عقد ونصف على رحيل ياسر عرفات والوضع الفلسطيني يزداد تعقيدا

خمسة عشر عاما تمر اليوم على وفاة الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الذي قاد الكفاح الفلسطيني ضد الاحتلال الاسرائلي في شقيه السياسي والعسكري على مدار أربعة عقود، انتهت مسيرته الحافلة بوفاته في الحادي عشر نوفمبر من عام 2004 بطريقة غامضة، لم تزل ألغازها تلقي بظلالها على المشهد الفلسطيني الذي لم يراوح مكانه فحسب، بل ازداد تعقيدا بعد الشرخ الكبير الذي اتسع بين فتح وحماس ولم تفلح لحد ألان السلطة الفلسطينية في رأبه أو ترميمه على مقربة من الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي تقول السلطة إنها باتت وشيكة بعد مفاوضات عسيرة مع الفصائل التي قدمت رؤيتها للرئيس محمود عباس كل ذلك وسط توتر اقليمي ودولي يلقي بظلاله على القضية الفلسطينية.

عقد ونصف يمر اليوم على رحيل الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات (أبوعمار)، والقضية الفلسطينية تزداد تعقيدا يوما بعد يوم في ظل هشاشة وضع السلطة الفلسطينية الحالية نتيجة الانقسام الداخلي من جهة والتوتر الذي تعرفه المنطقة العربية عامة والشرق الأوسط بشكل خاص، بعد الزلازل التي حدثت في مما كان يعرف بمعسكر الممانعة الذي ظل لوقت طويل سندا للقضية الفلسطينية ولو بشكل رمزي أحيانا.

عرفات أو أبو عمار كما يناديه الفلسطينيون الذي عرف بخطاباته الحماسية، وبكوفيته الفلسطينية التي لا تفارق رأسه كان الخيط الذي يجمع شتات العقد الفلسطيني ، وانفرط يوم 11 نوفمبر من العام 2004، بعد مرض غامض ، تلا حادثة محاصرته من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي في مقر مقاطعة رام الله بعد اتهامه بتفجير انتفاضة عام 2000، أما التهمة الحقيقية فهي تشبثه بحق الفلسطينيين في أرضهم ورفضه التفريط فيه.

ولد ياسر عرفات -واسمه بالكامل ‘محمد ياسر’ عبد الرؤوف داوود سليمان عرفات القدوة الحسيني- في 4 جويلية عام 1929 بالقدس ،" وتلقى تعليمه في القاهرة، وشارك بصفته ضابط احتياط في الجيش المصري في التصدي للعدوان الثلاثي على مصر في 1956، لسؤسس فيما بعد رفقة مجموعة من المناضلين الفلسيطينيين حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح في الخمسينيات، وأصبح ناطقا رسميا لها في 1968، لينتخب رئيسا للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في فيفري 1969، بعد أحمد الشقيري ويحيى حمودة.

والى جانب كفاحه المسلح كان أبوعمار يخوض معركة السياسة حيث القى عام 1974 كلمة باسم الشعب الفلسطيني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، خلدتها جملته الشهيرة “جئتكم حاملا بندقية الثائر بيد وغصن زيتون باليد الأخرى، فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي”. اذ ظل ياسر عرفات مزاوجا بين الكفاح العسكري والسياسي قائدا مفوها، قاد القوات الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية، خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان صيف العام 1982، كما قاد معارك الصمود خلال الحصار الذي ضربته القوات الإسرائيلية حول بيروت طيلة 88 يوما انتهت باتفاق دولي يقضي بخروج المقاتلين الفلسطينيين من المدينة.

وغداة إعلان استقلال فلسطين في الجزائر في الخامس عشر من نوفمبر عام 1988، بدأت القضية الفسلطينية تأخذ منعرجا آخر بدخولها أروقة الأمم المتحدة التي تبنت مبادرة السلام العادل رغم رفض الولايات المتحدة دخوله اليها، مما جعل الجمعية تنقل نشاطها لجنيف، وكانت بداية دخول منظمة التحرير كممثل حصري للشعب الفسلطيني برئاسة ياسر عرفات.

وبعد اندلاع انتفاضة الفين (2000) اتهمت اسرائيل ياسر عرفات بتأجيجها وحاصرت مقاطعة وشنت حملات عسكرية وقصفا بالمتفجرات لمكتب الرئيس عرفات نفسه عام 2002 راح ضحيتها مئات الفلسطينيين من بينهم الحرس الشخصي للرئيس أبو عمار.

لتنتهي مسيرة الزعيم الفلسطيني الحافلة بعد أيام من وصوله لأحد المستشفيات الفرنسية، حيث عجز الأطباء عن علاجه، وعن اكتشاف ما أصاب جسده من مرض يرجح انه ناتج عن تسميم، رغم أن لجنة الحقيق الفلسطينية التي أجرت جلسات الاستماع والاستجواب لأشخاص قاموا بزيارته، و قامت بفحص التقارير الطبية، لكنها لغاية اليوم لم تنشر نتائج تقريرها.

فيما تؤكد بعض التقارير أن الرئيس الفلسطيني الراحل قتل مسموما، من خلال مخطط لأجهزة الأمن الإسرائيلية، حيث جرى استخراج رفاته من قبره في نوفمبر من العام 2012، وأخذت منه عينات من قبل فريق طبي روسي وسويسري، للتحقق من تعرضه للتسمم عبر مادة “البولونيوم”، بعد أن كشفت تقارير اعلامية وجود هذه المادة على ملابسه.

موت الزعيم الفلسطيني الذي ظل لغزا غامضا، يمثل طيّا لحقبة من النضال الفلسطيني ضد الاحتلال في وسط عالم متوتر، عالم يعقد الصفقات لبيع القضايا والأوطان تحت الطاولات ومستعد لتصفية كل الذين يقفون في طريق تنفيذ أجنداته.

المصدر: موقع الإذاعة الجزائرية

 

العالم