بعد غياب قارب30 عاما... المخرج لخضر حمينة يعود الى الواجهة بفيلمه "غروب الظّلال"

بعد غياب قارب 30 سنة، عاد عشية الأحد صاحب السعفة الذهبية بمهرجان كان في سنة 1975  المخرج القدير محمد لخضر حمينة إلى الواجهة السينمائية بفيلم عن الثورة بعنوان "غروب الظّلال"، والذي تم عرضه الأولي بقاعة الموقار بحضور الوزير الأول عبد المالك سلال إلى جانب وزيرة الثقافة نادية لعبيدي شيرابي.

فتح لخضر حامينة مرة أخرى، من خلال أحداث فيمله الجديد، صفحة من صفحات تاريخ الثورة التحريرية من خلال صور تمثل بشاعة أعمال الاغتيالات الجماعية و التعذيب الجسدي و النفساني الذي يتعرض له الأسرى.

وجاء الفيلم كعبارة عن جدارية ثرية من الناحية الجمالية والمحتوى، حيث جال المخرج و هو كاتب  السيناريو أيضا على خطى أبطال فيلمه الثلاثة في رحلتهم الشاقة  في الصحراء في تاريخ العلاقة الجزائرية الفرنسية مع بداية الاحتلال.

و فضل المخرج حامينة التطرق لمراحل هامة من تاريخ الثورة على لسان أبطال الفيلم خالد ابن الصحراء الثائر في وجه ظلم المستعمر، تقمص الدور الممثل سمير بواتار، و الرائد  الفرنسي سانتوناك، جسد الدور الممثل الفرنسي لوران هانكان، وهو الجلاد الذي كان من خلال حديثه و أعماله الإجرامية  يرمز الى استمرار التواجد الاستعماري، وثالثهم الجندي لامبير، تقمص الدور الممثل الفرنسي نيكولاس بريده، الذي يمثل القوة الثالثة بأفكاره المناهضة للتعذيب وقتل الأسرى.

و كان النقاش بين الشخصيات الثلاث بخصوصياتها ومبادئها سندا للمخرج لإعطاء صورة شامله للقارئ عن مسائل كثيرة تتعلق بالواقع و التاريخ واخرى ذات طابع إنساني حيث يبرز حمينة  بعض التناقضات لدى شخصياته لاسيما لدى سانتوناك الذي يظهر  في بعض الحالات نوعا من الندم إلا انه في النهاية يقبع على مواقفه الأولى كممثل شرعي للمستعمر.

 وتتطور تلك الحوارات أحيانا لتأخذ أبعادا فلسفية ووجودية خاصة عندما يتعلق الأمر بالمسائل الإنسانية.

وقد حمل حمينة على مدى ساعتين و35 دقيقة المشاهد في رحلة ممتعة في طبيعة خلابة طغى بريق جمالها على احزان القصة التي تحتضنها تلك الصورة الجميلة أثبتت مجددا تميز وكفاءة هذا المخرج الذي أهدى الجزائر السعفة الذهبية الوحيدة في السينما العربية والافريقية عن رائعته "وقائع سنين الجمر"(1975).

 وساهم الاختيار الصائب للممثلين وحسن إدارتهم من طرف المخرج في شد أنظار الجمهور رغم ان بعض مشاهد ذلك السفر المضني كانت طويلة نوعا ما في البداية .

 وانتهت الرحلة بأصحابها في المنطقة المحرمة تحت دوي قصف طيران غير بعيد عن منطقة رقان التي كانت في فيفري 1960 ضحية التجارب النووية الفرنسية التي لا تزال آثارها إلى اليوم .

وقد صرح المخرج خلال النقاش الذي تلى العرض أن فيلمه لا يدعو للحقد او الكراهية، مؤكدا أنه أراد أن يذكر الشباب بتاريخهم "لأن من يعرف من هو بامكانه أن يواجه المستقبل ".

واغتنم المخرج مجددا هذه الفرصة للحديث عن تدهور أوضاع دور السينما متسائلا كيف يمكن لفيلم جزائري ان يصل إلى الجمهور من كافة الفئات و المناطق .

 تجدر الإشارة الى أن فيلم "غروب الظلال "من إنتاج الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي ووزارة المجاهدين- المركز الوطني للبحوث في تاريخ الحركة الوطنية وثورة الفاتح نوفمبر و"ان سات انترتايمنت" وبدعم من وزارة الثقافة و صندوق دعم صناعة وتقنيات السينما "فداتيك".

المصدر: موقع الإذاعة الجزائرية

ثقافة وفنون