70 سنة من تاريخ الصين في فيديوهات الشباب

تحيي جمهورية الصين الشعبية في الفاتح أكتوبر المقبل الذكرى الـ70 لتأسيس الصين الجديدة. وتعمل السلطات على قدم وساق لتنظيم احتفالات كبرى، حيث تتزين شوارع العاصمة بكين بأعلام وأزهار ولوحات فنية فيما تحضر لاستعراضات عسكرية ضخمة وعدة احتفالات.

الصين تقف اليوم لتقيم مسار 70 سنة ولتخطط للمستقبل حيث يرى المتابعون للشأن الصيني أنه سيكون عظيم وستكون أول قوة اقتصادية في العالم. لكن هذه التحولات العظمى كيف يراها شباب الصين اليوم.

يقول الصحفي وانغ كايخاو، من يومية شاينا دايلي "Chinadaily" إن الاحتفال بعيد ميلاد الـ70 يعد فرصة لإلقاء نظرة على المستقبل من خلال الاعتماد على أسسته الأجيال الماضية. ومع اقتراب اليوم المشهود، سيكون للأشخاص فرصة في إمعان النظر لما تحقق من تطور سريع في مجالات عدة خصوصا في العلوم والتكنولوجيا وفي البنى التحتية للبلاد.

وإن كان جيل الشباب قد ولد مع هذا التطور وبشكل عام يعد التقدم جزءا من حياتهم اليومية، فالاحتفال سيكون له بعدا آخر مقارنة بجيل الآباء. فكيف إذن ستكون تجربتهم في احتفالات الذكرى الـ 71؟ يمكن أن تتجلى الإجابة عن هذا السؤال من عند الذين شاركوا في برنامج " أنا و وطني"، وهو عبارة عن أرضية على الانترنيت من 5 أجزاء.

تم اختيار عنوان البرنامج من أغنية صينية اشتهرت سنة 1985. إذتقوم مجموعة من الضيوفخلال كل حصة، وبعد بث فيديو قصير، بفتح النقاش بشأنها. وتم عرض حوالي 20 فيديو قصير لشباب من مختلف الأعمار ومن مختلف أطياف المجتمع، حيث يتم تحميل كل حلقة جديدة أسبوعيا، تتطرق إلى التحولات التي شهدتها البلاد والشعب الصيني على مر السنين من مختلف وجهات النظر.

وتنوعت موضوعات الفيديوهات من إعداد أطباق الطعام الصيني إلى الرسوم المتحركة، والزراعة السفر وغيرها من المواضيع التي تبرز التحولات التي طرأت على المجتمع الصيني منذ عدة عقود. هذه الفيديوهات كانت لشباب ولدوا في سنوات الثمانينات والتسعينيات من القرن الماضي، وولدوا في بداية الألفية الثانية.

ففي أحد مقاطع الفيديو الموسيقية ، يقدم مغني الراب أغنيه على شرف كلالمواطنين الذين عملوا بجد سواء كانوا أطباء أورجال الإطفاء أوحرس الحدود.الأغنية تقول "انهم أبطال ، ويتشاركون نفس الحلم العظيم  ".

وفي فيديو آخر، تؤدي شابة ثلاثة أدوار مختلفة، يمثل كل دور جيل مختلف لإبراز كيف برزت الموضة الصينية، وفي فيديو آخر تظهر مجموعه من محبي الثقافة الصينية القديمة يبرز من خلالهتأثير الماضي في الموضة الصينية. وهناك  فيديو يقوم رجل يأخذأصوات من لقطات لأفلام قدميةليمزجها مع أشرطه الفيديو التقطها خلال حياته اليومية.

وفي تصريح لها، قالت صانشياوتشينغ ، منتجة البرنامج، إنها تريد من خلال هذا البرنامج  منح صورة مختلفة عن التي تنقلها برامج قنوات التلفزيون التقليدية عادة، إذ أوضحت قائلة : " نريد أن نمنح الفرصة للشباب حتى ينقلوا مواضيعهم من وجهة نظرهم حول مواضيع مثل " أنا ووطني" مضيفة أن " الشكل لا يهم كما تهم العاطفة الحقيقية لأن " صناع الفيديوهات يركزون على النقطة التي تشد الجمهور"

من جهته أكد المغني هيو زون أن الكثير من الشباب الصيني معجبون بالثقافة الصينية. وأضاف عقب مشاهدة فيديو لصينيين مغتربين يحيون الموسيقى التقليدية في المهجر انهم " عندما يؤسسون أندية في المهجر بهدف الترويج للتقاليد بين المجتمعات المحلية يكون ذلك من أجل جعل الفن الصين يفهم بشكل أفضل من قبل جماهير تلك البلدان. "

هناك فيديوهات تحمل ذكريات بعض الأشخاص التي تبدوا وكأنها ذكريات من بلد آخر مختلف تماما بالنسبة إلى مشاهدين آخرين مثلما هو الأمر مع فيديو للممثل الشهير يوأنتاي، 42 سنة، الذي حاول شرح معنى " قسيمة الغذاء" ما أثار استغراب المشاهدين الصغار الذين لم يستوعبوا معنى " قسيمة الغذاء" التي كانت ضرورية لشراء الأغذية خلال الفترة الممتدة ما بين 1950 و 1980 بسبب نقص المواد الغذائية وكان حينئذ لكل فرد حصته في المواد الأساسية مثل الأرز والطحين وزيت الطعام.

في هذا السياق أوضحت صان أن "70 سنوات ليست طويلة ، ولكنها ستكون طويلة بما فيه الكفاية لكثير من الشباب الذين لم يعرفوا شيئا مما كان آباءهم وأمهاتهم وأجدادهم قد اعتادوا عليه فيما مضى"، مضيفة أنه "ومع ذلك ، يمكن أن يتفاعل الشباب مع هذه التجارب في الأخير حب الوطن أمر يشترك فيه الكل".

بطبيعة الحال وييداكسن، 30 عاما ، وهو ممثل من شمال شرق الصين، لم يعرففترة الخمسينات من القرن الماضي ، عندما استجاب شباب متحمس من جميع أنحاء البلاد للدعوة إلى الذهاب إلى الشمال الشرقي القاحل بهدف تحويل تلك الأرض القاحلة إلى أراض خصبه. ومع ذلك ، فانهيشاطرهم هذه التجربة من خلال تجربته في طفولته في بلدته عندما كان يرسم صورا حية للشاهدين عن التغيرات التي طرأت على  شمال شرق الصين مع مر السنين.

من جهته أكد وانغ تشاو نان ، الرئيس التنفيذي لتحرير iQiyi أنه "عكس البرامج التلفزيونية ، فغالبا ما توصف البرامج المصممة على شبكه الإنترنت بأنها جاءت لتلبيه أذواق الشباب ، ولكنها في الواقع يمكن ان تكون أكثر من ذلك بكثير."

وأوضح أن "العروض المصممة على شبكه الإنترنت لها أشكال متنوعة ، والتي يمكنهانشر القيم السائدة في المجتمع على قنوات أوسع ، " ويضيف وانغ أنه "لاستقطاب الجمهور الشاب ، نعمل على تشجيع القصص الشخصية بصورة كبيرة فكلما كانت القصص مؤثره  كلما سهل الأمر على المشاهدين التعرف على المواضيع بسهولة".

وأضاف أنّ " أنا ووطني هي محاولة واحده من هذا القبيلويبدو أنها لقيت نجاحا باهرا فالعديد من مستخدميDouban.com والتلفزيون الرئيسي للصين والأفلام التي عرضت على الموقع ، تركوا رسائل يقولون من خلالها أنهم شاهدوا الفيديوهات في البداية لأنّنجومهم المفضلة  كانت قد شاركت فيها، ولكن سرعان ما أصبحوا مدمنين على العروض".

 

مراسل الإذاعة الجزائرية : أنيس بن هدوقة

العالم, آسيا