نظام خاص بقطاع المحروقات سيحفز المستثمرين الأجانب و لا تأثير على الجباية النفطية

أكد كل من وزير الطاقة محمد عرقاب و وزير المالية محمد لوكال اليوم الثلاثاء أمام نواب المجلس الشعبي الوطني، أن فصل النظام الجبائي لقطاع المحروقات عن قوانين المالية، كما يقترحه تعديل القانون العضوي 18-15 المتعلق بقوانين المالية، سيسمح بتحفيز المستثمرين الأجانب على القدوم الى الجزائر دون المساس بأي شكل من الأشكال بمستوى الجباية النفطية.

و عقب جلسة النقاش العلنية حول تعديل قانون 18-15، و التي عبر فيها النواب عن تخوفهم من انعكاسات التعديل المقترح، قدم عرقاب مجموعة من الحجج و التطمينات داعيا اياهم الى "التفكير جليا في هذا التعديل و بكل موضوعية".

وأوضح أن اقتراح ادراج احكام جبائية ضمن مشروع قانون المحروقات "سيعطي اشارة قوية للمستثمرين الاجانب حول استقرار النصوص التشريعية للبلاد و يعمل على تحسين مناخ الاعمال في الجزائر" مذكرا بالتصنيف السيء للبلاد في مختلف تقارير "دوينغ بيزنس" للبنك العالمي.

و في اخر تقرير ل"دوينغ بيزنس"عن مناخ الأعمال في دول العالم، نشر مؤخرا، صنفت الجزائر، من بين 190 بلدا، في المرتبة 157.

و قال عرقاب مخاطبا النواب: "لا يخفى عليكم أن الاستثمارات في مجال البحث و الاستكشاف النفطي مكلفة جدا و تحتاج الى قدرات مالية و تكنولوجية عالية فضلا عن كونها عالية المخاطر، لكن كيف سنقع المستثمرين بالمجيء و نحن نقترح عليهم اطارا جبائيا قابلا للمراجعة مع كل قانون مالية؟" و أضاف أن الحركية الاقتصادية عبر العالم تتسارع و لا يجب أن تبقى الجزائر على الهامش و هي ترى كل الاستثمارات الكبرى تذهب للدول المجاورة.

و أكد أن التعديل "لا يتضمن أي لبس أو ضبابية، كل ما فيه أنه يلغي التدخلات الكثيرة في الجباية المتعلقة بالمحروقات خاصة في نشاطات المنبع و هذا يدخل في الذكاء الاقتصادي".

و أضاف  عرقاب أن فصل النظام الجبائي للمحروقات عن قوانين المالية ليس ابتكارا جزائريا بل ان الكثير من الدول ذهبت الى تعديلات مشابهة في اطار الاصلاحات التشريعية التي تبنتها عقب الأزمة النفطية العالمية سنة 2013.

أما عن مسألة الرقابة الميزانية، التي يتخوف النواب من فقدانها فيما يخص الجباية المتعلقة بالمحروقات، في حال المصادقة على التعديل المقترح، أكد الوزير أن وزارة المالية ستواصل مهمتها الرقابية و الاستشرافية بشكل عادي في كل ما يتعلق بالتحصيل الجبائي.

و بخصوص تخوف بعض النواب من تهاوي المداخيل النفطية للبلاد بفعل تنازلات جبائية كبيرة قد تمنحها سوناطراك لشركائها، أوضح الوزير أن هذه المداخيل، بالعكس، سترتفع بفضل الارتفاع المرتقب في الاستثمارات الطاقوية بعد دخول قانون المحروقات الجديد حيز التطبيق، في حال المصادقة عليه من طرف البرلمان.

و قال الوزير بهذا الخصوص: "بسبب نقص الامكانيات المالية، لا تستغل سوناطراك حاليا سوى حقلين نفطيين فقط من بين 150 حقلا معروضا للاستغلال، تصوروا حجم المداخيل النفطية للبلاد في حال تمكننا من استقطاب المستثمرين الأجانب لاستغلال هذه الحقول".

لوكال: سوء الفهم هو مصدر التخوفات

بدوره، دافع وزير المالية محمد لوكال عن التعديل المقترح على القانون العضوي 18-15 المتعلق بقوانين المالية مؤكدا أن هذا التعديل "لا يعدو ان يكون سوى مسألة تقنية بحتة لا تبيح محظورا و لا تستبيح ثروات البلاد كما يعتقد البعض بسبب سوء الفهم".

و أضاف بأن هذه المبادرة تستهدف فقط جعل النظام الجبائي الخاص بالمحروقات أكثر جاذبية و أقل بيروقراطية و ادخال بعض المرونة في التعامل مع الاستثمار الأجنبي المباشر الذي يحتاجه الاقتصاد الوطني اليوم أكثر من أي وقت مضى.

كما أكد بدوره أن ايرادات الدولة من مداخيل تصدير النفط، التي تتوقف على كميات و أسعار النفط و الغاز المباع، لن تتضرر بفعل التعديل المقترح مشيرا الى أن 80 بالمئة من الدول المنتجة و المصدرة للنفط اعادت النظر في منظومتها الجبائية بعد انهيار اسعار النفط سنة 2014.

و كان لوكال قد أوضح الأحد الماضي أمام لجنة المالية و الميزانية بالمجلس، و التي لم يتضمن تقريرها التمهيدي حول مشروع القانون أي اقتراح تعديل، أن النظام الجبائي المقصود بهذا التعديل لا يخص مجال تسويق المحروقات بل يقتصر على النشاطات الأفقية المتمثلة في البحث و التنقيب و الاستغلال و الانتاج.

و تنص المادة 18 من القانون العضوي الحالي (18-15) على أن" قوانين المالية تنص دون سواها على الأحكام المتعلقة بوعاء و نسب و كيفيات تحصيل الاخضاعات مهما كانت طبيعتها و كذا في مجال الاعفاء الجبائي".

لكن و لتمكين مشروع قانون المحروقات الجديد، المعروض على المجلس للنقاش، من التنصيص على أحكام جبائية، اقترحت وزارة الطاقة تعديل هذه المادة بالسماح لقطاع المحروقات بامتلاك جبايته الخاصة و فصل هذه الاخيرة عن قوانين المالية.

و لهذا الغرض تم اضافة فقرة جديدة للمادة 18 تنص على أنه يمكن للنظام الجبائي المطبق على النشاطات الأفقية المرتبطة بقطاع المحروقات أن يدرج ضمن "قانون خاص" مع "استثناء الأحكام المتعلقة بالإعفاءات الجبائية".

و كان القانون العضوي 84-17 المتعلق بقوانين المالية، الذي عدل السنة الماضية من خلال ادراج اصلاحات جوهرية عليه، يسمح، في مادته ال13، بإمكانية التشريع الجبائي عن طريق نصوص أخرى غير قوانين المالية لاسيما فيما يتعلق بقانون المحروقات، و هي الامكانية التي ألغتها المادة 18 من قانون 18-15.

و من هنا يكون التعديل المقترح عبارة عن رجوع لما كان معمولا به في قانون 84-17 فيما يخص امكانية اقامة تشريعات جبائية منفصلة عن قوانين المالية لاسيما في قطاع المحروقات.

و سيصوت المجلس الشعبي الوطني على مشروع القانون الجديد الخميس القادم.

 

 

 

 

        

الجزائر