الضريح الملكي الموريتاني بتيبازة يجدد العهد مع الزائرين لأول مرة بعد 27 سنة من غلقه

جدد الموقع الأثري "الضريح الملكي الموريتاني" بتيبازة المصنف كمعلم عالمي من قبل المنظمة الأممية "اليونيسكو" سهرة أمس الجمعة العهد مع الزائرين بعد قرابة 27 سنة من غلقه أي سنة 1992 لدواعي أمنية و لحمايته من أي اعتداء إرهابي محتمل قد يطاله.

وقررت المديرية التقنية لحماية الممتلكات الثقافية بالديوان الوطني لتسيير و استغلال الأملاك الثقافية المحمية فتح باب الضريح الموريتاني الملكي  "إستثناءا" سهرة أمس إلى حين الإنتهاء من دراسة تقنية تؤكد عدم تشكيل الوافدين خطرا على زيارة الموقع من الداخل موازاة مع تنظيم سهرة رمضانية من إحياء الجمعية الثقافية "المنارة" للأغنية الأندلسية.

  و اكتشف الزوار خلال هذه السهرة و لاول مرة ما يكتنزه الضريح الملكي الموريتاني الواقع بأعالي سيدي راشد و مطل على ساحل منطقة شنوة، في رحلة استمتع بها الزائرين الذين لبوا بــ"قوة" دعوة الديوان الوطني لتسيير و إستغلال الممتلكات الثقافية المحمية.

وتميزت زيارة المولعين الذين رافقهم أخصائيين في علم الآثار بالغوص في التاريخ --حسب الأصداء التي جمعتها وكالة الأنباء الجزائرية بــ"الإعحاب والإنبهار، و الفخر و الإعتزاز" أمام روعة و جمال الموقع الذي أبدع في تشييده الأسلاف في أوقات غابرة من تاريخ الجزائر، إبداع يتضح من خلال تناغم و إنسجام القطع الحجرية و الهندسية المعمارية الدائرية للمبنى و هي تقنيات بناء "عالية المستوى و دقيقة" حسب مدير الاستغلال بالديوان، يوسف لالماس.

  و موازاة مع الإستمتاع بأنغام الطرب الأصيل لبراعم جوق الأندلسي لجمعية "المنارة" إكتشف زوار الموقع مختلف أروقة الضريح الموريتاني الملكي، رواق دائري تتخلله أزقة ضيقة قبل أن تختتم الجولة بزيارة الغرفة التي يفترض أنها مكان دفن كليوباترا زوجة يوبا الثاني و هو فضاء يستلهم منه الزائر عبق قصص التاريخ و الزمن.

  و في تعليقه عن قرار السماح بزيارة الموقع من الداخل قال المكلف بالإعلام لدى الديوان الوطني لتسيير و إستغلال الأملاك الثقافية المحمية ،نصرون بوحيل، أنه "تاريخي" و "شجاع" يهدف بالدرجة الأولى لتثمين الموروث الأثري الجزائري و إنعاشه و إحيائه مؤكدا أن الزيارات تتم تحت الإشراف المباشر للمديرية التقنية لحماية الأملاك المحمية على إعتبار أن حماية الآثار يبقى المهمة الرئيسية و الأساسية للديوان.

  و إرتأت المديرية العامة للديوان -يتابع السيد بوحيل- في أول تجربة تنظيم سهرة فنية موسيقية مع الطرب الأصيل من الأغنية الأندلسية في سهرة رمضانية عائلية مرفوقة بزيارة الضريح من الداخل لا تتعدى ال15 شخصا في الفوج الواحد مؤكدا إمكانية تنظيم مبادرات من هذا النوع، أي سهرات فنية، مستقبلا شرط أن لا تكون خطرا على المحافظة على الموقع.

  و بخصوص أسرار هذا المعلم الأثري، كشف مدير الإستغلال بالديوان الوطني لتسيير و إستغلال الأملاك الثقافية المحمية، يوسف لالماس، أن الأبحاث الأثرية المتواصلة لإثبات فرضية دفن كليوبترا من عدمه داخل الضريح الموريتاني الملكي

لم تجزم بالقطع في هذه القضية فيما يتفق علماء الآثار على تأكيد زيارة كليوبترا للضريح على إعتبار ان الموقع كان يحتضن طقوس تقام على اروح الموتى من العائلة الملكية.

  و بعد أن أبرز لالماس إختلاف العلماء و الباحثين في هذا الخصوص التي وحدها الأبحاث الأثرية القادرة على وضع حد للجدل، أكد عدم إختلاف الباحثين و إتفاقهم حول فرضية تشييد الضريح وقتها لدفن أعضاء العائلة الملكية.

تسمية الضريح الملكي الموريتاني بــ  "أهرامات الجزائر" إنتقاص من القيمة التاريخية و الأثرية للمعلم  

  من جهة أخرى رفض السيد لالماس قطعا تسمية "أهرامات الجزائر" الذي عادة ما تطلقه وسائل الإعلام في وصفها للضريح الموريتاني الملكي مبرزا أنه إنتقاص من القيمة التاريخية و الأثرية للمعلم الذي ليس له أي علاقة بأهرامات مصر سواءا ما تعلق بفترة التشييد او تقنيات التشييد أي لا يوجد وجه للشبه بين المعلمين.

 و يقع القبر الملكي الموريتاني في غرب الجزائر العاصمة بنحو 70 كلم قبل بلوغ مدينة تيبازة في إتجاه شرشال، تم تشييده بشكل دائري، يبلغ محيطه 185.5 متر وقطره 60.9 متر وعلوه 32.4 متر يبرز في الخارج 60 عمود من النمط الأيوني ، و 4 أبواب خفية يمكن للزائر الدخول إلى الضريح عبر باب سفلية وضيقة توجد تحت الباب الخفية للناحية الشرقية.

و بعد المرور على قبر و دهليز في الداخل تصل إلى رواق دائري الشكل به قبران آخران، ويظهر الضريح للناظر من سهل متيجة  جنوب العاصمة  ومن مرتفعات حي بوزريعة بأعالي العاصمة ويراه الصيادون والملاحون من البحر و يهتدون به في تنقلاتهم البحرية.

  و تتوفر الجزائر على مباني على شكل الضريح الملكي الموريتاني في مناطق أخرى من الوطن منها موقع مدغاسن بباتنة و الضريح المكشوف بتلمسان.

  و هناك عدة روايات حول تاريخ بنائه مع تسجيل إختلاف من رواية لأخرى حيث أن بعض المؤلفات الرومانية القديمة تقول انه يعود إلى 40 سنة بعد الميلاد أي إلى عهد استيلاء الرومان على مملكة موريتانيا وقتها.        

المصدر : وأج      

ثقافة وفنون