ذكرى ميلاد هو شي منه: مسار ثوري حافل للأب الروحي للثورة الفيتنامية

يحيي الشعب الفيتنامي هذا الثلاثاء، الذكرى ال130 لميلاد هو شي منه، الأب الروحي للثورة الفيتنامية، المدافع عن حقوق الشعوب المضطهدة و قائد إحدى أعظم حروب التحرير في العالم.

وتشكل ذكرى ميلاد هو شي منه، مناسبة متجددة يقف من خلالها الفيتناميون، والمدافعون عن القضايا العادلة وأحرار العالم كافة، على مناقب هذه الشخصية الفذة، التي كرست حياتها خدمة لوطنها ودافعت بقوة عن حق الشعوب في الحرية والاستقلال، وخطّت بذلك اسمها بأحرف من ذهب في تاريخ الإنسانية جمعاء.

ويعتبر هو شي منه، (1890 -1969 )، مؤسس الدولة الفيتنامية الشمالية، ورائد النهضة القومية في الهند الصينية، وهو الرئيس الأول لفيتنام الشمالية (1945 – 1969).

وباعتبار أن هو شي منه، كان يمثل بلورة لتقاليد الألفية للثقافة الوطنية الفيتنامية، وأن أفكاره شكلت تجسيدا لتطلعات جميع الشعوب إلى تأكيد هويتهم الوطنية، قررت الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في دورتها ال24 عام 1990،الاحتفال بالذكرى المئوية لولادة هذه الشخصية التاريخية الفذة، التي أصدرت عام أول عمل لها عام 1925 تحت عنوان: "محاكمة الاستعمار الفرنسي".

فإلى جانب كونه مناضلا، ثوريا و سياسيا فذا، عرف أيضا بشغفه بالكتابة والأدب، حيث ألف العديد من الكتب، من بينها: مذكرات "يوميات السجن"، "الوطنية والبروليتارية العالمية"، "السقوط مع الاستعمار!"، "هو شي مينه: كتابات مختارة 1920-1969"، وغيرها من المؤلفات، بالإضافة إلى أكثر من 100 قصيدة، خطّها خلال فترة اعتقاله.

كان من بين الأعضاء الرئيسيين لصحيفة "لو باريا"، التي كانت تصدر شهريًا بين عامي 1922 و 1926 ، من قبل الاتحاد بين-الاستعماري، التابع للحزب الشيوعي الفرنسي، والذي كان ينشط فيه أيضا، عبد القادر حاج علي، المناضل الجزائري في صفوف الطبقة العاملة، ضد الاستعمار الفرنسي للجزائر.

مسار ثوري حافل للأب الروحي للثورة الفيتنامية

ولد هو شي منه في أسرة فقيرة، عام 1890وكانت فيتنام آنذاك تحت وطأة الاحتلال الفرنسي. هاجر إلى الغرب عام 1911 بحثا عن طرق ووسائل للتحرير وطنه.

وقد استلهم الرجل الثوري كثيرا من الثورة البلشفية الروسية  (ثورة أكتوبر1917) والأفكار التقدمية، واقتنع من حلالها بأن "الاشتراكية فقط هي التي يمكنها أن تقود فيتنام إلى الاستقلال التام والحقيقي".

ومن هنا بدأ تطوره النضالي مطلع عشرينيات القرن الماضي، داخل الحركة العمالية الفرنسية، ومنظمات أخرى حيث كان يسعى إلى توعية الشعوب المستعمرة بحقها في الاستقلال.

وقد خاض هو شي منه، مع رفاقه مقاومة ضد الاستعمار الفرنسي لبلاده، ليلتحق بعدها بالحزب الشيوعي الفيتنامي ويصبح عضوا فاعلا فيه. ومع عام 1941 تولى قيادة حركة الاستقلال لاسيما بعد هزيمة فرنسا أمام قوات ألمانيا النازية، حيث أشرف على العديد من الأعمال العسكرية الناجحة، بدعم وثيق من مكتب الولايات المتحدة الأمريكية للخدمات الاستراتيجية ضد الاحتلالين، الفرنسي و الياباني خلال الحرب العالمية الثانية.

ومع نهاية الحرب العالمية وبعد الثورة الشعبية الفيتنامية ضد الاحتلال عام 1945، تم الإعلان عن قيام جمهورية فيتنام الديمقراطية، في 2 سبتمبر 1945 ، بعد قرن من الاحتلال، وأصبح هوشي منه رئيس الحكومة المؤقتة (رئيس جمهورية فيتنام الديمقراطية)، ليصبح بعدها أول رئيس لفيتنام الشمالية عام 1946 تحت الاستعمار الفرنسي.

ومع ذلك، سيحاول المستعمر الفرنسي إعادة فيتنام إلى زمن العبودية والاستغلال والبؤس، غير أن المقاومة البطولية للشعب الفيتنامي بقيادة هوشي منه، لاقت تضامنا من جميع أنحاء العالم.

ونظرا للثقة الكبيرة التي كان يضعها  في زعيمهم الذي كان يجسد "قوة أخلاقية لا تنضب"، وبعد 9 سنوات من القتال، تمكن فيتنام من تحقيق النصر التاريخي في ملحمة ديان بيان فو، التي أنهت حرب المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي.

وإصرارا منه على تجسيد قناعته بضرورة توحيد الشعب الفيتنامي، أشعلت وطنيته فتيل ما عرف بحرب الفيتنام (1955-1975) خاضت خلالها الجمهورية الديمقراطية الفيتنامية حربا ضد الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تلقت أمريكا هزيمة كانت الأولى في تاريخها.

وبذلك يكون الشعب الفيتنامي البطل قد دافع عن مبدأ الحرية، المقدس لجميع شعوب الأرض، ويكون هو شي منه، (1890 -1969)، مؤسس الدولة الفيتنامية الشمالية، ورائد النهضة القومية في الهند الصينية.

العالم