محللون لإذاعة الجزائر الدولية : العودة القوية للجزائر على الساحتين الإقليمية والدولية تثير إزعاج الرئيس الفرنسي

أجمع ضيوف برنامج لإذاعة الجزائر الدولية على أن العودة القوية للجزائر على الساحتين الإقليمية والدولية، والصفعات المتتالية التي تلقتها فرنسا مؤخرا واقتراب موعد الرئاسيات هي التي دفعت الرئيس الفرنسي لإطلاق تصريحات عدوانية ضد الجزائر.

وفي هذا الصدد يرى العقيد المتقاعد مختار مديوني أن فرنسا لا تزال تعيش بعقلية ما قبل كورونا، بل في القرن الماضي رغم أننا نعيش في 2021 حيث بقيت فيه الجزائر بجيشها الباسل واقفة صامدة في وقت كان البعض يراهن على سقوطها وراهنوا على اصطدام الجيش مع الشعب خلال الحراك.

وأضاف " لكن الذي حدث أن الجيش الجزائري وقف إلى جانب شعبه وحمى الحراك في حالة تكاد تكون فريدة من نوعها بالعالم، وذهبت الجزائر للإنتخابات وهي اليوم مقبلة على جولة جديدة من التغيير عبر المحليات المقبلة. حين وجدوا مثل هذا التلاحم بين الجيش وشعبه، والجزائر تسير بخطوات ثابتة في طريق الديمقراطية ، و الجيش الجزائري صامد يحسب له ألف حساب إقليميا ودوليا، لم يعجبهم ذلك فسعوا لاستهداف وحدتها واستقرارها ".

وتابع " مشكلة الحرقة التي يتحدث عنها ماكرون فرنسا هي التي تسببت فيها بسبب تدخلها في أكثر من بلد بالقارة السمراء، وفجرت الأوضاع فيها إلى درجة دفع بالآلاف من الشباب الافريقي إلى المغامرة بركوب البحر هروبا من الواقع المأساوي الذي خلفته فرنسا التي كانت السبب في تدمير البنية التحتية في بلدان أفريقيا".

و أسهب العقيد المتقاعد في الحديث عن خطاب الرئيس الفرنسي مؤكدا " المتعارف عليه دبلوماسيا أن حديث أي رئيس دولة عن دولة أجنبية يجب أن لا يتخطى الأعراف الدبلوماسية ، لكن حديث ماكرون الذي نقلته صحيفة لوموند يمثل – في رأيي - خطاب شارع وليس خطاب رئيس دولة، لكن أعتقد أن لجوءه لهذا الخطاب هو اقتراب موعد الرئاسيات حيث يسعى الجميع لأن يكونوا يمينين متطرفين في أرائهم وتصريحاتهم أكثر من اليمين المتطرف بهدف كسب الاصوات ".

و اضاف " على الدبلوماسية والقضاء الجزائريين أن ينتقلا إلى السرعة القصوى بشأن المطالبة بتعويضات من فرنسا عن جرائمها ببلادنا، خصوصا التفجيرات النووية بجنوبنا، مع اعتراف الرئيس الفرنسي ذات مرة بأن الحرب في الجزائر هي جرائم ضد الإنسانية، وهذا دليل كاف للتوجه للقضاء الدولي للحصول على التعويضات اللازمة والإعتذار الرسمي بدلا من الإستمرار في حكاية المفاوضات والحوار والطرق الدبلوماسية. هناك أمر آخر لما توجه مؤخرا إلى منطقة المحيط الهادي تحدث عن التجارب النووية التي تمت بتلك المنطقة، أعلن عن ضرورة تقديم تعويضات لسكانها، لكنه بالمقابل لا يعترف بالتعويض للشعب الجزائري عن جرائم بلاده النووية في جنوبنا الكبير. فهل في نظر فرنسا التي تدعي أنها بلد حقوق الإنسان يوجد صنفان من البشر في العالم؟ صنف يستحق التعويض وصنف آخر لا يستحق ذلك؟".

أما الإعلامي أحمد زكريا فأكد أن "خطاب ماكرون غير مفاجئ بالنسبة لنا لأنه يمثل الأوليغارشية الجديدة في فرنسا التي تستعمل خطاب ومصطلحات جديدة مبنية على العداء للإسلام وسياسة الهروب عن الواقع الداخلي"، معتبرا أن " عودة الجزائر بقوة في الساحل وليبيا حيث كانت فرنسا تراهن على الخلاف بين الجزائر ومصر لكن ذلك لم يحدث ، هو ما يؤرق فرنسا".

وأوضح " ماكرون حصل عند صعوده لرئاسة فرنسا على  18 بالمئة فقط من 30 بالمئة الذي يمثل الوعاء الإنتخابي، بينما يعزف 88 بالمئة  من الشباب عن الإنتخاب، وبالتالي فهو يشعر أنه قد يطاح به مع اقتراب موعد الرئاسيات المقبلة مع اهتزاز شعبيته في فرنسا، لذلك لجأ إلى مثل هذا الخطاب".  

وحسبه فإن الخطاب السياسي الفرنسي أُفرغ من محتواه حيث يتضمن كلمات مفتاحية على المترشح أن يرددها إذا أراد الفوز مثل الإسلام، الحجاب، حقوق المرأة لأن الوعاء الإنتخابي سيكون اقل هذه المرة ربما في تاريخ الإنتخابات في فرنسا بعد تراجع الطبقة العمالية والمهاجرين الذين لم يعودوا يؤمنون بالشعارات الجوفاء.

ويعتقد المتحدث أن فرنسا تعاني من عقدة اسمها "التاريخ" بسبب رفضها الكشف عن تاريخها في الجزائر، مضيفا في السياق " لماذا ترفض فرنسا إعادة الأرشيف للجزائر، وترفض الكشف عن تاريخ الجزائر خلال فترة استعمارها لبلادنا ؟ ببساطة لأن هذا التاريخ يمثل وصمة عار ضدها، ويكشف الجرائم ضد الإنسانية التي قامت بها طيلة احتلالها لبلادنا. سيكشف لنا هذا التاريخ، أو سيعزز ما يعرف أن فرنسا لم تربح حربا منذ 1815 وأنها تتعاون بصفة سريعة مع المنتصر عليها. لذلك لا يجب أن ننساق للكلام الذي يطلقه الفرنسيون لأنه يخدم مصلحتهم ورؤيتهم، علينا أن نرفض ذلك لأن الجزائر هي التي توجد في حالة حركة ونشاط وليس العكس بينما فرنسا توجد في حالة خروج من التاريخ" ويعتقد أن توالي الصفعات على فرنسا خلال الفترة الأخيرة هي التي أرقت فرنسا.

وأوضح  المتدخل ان " فرنسا تلقت صفعات متتالية خلال الايام والاسابيع الماضية مثل خروج أمريكا من أفغانستان من دون استشارتها ، والصفعة الثانية وجهتها لها أنجيلا ميركل قبل مغادرتها للحكم بقيامها حل مشكلة كليرستريم2. أما الصفعة الثالثة فتتعلق بقضية الغواصات، أما الصفعة الرابعة فتتمثل في عودة البحرية الجزائرية بقوة إلى البحر المتوسط تزامنا مع عودة الدبلوماسية الجزائرية بقوة إلى العمق الأفريقي بل وحتى إلى جنوب أفريقيا. أعتقد أن كل هذه الصفعات، التي تلقتها فرنسا، و معها حليفها المخزن المغربي، من الطبيعي جدا أن يكون رد فعل رئيسها بهذه الطريقة".

من جانبه يعتقد البرلماني علي ربيج أن التصريحات الأخيرة للرئيس الفرنسي "ليست غريبة من المسؤولين الفرنسيين الذين دأبوا على تمرير مثل هكذا تصريحات"، لكنه شدد على " أنها ليست عفوية ولا بريئة وتستهدف التشويش على أمن ووحدة واستقرار الجزائر وإدخال الجزائريين ، حسب تقديرهم، في سجال ".

وأوضح " الانحراف دائما يأتي من الفرنسيين وساستهم ، وتصريح ماكرون يَنِمُّ على أن ما كان يقال في السر داخل الطبقة السياسية الفرنسية أصبح الآن علنا، فهذا الذي يروج له اليوم ماكرون علنا موجود وسط هذه الطبقة لكن سريا".

 

الجزائر, سياسة