موفد الإذاعة الجزائرية : إقبال على مكاتب الإقتراع بالإنتخابات الرئاسية بتونس

يتوجه هذا الأحد  3ر5 مليون تونسي  إلى صناديق الإقتراع لاختيار رئيس الجمهورية بين باجي قايد السبسي ومنصف المرزوقي اللذين فازا في الدور الأول للانتخابات الرئاسية الديمقراطية التاريخية لتونس بعد سقوط نظام زين العابدين بن علي سنة 2011.

فتحت مكاتب الاقتراع، صباح الأحد، أمام الناخبين في تونس حيث تجري الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية التي يتنافس فيها الرئيس المنتهية ولايته محمد المنصف المرزوقي ومؤسس وزعيم حزب نداء تونس الباجي قائد السبسي الفائز بالانتخابات التشريعية الأخيرة.
وتجري عمليات التصويت في نحو 11 ألف مكتب اقتراع موزعة على 27 دائرة انتخابية، وتتواصل من الساعة الثامنة صباحاً حتى السادسة مساء بحسب التوقيت المحلي، وفق ما أعلنت "الهيئة العليا المستقلة للانتخابات".
وأبرز موفد الإذاعة الجزائرية إلى تونس بشير هديبل، في اتصال بنشرة الثامنة للقناة الأولى، اليوم الأحد، الإقبال الكبير  منذ الصباح على بعض مكاتب الاقتراع  بالعاصمة تونس مشيرا إلى تسجيل العشرات من التونسين الذين اصطفوا عند مداخل بعض مراكز الإقتراع.
ونقل موفد الإذاعة الجزائرية إلى تونس عن بلقاسم بوبكر خرشوفي رئيس مكتب الإقتراع الخاص بالمدرسة الإبتدائية الواقع بـ29 شارع مرسيليا بقلب العاصمة، قوله " إن عملية الإقتراع بهذا المركز  تسير في ظروف عادية وحسنة جدا ونأمل أن تتم على أحسن ما يرام" على حد تعبيره.
من جهتهم عبر مواطنون تونسيون عن فرحتهم بأداء واجبهم الانتخابي، معربين عن أملهم بأن يساهم الرئيس المقبل في تنمية البلاد والعمل على ازدهارها ولم شمل الأسرة التونسية مثلما تعكسه هذه الأنطباعات التي نقلها موفد الإذاعة الجزائرية إلى تونس:
من جانبها سجلت إحدى المراقبات، التي تعمل لفائدة المرشح منصف المرزقي بذات المركز، بعض الملاحظات  على بدء عملية الإقتراع الرئاسي مؤكدة أن الإقبال لا يزال محتشما في بداية العملية مقارنة بالدورة الأولى للإنتخابات، مبرزة أن فئة الكهول أكثر إقبالا على العملية من فئة الشباب.
وكان الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلة التونسية محمد علي العروي أكد، في تصريح للقناة الأولى، صباح اليوم الأحد، اتخاذ إجراءات أمنية مشددة لضمان السير الحسن للعملية.
وأوضح أن تأمين العملية تم بالتنسيق مع الجيش الوطني بعد اتخاذ كافة الاحتياطات اللازمة منذ الانتخابات التشريعية الماضية حيث تم تقييمها ودراسة الأخطار المحتملة والحلول الممكنة لأي خطر محتمل.

وتمت تهيئة ما لا يقل عن 1000 مكتب تصويت (في تونس و في الخارج) لهذا الموعد الذي سيختار التونسيون خلاله بين قايد السبسي زعيم حزب نداء تونس الذي فاز في الدور الأول بنسبة 46ر39 بالمائة من الأصوات والرئيس المنتهية عهدته منصف المرزوقي الذي حصد 43ر33 بالمائة من الأصوات.

للإشارة ستفتح مكاتب التصويت أبوابها من الساعة الثامنة صباحا إلى غاية السادسة مساءا (من السابعة صباحا إلى الخامسة مساءا بتوقيت غرينيتش). 

ولأسباب أمنية أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن 124 مكتب تصويت متواجد ببعض المناطق الحدودية بالشمال الغربي والوسط الشرقي للبلاد ستفتح أبوابها من العاشرة صباحا إلى الثالثة بعد الزوال، حيث تجري عملية الإقتراع خاصة بالمؤسسات التربوية.

وأوضحت الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات أن جميع الظروف مهيئة لإجراء هذا الدور، حيث "تم اتخاذ جميع التدابير الضرورية لضمان نجاح هذا الاستحقاق السياسي".

وحسب رئيس هذه الهيئة شفيق صرصار فقد تم اتخاذ تدابير جديدة "لتفادي التوتر بين مؤيدي المترشحين"خاصة من خلال السماح لممثل واحد بالحضور في مكتب التصويت.

وجندت وزارة الداخلية 60.000 شرطي لضمان "السير الحسن" للدور الثاني ، في حين جندت وزارة الدفاع الوطني 36000 جندي 28000 ، منهم لتأمين العملية الإنتخابية بطريقة مباشرة و 8000 مستعدين للتدخل"إن اقتضى الأمر"،هذا وسيعلن عن النتائج الأولية للإنتخابات مساء يوم الإثنين أو يوم الثلاثاء.

 الاقتراع في الخارج

انطلقت عملية تصويت التونسيين المقيمين بالخارج يوم الخميس على الساعة العاشرة ليلا (توقيت تونس) في مكاتب كانبيرا باستراليا لتتنهي يوم الاثنين على الساعة الثانية صباحا في سان فرانسيسكو (الولايات لمتحدة).

وبلغت نسبة المشاركة في اليوم الأول من الاقتراع بالخارج 6 07 بالمائة وتعد نتيجة حسنة مقارنة بتلك المسجلة خلال الدور الأول ، حيث تموقعت حول 5 70 بالمائة ، حسب عضو بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات فوزية دريسي.

وباستثناء بعض المشاكل التقنية التي سجلتها بعض المكاتب يوم الجمعة (تأخر في وصول المستلزمات الانتخابية ومشكل أجور أعوان مكاتب التصويت) فقد تم التصويت بالخارج في ظروف حسنة حسبما تم تأكيده في تونس.

وكان رئيس الهيئة العليا للانتخابات شفيق صرصار قد أكد انه تم تجاوز هذه المشاكل الصغيرة.

الدعوة إلى احترام نتائج الاقتراع 

دخل الصمت الانتخابي حيز التنفيذ بدء من يوم الجمعة عند منتصف الليل بعد حملة انتخابية (9-19 ديسمبر) حادة بين المترشحين.

وقد تم توجيه العديد من النداءات لاحترام نتائج الاقتراع و إنجاح المسار الديمقراطي.

وقد أعلن صرصار أن كل المخالفات المسجلة خلال الحملة الانتخابية رفعت إلى النيابة العامة، من جهتها دعت حركة النهضة التي لم تقدم مرشحا كل الأحزاب السياسية ومكونات المجتمع المدني إلى إنجاح الاقتراع.

وبدورها دعت شبكة مراقبون المترشحين إلى قبول نتائج الاقتراع و الابتعاد عن لهجة التشكيك للحفاظ على مناخ الثقة الذي ساد خلال المرحلة الانتقالية.

ويتوجه التونسيون لأول مرة لانتخاب رئيسهم بكل حرية، فمنذ الاستقلال سنة 1956 وإلى غاية ثورة الياسمين في 2011 التي أطاحت بنظام زين العابدين بن علي لم تشهد تونس مثل هذا الاقتراع الديمقراطي.

تقارب حظوظ المرشحين في ظل صعوبة التكهن بفوز أحدهما 

من جانب آخر أكد عدد من المحللين السياسيين في تونس"تقارب"حظوظ المرشحين الباجي قايد السبسي ومحمد منصف المرزوقي في الدور الثاني ، مبرزين أنه من"الصعب التكهن"بفوز أحدهما.

ويرى محللون سياسيون أنه في حالة ما إذا استفاقت الكتلة الصامتة التي امتنعت عن التصويت في الدور الأول من الانتخابات وعبرت عن صوتها في هذا الدور، فإن الكفة ستميل لصالح السبسي، أما إذا جددت عزوفها عن المشاركة في الاقتراع الرئاسي، فإن حظوظ المرشحين تكون "متقاربة".

وفي هذا المضمار عبر الأستاذ الجامعي هيكل بن محفوظ اليوم بأن حظوظ المرشحين في هذه المواجهة الثانية "متقاربة" مع وجود "إلتفاف"حول السبسي من قبل الذين ترشحوا خلال الدورة الأولى من الرئاسيات، إلا أن هذا "لا يقلل" --حسب اعتقاده-- من حظوظ المرزوقي.

وأضاف المتحدث أنه إذا بقيت نسبة مشاركة الناخبين ، كما كانت في الجولة الأولى، فإن الفوز سيكون لصالح مرشح نداء تونس. وفي حالة ما إذا انخفضت في هذه الدورة، ستكون حظوظ المرشحين"متقاربة جدا".

وعن إمكانية تمكن الرئيس الجديد من تحقيق التوافق بين مختلف الأطياف السياسية، أوضح بن محفوظ أنه بمجرد فوز أحد المرشحين بمنصب رئيس الجمهورية، ينبغي عليه التخلي عن صفته الحزبية ليكون رئيسا لكل التونسيين مهما كانت توجهاتهم السياسية وإنتماءاتهم الفكرية.

وأشار الأستاذ الجامعي إلى أن المرحلة التي تمر بها تونس حاليا تقتضي"التوافق وتحمل المسؤولية"إزاء الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعاني منها البلاد، لاسيما أمام إنخفاض سعرالنفظ في الأسواق العالمية.

وأمام هذا التحدي الذي تواجهه تونس من الناحية الاقتصادية وحتى الامنية، سيجعل العمل الحكومي والنشاط السياسي -- يضيف بن محفوظ --"هشا"، مما يفرض على الأطراف الفاعلة في السلطة تحقيق التوافق بينها لدعم الديمقراطية وتحقيق الاستقرار في المنطقة.

وبدوره أوضح المحلل السياسي والاستاذ الجامعي نصر الدين بن حديد أنه لا يمكن"ترجيح" كفة الفوز لمرشح أو لآخر في الدور الثاني رغم إعلان كل من السبسي والمرزوقي بأن"الفوز سيكون حليفه".

وأشار المتحدث بأن الفصل في هذا الدور مرهون بمدى إستفاقة الكتلة النائمة التي رفضت التصويت في الدور الأول وقدرة المرشحين على استمالتها للتصويت عليهما.

وأكد المحلل السياسي أنه مهما كان المرشح الذي سيفوز في هذه الانتخابات فإن الخمس سنوات القادمة "لن تكون هادئة"، مشيرا في ذات الوقت إلى أن الحالة الصحية للمرشح السبسي تدفع إلى"الشك في عدم قدرته على مواصلة العهدة الرئاسية القادمة ومن تم الذهاب إلى انتخابات رئاسية مبكرة".

وفي حالة فوز المرشح المرزوقي --يضيف السيد بن حديد-- فإن "الصدام"سيكون منذ الوهلة الأولى بين رئيس الجمهورية والكتلة الكبرى في مجلس نواب الشعب، مما يدفع -- مثلما أوضح-- بالمرزوقي إلى حل المجلس.

ويرى المتحدث أن الحكومة الجديدة مطالبة اليوم بوضع سياسة تتماشى ومتطلبات الخمس سنوات القادمة, لاسيما وأنها ستكون في مواجهات تحديات مرتبطة أساسا بملفات الأجور ونسبة التضخم المرتفعة التي قلصت من القدرة الشرائية للمواطن التونسي.

وعن قدرة الحكومة التونسية في النهوض بالجانب الاقتصادي للتخفيف عن كاهل المواطن يرى الأستاذ الجامعي أن المواطنين سيشرعون خلال السنة الأولى على أقصى تقدير، من تشكيل الحكومة في"الاحتجاجات للمطالبة بحقهم في التنمية والكرامة ، لاسيما في المناطق المحرومة التي شهدت إندلاع ثورة 2011".

المصدر : الاذاعة الجزائرية

العالم, افريقيا