقبلها".

وتهدف هذه الاستراتيجية -حسب السيد الرئيس-, إلى "استعادة هيبة الدولة من خلال الاستمرار في مكافحة منتظمة للفساد وسياسة اللاعقاب وممارسات التوزيع العشوائي للريع البترولي", مضيفا أن هذه الخطوة تهدف أيضا لـ"إطلاق سياسة اجتماعية ثقافية من أجل خلق بيئة ملائمة لازدهار شبابنا والتنمية الاقتصادية من خلال مشاريع منشآت قاعدية كبرى وتشجيع الاستثمار المنتج وتنويع النسيج الصناعي عبر ترقية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتنويع النشاط الاقتصادي الذي يخلق الثروة ويوفر مناصب الشغل".

وأوضح رئيس الجمهورية, أن هذه الاستراتيجية "ستكون مدعومة بسياسة خارجية مكيفة مع مصالح بلدنا الاستراتيجية والاقتصادية ومناسبة مع المتطلبات الظرفية والسياق الجيوسياسي", مستطردا بالقول أن هذه النظرة "من شأنها تجسيد الالتزامات التي قطعتها على نفسي والتي سيكون تنفيذها على منهجية عمادها الحوار والتشاور".

وفي هذا الإطار, قال السيد تبون, "إننا اليوم مقبلون على تضحيات جسام من أجل بناء الجمهورية الجديدة بناء على الالتزامات التي صوت عليها الشعب بشفافية وسيادة", مذكرا بأهم تلك الالتزامات و"على رأسها تعديل الدستور الذي هو حجر الأساس لبناء الجمهورية الجديدة".

تعديل الدستور "في الأشهر أو الأسابيع المقبلة"

و جدد رئيس الجمهورية, عبد المجيد تبون, , التزامه بتعديل الدستور "خلال الاشهر أو الأسابيع المقبلة"،مذكرا بأهم التزاماته و على "رأسها تعديل الدستور الذي يعد حجر الأساس لبناء جمهورية الجديدة و الذي سيكون خلال الاشهر المقبلة إن لم أقل الأسابيع المقبلة الاولى, بما يحقق مطالب الشعب المعبر عنها في الحراك".

و أوضح أن الدستور الجديد "سيقلص من صلاحيات رئيس الجمهورية و يحمي البلد من الحكم الفردي و يضمن الفصل بين السلطات و يخلق التوازن بينها و سيشدد مكافحة الفساد و يحمي حرية التظاهر".

كما التزم بأخلفة الحياة السياسية وإعادة الاعتبار للهيئات المنتخبة من خلال قانون انتخابات جديد, يمنح فرصة أكبر للشباب, خاصة الجامعيين, للترشح لها.

إعادة تنشيط الاقتصاد الوطني و تعزيزه

وجدد رئيس الجمهورية, تأكيده على العمل لتحقيق كافة الالتزامات التي تعهد بها أمام الشعب الجزائري, مبرزا حرصه على إعادة تنشيط الاقتصاد الوطني و تعزيزه .

و اعتبر تبون إصلاح النظام الضريبي ضروري لتحقيق الإقلاع الاقتصادي حيث قال " سنقوم بإصلاح عميق للنظام الضريبي (..) نحرص على إقرار تحفيزات ضريبية و جبائية لضمان دفع للاقتصاد الوطني و خصوصا نسيج المؤسسات الناشئة و المؤسسات الصغيرة و المتوسطة ".

و تابع رئيس الجمهورية يقول "سنعمل أيضا على تخفيف الأعباء الضريبية على المؤسسات من القطاعين العمومي و الخاص و ذلك من خلال وضع آليات خاصة كفيلة بتحقيق هذا الهدف كما سنحرص على تعزيز الاقتصاد المعرفي الخلاق للثروة و مناصب الشغل ".

و جدد رئيس الجمهورية تأكيده على ضرورة ربط الجامعة بعالم الاقتصاد لضمان استغلال أفضل و أنجع للبحث العلمي في التنمية و التطوير الاقتصادي, مبرزا حرص الدولة أيضا على تعزيز قطاع الطاقة أكثر و العمل على تطوير استثماراته خصوصا في مجال الطاقات المتجددة .

في هذا الصدد قال تبون" سنعمل على تشجيع قطاع الطاقة و خصوصا الطاقات المتجددة و النظيفة (..) من الضروري ايضا تعزيز تواجدنا الطاقوي في القارتين الآسوية و الاوروبية و تعزيز صادراتنا الطاقوية خصوصا من الطاقات المتجددة ".

و على صعيد الجبهة الاجتماعية, قال السيد تبون أن الدولة ستعمل جاهدة على الارتقاء بالمستوى المعيشي للمواطن و دعم قدرته الشرائية خصوصا الطبقة المتوسطة و الهشة.

كما جدد تأكيده على "إلغاء الضريبة على أصحاب الدخل الضعيف" وفق ما التزم به في مشروعه أمام الشعب الجزائري الذي يتضمن 54 التزاما وعد بتحقيقها خلال عهدته الرئاسية.

و في قطاع السكن أكد الرئيس حرص الدولة على القضاء على أزمة السكن حيث قال " لن نرضى أن يبقى الجزائري يعيش في كوخ أو بناء هش".

تجديد موقف الجزائر "الرافض بقوة" لكل محاولات التدخل في شؤونها الداخلية

كما جدد الرئيس تبون, التأكيد على موقف الجزائر "الرافض بقوة" لكل محاولات التدخل في شؤونها الداخلية, مشيرا إلى أن الجزائر "ستظل تنأى بنفسها عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول".

و في خطابه, قال "ستظل الجزائر تنأى بنفسها عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول, كما ترفض بقوة محاولات التدخل في شؤونها الداخلية مهما كانت تلك المحاولات ", مبرزا أن "الجزائر تمد يدها لجميع الدول للإسهام في محاربة الإرهاب العالمي و الجريمة والمنظمة والعابرة للحدود و المخدرات وكل الآفات الاجتماعية العالمية بهدف الإسهام بفعالية في تحقيق السلم و الامن العالميين".

من جهة أخرى, قال السيد تبون أن بناء الصرح المغرب العربي الذي حلم به الأباء والأجداد "سيضل في قائمة اهتمامات الدولة الجزائرية", مبرزا أن الجزائر "تسعى جاهدة للحفاظ على حسن الجوار و تحسين العلاقات الأخوية والتعاون مع كل دول المغرب العربي".

وكان السيد تبون قد ادى قبل ذلك اليمين الدستورية, بحضور جميع الهيئات العليا في الأمة طبقا للمادة 89 من الدستور التي تنص على أن رئيس الجمهورية "يؤدي اليمين الدستورية أمام الشعب بحضور جميع الهيئات العليا في الأمة, خلال الأسبوع الموالي لانتخابه ويباشر مهمته فور أدائه اليمين".

تأكيد على مواقف الجزائر اتجاه القضايا العربية

ودعا السيد تبون, الدول العربية دون استثناء الى "تعزيز علاقات الأخوة والتعاون ورص الصف ونبذ الفرقة لتجاوز المحن والمصائب التي تشهدها المنطقة العربية في الآونة الاخيرة تحت مسميات مختلفة ", قائلا في ذات السياق: "إننا نتطلع بشوق لنرى أشقاءنا في سوريا والعراق واليمن قد تجاوزوا محنتهم, وإننا على استعداد للإسهام في تيسير سبل تحقيق ذلك بصدق وإخلاص وحسن نية, الجزائر لن تدخر أي جهد في سبيل إصلاح الجامعة العربية بصفتها المظلة الجامعة لكل العرب والمعبرة عن وحدتهم ووحدة مصيرهم".

وفي هذا الصدد, أكد رئيس الجمهورية, أن قضية الصحراء الغربية هي "مسألة تصفية استعمار مسجلة لدى الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي وينبغي أن تظل بعيدة عن تعكير العلاقات مع الأشقاء", مضيفا "الجزائر ستسعى للحفاظ على حسن الجوار وتحسين علاقات الأخوة والتعاون مع دول المغرب العربي.
ولن يصدر منها ما يسوءهم أو يعكر صفوهم".

وعن القضية الفلسطينية, شدد الرئيس تبون على أنها" من ثوابت السياسة الخارجية للدولة الجزائرية, وسوف نظل مثلما كنا منذ الأزل سندا لإخواننا الفلسطينيين, لن نتأخر في الاستجابة إلى ندائهم وسوف نقف مع نضالهم حتى استرجاع حقهم المشروع في بناء الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وتحقيق حق العودة", داعيا المجتمع الدولي إلى "تحمل مسؤوليته التاريخية اتجاه الشعب الفلسطيني الذي يواجه قوة استعمارية غاشمة, وذلك بتطبيق كل قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالشرعية الدولية".

وبذات المناسبة, قال رئيس الجمهورية: " لا ينبغي لنا ونحن نقف بشموخ على طريق تأسيس الجمهورية الجديدة, أن ننسى إخواننا في دول الساحل الافريقي", مؤكدا أن الجزائر ستبذل المزيد من الجهود ل"الإسهام في استقرار منطقة الساحل وتعزيز التنمية فيها وتفعيل علاقات التعاون أكثر, كما ستبذل الدبلوماسية الجزائرية مزيدا من الجهد من أجل تطبيق ميثاق السلم والمصالحة في جمهورية مالي الشقيقية الذي تم التوقيع عليه في الجزائر العاصمة وسوف تظل الجزائر بابا مفتوحا ويدا ممدودة لهم لمساعدتهم على تجاوز خلافاتهم".

هذا وتوجه رئيس الجمهورية بالشكر أيضا, لرئيس الدولة عبد القادر بن صالح, الذي "تحمل بشرف كبير مسؤولية رئاسة الدولة في هذا الظرف الدقيق للأمة", مشيدا بـ"حنكته في إدارة شؤون البلاد في وقت سادته ظروف حساسة للغاية, وذلك بفضل خبرته الثرية التي كانت مفتاح النجاح في تكريس مقومات العمل المنسجم بين رئاسة الجمهورية وقيادة الجيش الوطني الشعبي, مما شكل جسرا آمنا للبلاد للعبور إلى الغد المنشود".

كما حيا السيد تبون الجيش الوطني الشعبي وعلى رأسه نائب وزير الدفاع الوطني, رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أحمد قايد صالح الذي وصفه بـ"المجاهد الوطني الصادق", على "دوره الكبير في حماية السيادة الوطنية وحماية استقرار البلاد وأمنها ووقفوها سدا منيعا أمام محاولات التدخل الأجنبي والمؤامرات التي تستهدف وحدة الأمة ومرافقة الحراك الشعبي في سبيل تحقيق مطالبه المشروعة", وهي المطالب التي قال الرئيس أنها "تحققت", ملتزما بـ"مد اليد للجميع من أجل إكمال تحقيقها في إطار التوافق الوطني وقوانين الجمهورية".

 

الجزائر