أهمّ أحداث الجزائر في 2020 : ظلّ كورونا و.. 4 تحوّلات

طغى ظلّ جائحة كورونا و4 تحولات كبرى على سنة 2020 في الجزائر التي كانت على موعد مع تفاعل رسمي واسع مع مناطق الظلّ، واعتماد أنموذج اقتصادي جديد جرى بلورته بدفع المؤسسات الناشئة، بالتزامن مع التعديل الدستوري والحراك الدبلوماسي.

في التقرير التالي، يستعرض "موقع الإذاعة الجزائرية"، أهمّ الأحداث التي مرّت بها الجزائر هذا العام:

جائحة كوفيد 19

اتسمّت مواجهة جائحة فيروس كورونا عبر العالم بحزمة اجراءات متباينة، في المقابل استبقت الجزائر الأزمة، على نقيض تأخر إسبانيا وإيطاليا وعدة دول أخرى في التعامل مع الوباء الأخطر منذ عدة سنوات.

وتبنت السلطات العمومية إستراتيجية وقائية لكبح تفشي فيروس كورونا، وهو ما أثبتت فعالية رغم بروز نقائص حالت دون تطبيق الإجراءات الاحترازية بالكامل.

ومنذ 24  جانفي 2020، بادرت وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات بتوجيه تعليمات للسلك الطبي لمواجهة أي طارئ، مع تفعيل منظومة الترصد والإنذار للتصدي لأي طارئ خاص بالأوبئة ذات الانتشار الواسع.

وجرى في 27 جانفي 2020، تركيب كاميرات حرارية للمراقبة على مستوى مطارات هواري بومدين (الجزائر) ومحمد بوضياف )قسنطينة) وأحمد بن بلة (وهران)، كما أمر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في الثاني فيفري 2020، بإجلاء 31 جزائريًا رفقة 17 رعايا تونسيين وليبيين وموريتانيين، من مدينة ووهان الصينية، قبل فرض حجر صحي صارم بعد ظهور الحالة الأولى بالجزائر لرعية ايطالية بحاسي مسعود في 25 فيفري 2020 ثم حالات مؤكدة لــ16 شخصا من عائلة واحدة بالبليدة.

وأمر الرئيس تبون باعتماد اجراءات وُصفت بالاستباقية لمنع تفشي الوباء من خلال خاصة تفعيل نظام الرصد والمراقبة الخاصة بتفشي الأوبئة ومرافقته بنظام صحي وقائي لحماية المجتمع والاستعداد للتدخل السريع عند الحاجة.

ونظرًا للوضعية الوبائية، أمر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في 12 مارس 2020 باتخاذ اجراءات استعجالية احترازية سبقت بها الجزائر حتى الدول المتقدمة نفسها، حيث تمّ غلق المدارس والجامعات ورياض الأطفال ومؤسسات التعليم والتكوين المهنيين وقاعات الرياضة والحفلات وتعليق النقل بجميع وسائله البرية والجوية والبحرية، وكأولوية، جرى تنفيذ بروتوكول علاجي وتنظيم سلسلة العلاج وتوفير وسائل الكشف عن الفيروس إلى جانب نظام مراقبة فعّال، وإصدار أزيد من 60 أمرية وتعليمة لمهنيي الصحة.

وشكّلت أزمة كورونا فرصة لــ"مراجعة المنظومة الصحية من الأساس وفي أدق تفاصيلها من خلال بناء منظومة عصرية تريح المواطن وتضمن له العلاج اللائق"، على حد تأكيد الرئيس تبون.
بالنسبة للوضعية الوبائية، ظلّت الأخيرة تتأرجح بين مئة وما يربو عن الألف إصابة عند أوجّ الموجة الثانية للوباء، قبل أن تستقرّ في شهر ديسمبر عند أقلّ من 500 حالة يوميًا بعد إعادة فرض اجراءات وتدابير مشدّدة.

وبلغ مجموع الحالات المؤكدة في الجزائر إلى غاية الخميس 31 ديسمبر 2020، 99610 إصابة بينها 2756 وفيات، بينما شفي 67127 شخصًا.

الجيش الأبيض والضريبة الباهظة 

تسبّب فيروس كورونا في فقدان الجزائر لعدد كبير من القامات في عدة مجالات، تموقع فيها أبطال الجيش الأبيض في الصدارة. بما يربو عن مئة متوفٍ، بينهم البروفيسور مهدي سي أحمد، الطبيبة وفاء بوديسة، الطبيب المختص في الغدد والسكري محمد حوحو، البروفيسور عبد الرحمن عمير، البروفيسور مروان بوكريسة، البروفيسور زبيدة زايدي، البروفيسور مصطفى بابا أحمد، البروفيسور سعدي بركان، البروفيسور مراد حجاج، الجرّاح فضيل لطيف، والأطباء بشير مراح، عمار رداح، عبد الرحمن بن سعدون، أحمد بدري، كمال غربي، وناصر شمعة.

عمر ثانٍ لساكنة مناطق الظلّ

شكّلت سنة 2020 منعرجًا لمناطق الظلّ في الجزائر العميقة، حيث ركّز رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون على جعل ملف "جيوب الفقر" في صدارة أولويات الحكومة، كما قام الرئيس تبون بتعيين مستشار خاص لمتابعة المشاكل الموجودة على مستوى أكثر من 15 ألف منطقة ظلّ تستوعب نحو تسعة ملايين شخص.

وشكّل اجتماع مجلس الوزراء المنعقد يوم الاثنين 3 فيفري الماضي، منطلقًا للحكومة التي اتخذت سلسلة إجراءات للقضاء على الفوارق التنموية والإختلالات الموجودة بين ولايات الشمال وولايات الهضاب العليا والجنوب، وكذلك بين المناطق الحضرية والريفية والجبلية.

ووجّه الرئيس تبون، وزير الداخلية كمال بلجود وباقي الوزراء المعنيين لإيجاد الحل لمناطق الظل المعزولة حتى توفر لها الخدمات الضرورية من ماء شروب وكهرباء وطرق وبذلك يشعر سكانها بأنهم مواطنون كاملو الحقوق كغيرهم من المواطنين.

وفي لقاء الحكومة بولاة الجمهورية ورؤساء المجالس الشعبية الولائية والبلدية "من أجل جزائر جديدة" يومي 16 و17 من فيفري 2020 بقصر الأمم في نادي الصنوبر غربي العاصمة، حثّ الرئيس تبون الولاة على وجوب إجراء مسح شامل لمناطق الظل التي يعيش فيها المواطنون المحرومون.

وشدّد تبون آنذاك: "إنني أعيش واقع المواطن ولن أقبل أبدًا أن يكون هناك مواطن من الدرجة الأولى وآخر من درجة ثانية أو ثالثة بل يجب أن تمتد ثمار التنمية إلى جميع الجهات وإلى جميع المواطنين".

وأكد الرئيس تبون مرارًا أنّه "لن يقبل أبدا بمناظر مأساوية ومذلّة لمواطنين يعيشون في القرون الوسطى خلافا لمواطنين آخرين يعيشون في القرن الواحد والعشرين في ظروف مريحة"، كما أمر بالتركيز على الحاجيات الحقيقية لسكان البلديات المحرومة، وإعلان الحرب على التبذير والإنفاق المشبوه.

وبناءً على معاينات ميدانية، تم خلال 4 أشهر، تنفيذ مئات العمليات التنموية الخفيفة التي أسهمت إلى حد ما في تخفيف معاناة هؤلاء السكان من خلال اعتمادات مالية بسيطة.

وجرى عقد اجتماع ثان بين الحكومة وولاة الجمهورية في الحادي عشر أوت 2020، من أجل تقييم مدى تجسيد تعليمات الرئيس تبون ميدانيًا، وشهد اللقاء كشف مستشار الرئيس المكلف بمناطق الظل، إبراهيم مراد، عن تنفيذ 38%  من المشاريع المسجلة.

وفي السادس أكتوبر 2020، أعلن مستشار رئيس الجمهورية المكلف بمناطق الظل، إبراهيم مراد، عن تخصيص 184 مليار دينار للتكفل باحتياجات 9 ملايين من قاطني 15044 منطقة ظل من خلال 38700 مشروع.

وبتاريخ العاشر أكتوبر 2020، كشف مستشار رئيس الجمهورية المكلف بمناطق الظل عن تخصيص المزيد من الدعم المالي لتجسيد عمليات تنموية بالمناطق المؤهلة لاستحداث النشاطات المرتبطة بالفلاحة وتربية الحيوانات، مع دعوة الشباب المقيمين بهذه المناطق إلى التفكير في استحداث نشاطات منتجة مرتبطة بالقدرات التي تتوفر عليها هذه المناطق.

وحصر مستشار الرئيس أهم حاجات وأولويات "مناطق الظل" بــ14 قطاعاً، تتعلق أساساً بشبكات الطرق أو المسالك التي تربط القرى بشبكات النقل، الكهرباء والغاز، والصرف الصحي، إضافة إلى التغطية الصحية، وتوفير مياه الشرب، وتحسين ظروف الدراسة وأماكن الترفيه.

ومنح الوزير الأول عبد العزيز جراد مهلة للولاة شدّد فيها على ضرورة إنهاء الأشغال بمختلف المشاريع التي تم قبولها في إطار تنمية مناطق الظل، قبل نهاية العام الحالي، بالتزامن، صرّح إبراهيم مراد أنّ "2021 ستكون سنة مناطق الظل بامتياز"، متوقعًا أن "يشهد الريف نزوحاً عكسياً بعد ارتقائه إلى المستوى المطلوب".

ويشكّل الاهتمام المستمرّ لرئيس الجمهورية بالمناطق المحرومة والنائية، ارتياحًا كبيرًا في الأوساط الشعبية، واعتبرته مؤشرا حقيقيا للإرادة التي تحذو القيادة السياسية للبلاد، لتحقيق تنمية مستدامة وفق عدالة اجتماعية حسب مقتضيات دولة الحق والقانون.

تجسيد رهان تعديل الدستور

توّجت سنة 2020 ببلورة خامس دستور في تاريخ الجزائر، وشكّل الاستفتاء على تعديل الدستور في الفاتح نوفمبر 2020، تجسيدًا لكبرى الأولويات التي سطّرها الرئيس تبون، غداة انتخابه بهدف إرساء أسس "الجزائر الجديدة"، في إطار تجسيد التزاماته أمام الجزائريين وتحقيق أحد المطالب التي عبّروا عنها خلال الحراك الشعبي السلمي في 22 فيفري 2019.

وشهد استفتاء تعديل الدستور، مشاركة 24.466.618 ناخبًا، وبلغت نسبة المشاركة 23.84 %، بعدد إجمالي للناخبين المصوتين بما فيهم المقيمين في الخارج 5.661.551، في وقت بلغ عدد المصوتين بنعم 3.356.091 أي بنسبة 66،80 %، فيما كان عدد المصوتين بلا: 1.668.148 أي بنسبة 33.20 %  .

رحيل متتابع

تميّزت سنة 2020 برحيل شخصيات وطنية وثقافية ورجال أعمال ومسؤولين سابقين، هم: النائب ومالك مجمع سيم عبد القادر زغيمي، الوزير السابق موسى بن حمادي، السفير السابق عبد القادر حجار، لخضر بورقعة، عضو اللجنة الوزارية للفتوى الأستاذ عيسى ميقاري، عضو اللجنة المركزية في حزب طلائع الحريات مصطفى بكة، البروفيسور مصطفى بوخاتم، البروفيسور محمد بلحمرة، البروفيسور إبراهيم بوزرافة، البروفيسور طارق بوكثير، وفي شهر نوفمبر الماضي فقدت الجامعة الجزائرية 10 أساتذة، خلال أسبوع واحد.

استرجاع رفات الشهداء

استرجعت الجزائر في الرابع جويلية الماضي، 24 من رفات شهداء المقاومة الشعبية ضد الاستعمار الفرنسي، وجرى دفنها وسط مراسم مهيبة تليق بشهداء الجزائر".

وتعود هذه الجماجم التي ظلت محفوظة في متحف الإنسان بباريس منذ بحر القرن التاسع عشر لمقاومين سقطوا في ميدان الشرف في بدايات الاستعمار الفرنسي للجزائر، منها ما يعود إلى مقاومين بارزين منهم محمد لمجد بن عبد المالك المعروف باسم شريف "بوبغلة"، و"رأس محنطة" للضابط الجزائري عيسى حمادي، والشيخ بوزيان قائد مقاومة الزعاطشة بمنطقة بسكرة، وموسى الدرقاوي وسي مختار بن قويدر الطيطراوي، ومحمد بن علال بن مبارك الذراع الأيمن للأمير عبد القادر الجزائري قائد أول مقاومة ضد الاستعمار الفرنسي ومؤسس الدولة الجزائرية الحديثة.

سنّ قانون مكافحة التمييز وخطاب الكراهية

شهد عام 2020 ترسيم قانون الوقاية من التمييز وخطاب الكراهية ومكافحتها سندا تشريعيا قويا للتصدي لهذه الظاهرة التي أخذت أبعادا مقلقة دفعت بالسلطات العليا للبلاد وعلى رأسها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، إلى معالجتها عبر إقرار نص يصون الوحدة الوطنية بكل مكوناتها.

ويعدّ سنّ هذا القانون أحد أبرز المكاسب التي اجتهدت السلطات في تحقيقها في ظل تفشي هذه الظاهرة لا سيما من بعض الأوساط، حيث تحوّلت بعض منصات التواصل الاجتماعي إلى فضاءات لنشر مقالات مسيئة لأسس ومقومات الوحدة الوطنية والانسجام المجتمعي.

وأضحت بعض الأوساط تبث عبر مواقع التواصل الاجتماعي مضامين وخطابات الكراهية والازدراء والنعوت المشينة اتجاه شخص أو فئة من المجتمع وذلك لاعتبارات جهوية وإثنية ودينية وشخصية.

ولم يسلم من هذه الآفة حتى رموز الثورة المجيدة على غرار الشهيد رمضان عبان الذي وصل بالبعض إلى التشكيك في وطنيته.

وأمام هذا المنحى الخطير للظاهرة، جاء القانون المذكور ليجرّم كل مظاهر العنصرية والجهوية وخطاب الكراهية في البلاد، وجاء هذا النص حسب ما ذكرت رئاسة الجمهورية "بعدما لوحظ ازدياد خطاب الكراهية والحثّ على الفتنة خاصة في وسائل التواصل الاجتماعي، ولسد الباب في وجه أولئك الذين يستغلون حرية وسلمية الحراك برفع شعارات تهدد الانسجام الوطني".

وتمّ التأكيد في ذات الوقت على "أنّ الجميع مطالبون بالتقيد بالدستور وقوانين الجمهورية، لاسيما فيما يتعلق باحترام ثوابت الأمة وقيمها، والمكونات الأساسية للهوية الوطنية والوحدة الوطنية ورموز الدولة والشعب".
وتمت المصادقة على القانون في 23 فيفري الأخير في مجلس الوزراء قبل التصويت عليه من طرف غرفتي البرلمان.

ونصّ القانون على استحداث مرصد وطني للوقاية من التمييز وخطاب الكراهية يوضع لدى رئيس الجمهورية، كهيئة وطنية تتمتع بالاستقلال المالي والإداري، وتتمثل مهامه في رصد كل أشكال التمييز وخطاب الكراهية، ووضع الإستراتيجية الوطنية للوقاية من التمييز وخطاب الكراهية التي تمثل الجانب الوقائي.

وعرّف النص التمييز بكونه كل سلوك يقوم على أساس الجنس أو العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الإثني أو اللغة أو الانتماء الجغرافي وينص على أنّ العناصر المكونة لتجريم خطاب الكراهية تتعلق بجميع "أشكال التعبير التي تنشر التمييز أو تحرّض عليه أو تشجعه أو تبرره أو تلك التي تعبر عن الاحتقار أو الإذلال أو العداوة أو الكراهية أو العنف".

وانطلق القانون من مراعاة المواثيق الدولية واحترام سوسيولوجيا المجتمع الجزائري، مع الأخذ بعين الاعتبار كون أغلب جرائم التمييز وخطاب الكراهية ترتكب باستخدام تكنولوجيات الإعلام والاتصال، مما يستلزم تحديد الأحكام المتعلقة بالمساعدة والتعاون الدوليين.

حصيلة جمعوية مشرّفة

عرف المجتمع المدني نشاطًا استثنائيًا خلال السنة الجارية، ميّزه التضامن والمبادرة، حيث انخرطت الحركة الجمعوية بشكل فعال و ثمين في اطار مسعى تشاركي في الجهد الوطني الرامي إلى الحد من انتشار هذا الوباء، وكان ذلك بحس مدني منقطع النظير.

وبرز دور العديد من الجمعيات على غرار جمعيات "سيدرا" و"ناس الخير" و "الدار البيضاء المتحدة" و"أمل الجزائر"، بالإضافة إلى الآلاف من جمعيات القرى والأحياء طوال قرابة العشرة أشهر من الجائحة التي تعيشها البلاد على غرار دول العالم.

ويمكن استحضار ما قامت به الحركة الجمعوية من حملات تحسيسية وأخرى لتعقيم وتطهير الشوارع والساحات المرافق العمومية، كما أنّ بعض الجمعيات أخذت على عاتقها مسؤولية صناعة الأقنعة والبذلات الواقية ومساندة الجيش الأبيض في مهمته النبيلة من خلال الضمان لهم الأكل والإيواء.

وبرزت الهبة التضامنية التي أبانت عنها الجمعيات خلال هذه الجائحة بالخصوص تجاه ولاية البليدة التي انطلق منها الوباء وعانت من الحجر الكلي الذي فرض عليها، بما أظهر قدرة المجتمع المدني على التنظيم والتجنيد والاستجابة السريعة لنداء الوطن.

وبرز اهتمام الرئيس تبون بالتقرب أكثر من المجتمع المدني، عبر تعيين البرلماني نزيه برمضان مستشارًا مكلفًا بالحركة الجمعوية والجالية الجزائرية بالخارج قصد التعرف أكثر على معوقات هذا النشاط ومحاولة تجاوزها.
ووفقًا للمعطيات الرسمية، اعتمدت مصالح وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية أكثر من 2600 منظمة من المجتمع المدني من ضمن 4 آلاف طلب، كما جرى إقرار تسهيلات لفائدة أصحاب المبادرات لإنشاء جمعيات بلدية ذات طابع خيري وتضامني ولجان الأحياء والقرى والتجمعات السكانية.

وتتمثل هذه التسهيلات في تقليص مدة دراسة ملفات تأسيس الجمعيات إلى 10 أيام وتخفيف الإجراءات البيروقراطية وفتح فضاءات لعقد لقاءات بين الجمعيات.
ويرى ملاحظون أن المجتمع المدني في الجزائر ستسند إليه أدوارا بالغة الأهمية في ظل الجزائر الجديدة وسيكشف عن ذلك في المستقبل القريب عندما يتم مراجعة قانون الجمعيات وتترجم أحكام الدستور الجديد في مختلف القوانين العضوية والعادية الأخرى.

دور محوري ضمن أوبيب +

لعبت الجزائر خلال سنة 2020 دورا محوريا في تقريب وجهات النظر داخل منظمة أوبيب وحلفائها (أوبيب+) من أجل التوصل إلى عمل مشترك يهدف إلى إعادة توازن سوق البترول التي شهدت انخفاضا حادا في الطلب والأسعار جراء جائحة كوفيد-19.

وتجلّى هذا الدور أساسًا من خلال رئاسة الجزائر في 2020 لأربع منظمات طاقوية دولية وإقليمية، وهي منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبيب) ومنظمة الدول العربية المصدرة للنفط (أوابك) ومنظمة الدول الأفريقية المصدرة للبترول ومنتدى الدول المصدرة للغاز.

وفي هذا الإطار، بذلت الجزائر جهودًا معتبرة من أجل خفض الإنتاج وإعادة التوازن لسوق البترول وذلك منذ بداية الأزمة في مارس الماضي من خلال مباحثات ماراثونية مع جميع الفاعلين المعنيين.

ولمواجهة انخفاض الأسعار، ظلّت الجزائر متمسكة بالحوار بين أوبك وحلفائها رغم فشل اجتماع السادس مارس الماضي الذي أعقبه اندلاع حرب الأسعار.

وسمحت المشاورات المستمرة من التوصل شهر أبريل إلى اتفاق وصف بالتاريخي ينص على تخفيض هائل في الإنتاج على مدى عامين، وفي الوقت الذي كان يتأهب فيه منتجو أوبك لرفع إنتاجهم مع مطلع سنة 2021 تطلب الوضع من جديد التصدي لموجة الثانية من وباء كوفيد-19 وهكذا تقررت إعادة النظر في الزيادة التي كانت مقرّرة بــ1.9 مليون برميل يوميًا وتقليصها بنصف مليون برميل يوميًا .

ومكّن هذا القرار والالتزامات المتعهد بها منذ أفريل الماضي بتقويم الأسعار تدريجيًا، بحيث تجاوزت 50 دولارًا للبرميل مطلع ديسمبر بعد انحدارها إلى 19 دولارًا في أفريل المنصرم.

بالتزامن، حافظ مجمع سوناطراك على ديناميكية الشراكة رغم تسجيل تراجع كبير في عائدات الصادرات النفطية التي بلغت 14.6 مليار دولار نهاية سبتمبر الماضي.

عملياتيًا، اعتمدت إدارة سوناطراك مخطط عمل لمواجهة الوضع يرتكز على عدة نقاط منها مراجعة برنامج الاستثمار وميزانية الاستغلال لسنة 2020 بحيث بلغ التخفيض على التوالي 35 و13 من المئة تواليًا .

وأبرم المجمع الطاقوي عدة اتفاقات، أبرزها ذاك الموقّع مع المجمع الفرنسي "توتال" والذي جدّد بموجبه الطرفان شراكتهما في مجال الغاز الطبيعي المميع لمدة 3 سنوات إضافية، فضلا عن سلسلة اتفاقات تعاون مع المتعامل الايطالي "إيني" في قطاع الغاز والتنقيب وإنتاج المحروقات.

وعود الأنموذج الاقتصادي الجديد

حدّد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في عام 2020، الإطار المرجعي للأنموذج الاقتصادي الجديد، راسمًا معالم خطة الانتعاش الاقتصادي وحدّد اطارها القائم على "إتاحة الفرص للجميع" والمرتكز على "تعزيز سمو القانون وتكافؤ الفرص، والتشاركية في رسم السياسات، وتحقيق الاستدامة الـمالية وتقوية الـمؤسسات ورفع مستوى وكفاءة التعليم".

ويقوم الأنموذج الاقتصادي الجديد على تنويع النمو واقتصاد المعرفة، ووضع سياسة تصنيع جديدة موجهة نحو الصناعات المصغرة والمتوسطة والناشئة، وتعطي الأولوية في مجال التركيب الصناعي للمنتجات الضامنة لأعلى نسبة من الإدماج الوطني".

ويقوم الرهان الأكبر على تفعيل مليون مؤسسة مصغّرة، بغرض تطوير النسيج الاقتصادي وجلب القيمة المضافة، فضلاً عن تطوير المؤسسات المصغرة الناشطة في القطاعين الزراعي والصناعي، وابتعاث مؤسسات ناشئة لتطوير برامج ومنصات لرقمنة المجتمع وأخرى لترقية الحلول المدمجة وتحسين الأنشطة والتمويل، وما يتصلّ بالذكاء الصناعي، وتشجيع حاملي المشروعات الإبتكارية لبناء أرضية خصبة للمقاولاتية ونقل المعرفة ورفع جودة ونوعية المنتوج المحلي وتعزيز قدرته التنافسية.

وتضمّن الأنموذج الاقتصادي المتبّع، تسهيل منح القروض ودعم المؤسسات الناشئة للاستثمار في إفريقيا، وجرد كل الثروات الوطنية الطبيعية غير المستغلة "حتى نرفع من طاقتنا التصديرية، تعويضا عن أي نقص من عائدات المحروقات، وحفاظا على حق الأجيال الصاعدة في هذه الثروة، مع الاهتمام ببناء صناعة وطنية حقيقية ضمن اقتصاد وطني حقيقي ومنتج، محددة الآجال واضحة الأهداف من خلال مراجعة الإطار التشريعي المتعلق بترقية الاستثمار وإعادة تنظيم القطاع الاقتصادي العمومي التابع لها قصد إعادة بعثه وفصله تمامًا عن الخزينة العمومية كمموّل أساسي.

وأعطى الأنموذج الاقتصادي عناية لترقية ودعم الأنشطة الاقتصادية القائمة على المعرفة، ذات القيمة التكنولوجية العالية، ودعم المؤسسات الصغيرة، وتشجيع المؤسسات الناشئة التي يقودها أصحاب الشهادات من الشباب ودعم وترقية دور قطاع البناء والأشغال العمومية لما له من دور محوري في دعم النمو الاقتصادي وامتصاص البطالة، فضلاً عن  تحسين مناخ الأعمال من خلال تبسيط إجراءات إنشاء المؤسسات، وتوفير العقار والاستفادة من القروض والخدمات العمومية ذات الجودة، وإصلاح وعصرنة النظام البنكي والإدارة ومكافحة السلوك البيروقراطي.

كابوس القلاقل

شهدت ولاية ميلة، في حدود السابعة من صباح السابع من أوت الماضي، هزة أرضية بقوة 4.9 على مقياس ريشتر وبالضبط في منطقة حمالة، تلتها هزة أخرى بدرجة 4.5، وفيما لم تسجل أية خسائر بشرية، وقعت خسائر مادية تمثلت بتضرر عدة مبان، مما أدى إلى إخلاءها من ساكنيها، كما سارعت الحكومة لإعلان حي الخربة منطقة منكوبة بسبب أضرار الهزتين وقامت بالتكفل بالمواطنين المتضررين من ذلك.

بعدها بشهرين، اندلعت عشرات الحرائق بشكل متزامن في السابع نوفمبر الماضي، وطالت الغابات على وجه الخصوص في 8 ولايات، ولقي شخصان مصرعهما اختناقاً وتضرّرت عشرات المنازل جرّاء الحرائق التي اندلعت في غابات ولايات تلمسان، مستغانم، سيدي بلعباس، وهران، الشلف، عين تموشنت (غرب)، البليدة وتيبازة (وسط).

وأعلنت إدارة الغابات، أنّ النيران أتلفت أكثر من 1200 هكتار من الغابات، وقال وكيل الجمهورية لولاية تيبازة، إنّ التحقيقات "أظهرت أنّ الحرائق مدبرة، وتورطت فيها أطراف من داخل البلاد وخارجها"، ليتمّ لاحقًا توقيف عشرات الأشخاص المشتبه في صلتهم بتلك الحرائق".

وشهدت الجزائر تزامن حرائق الغابات مع نقص السيولة المالية بالبنوك، وتوقف محطات تحلية مياه البحر، وانقطاع الماء والكهرباء، وتخريب صهاريج الأوكسجين المخصصة لمرضى فيروس كورونا بعدد من المستشفيات، وارتفاع معدل الجريمة، وتذبذب في الإنترنت، في محاذير تبيّن لاحقًا "تدبيرها من جهات سعت لاستقرار الوطن والمواطنين".

حراك دبلوماسي

برز حراك الدبلوماسية الجزائرية على مدار 2020، وجرى تحريك عدة مبادرات في كل من ليبيا ومالي، واستضافت الجزائر خلال الـ12 شهرًا المنقضية، أكثر من 20 وزير خارجية، و3 قادة دول، ورئيسا وزراء، كانت خلالها الأزمة الليبية والوضع في الساحل في صدارة المباحثات.

وانتهت سنة 2020 بتكريم رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون من لدن مؤسسة "سيدة الأرض المقدسية"، واختياره شخصية العام، اعتبارًا لموقف الجزائر رئيسًا وحكومة وشعبًا الداعم للقضية الفلسطينية والرافض للتطبيع مع الكيان الصهيوني.

اجراءات كروية استثنائية 

تأثرت سيرورة مختلف منافسات كرة القدم على غرار جميع الرياضات بشكل كبير بسبب جائحة كورونا (كوفيد-19)، ما فرض إيقاف كافة المنافسات الكروية منذ 16 مارس الماضي.

وبعد طول شدٍ وجذب، قرّر الاتحاد الجزائري (الفاف) في نهاية جويلية الماضي، اعتبار نادي شباب بلوزداد بطلاً لموسم 2019-2020، إثر استشارة كتابية قدمت لأعضاء الجمعية العامة للاتحادية.


بالتزامن، جرى إقرار بطولة رابطة أولى محترفة تضم 20 ناديًا، في حين تمّ  تغيير نمط الرابطة الثانية إلى قسم ثاني هواة من مجموعتين، تتشكّل كل واحدة من 18 ناديًا، كما تقرّر إلغاء منافسة كأس الجزائر.

وإثر المصادقة على البروتوكول الصحي، استعادت ميادين الكرة حيويتها – دون جماهير – في 27 نوفمبر الفارط الذي شهد افتتاح بطولة موسم 2020 – 2021، خمسة أيام بعد تتويج شباب بلوزداد بالكأس الممتازة على حساب جاره اتحاد العاصمة (2 – 1)، علمًا أنّ اللاعبين خضعوا قبل الاستئناف لمختلف الاختبارات للكشف عن فيروس كورونا, تطبيقا للبروتوكول الصحي.

على صعيد المنتخب، واصل الخضر بقيادة جمال بلماضي مسيرتهم المظفّرة بـ22 لقاءً دون انهزام، وعاد بطل افريقيا إلى أجواء المنافسة في أكتوبر الفارط بخوض لقاءين وديين أمام نيجيريا (1-0) والمكسيك (2-2) في كل من النمسا وهولندا تواليًا، قبل فوزه على زيمبابوي (3 – 1) بملعب 5 جويلية بالجزائر، ثمّ تعادله مع المنافس ذاته بهراري (2-2)، ليضمن محاربو الصحراء تأهلهم رسميًا إلى كأس أمم إفريقيا 2022، وأنهى الخضر سنة 2020 في المركز الــ31 عالميًا لتصنيف الاتحاد الدولي (الفيفا).


 

قانون الفنان على محكّ النقاش

تأثر القطاع الثقافي في الجزائر على غرار باقي بلدان العالم بسبب جائحة كورونا التي فرضت نوعًا من الجمود على النشاطات الثقافية لأكثر من 9 أشهر، لكن هذا الاحتباس لم يكن عائقًا أمام طرح قانون الفنان للنقاش والخوض في مراجعة بطاقة الفنان وسائر القوانين التي تضمن التكفل بالفنانين وعموم المؤلفين.

وشهدت السنة تنظيم عدة نقاشات فنية وثقافية عبر تقنية التحاضر عن بعد، حيث جرى مقاربة وضعية ومكانة الفنان في القانون الجزائري، وتقديم اقتراح نمط تفكير يتلاءم مع الواقع وأيضًا تحديد محاور وتوجيهات تشريعية بغرض اعداد مشروع قانون جزائري حول القانون الأساسي للفنان، كما تمّ مناقشة القانون الأساسي لمهنيي السينما والوضع السوسيو- مهني لعمال القطاع، وأيضًا البطاقة المهنية للفنان ومسألة التكوين والرسكلة في مجال الفن السابع .

وكانت وزيرة الثقافة والفنون مليكة بن دودة أطلقت في ماي الماضي عملية دعم مالي لفائدة الفنانين الذي تدهورت أحوالهم بسبب انتشار فيروس كورونا وذلك بمساهمة الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة وشملت العملية حوالي 3400 فنانًا إلى غاية في نهاية نوفمبر الماضي.

وقرّرت مجموعة من الموسيقيين في أكتوبر الماضي إنشاء التنسيقية النقابية لموسيقيي الجزائر العاصمة التي عرفت انضمام 300 منخرط وتتمحور مطالب هذه التنسيقية أساسًا في "المصادقة على قانون الفنان" لتحسين ظروفه الاجتماعية وتأكيد مكانة ما يقدمه هذا الأخير للمجتمع ، كما جرى أيضًا إنشاء مجموعة تقنيي السينما في الجزائر التي تضم أكثر من 500 منخرط.

وفقدت الساحة الثقافية عدة فنانين في صورة السينوغراف نور الدين زيدوني، المطرب حمدي بناني، نورية قزدرلي، والممثلين عبد الحميد حباطي، موسى لكروت ومحمد بوحموم المعروف باسم "تشاراك"، إضافة إلى عدّة أسماء وازنة أمثال: المصور ناصر مجقان، الممثلة لبنى بلقاسمي، مطرب الشعبي حاج حميدة، الكاتب والمترجم عبد الرحمان مزيان، الشاعر والمغني عمار بلقادة، الفنان عبد الوهاب بودراع، الملحن والمغني عبد القادر شريقي، شاعر التراث الشعبي الوهراني مكي نونة، الشاعر والباحث عياش يحياوي، مخرج الرسوم المتحركة محمد عرام، المغني عبد القادر محمد الشريف، الشاعرة وهيبة عبون عجالي، الرسّام والخطاط أحمد بن علو، المخرج عز الدين بوكردوس، المسرحي جمال بن حبيلس، المصوّر فراس زاغد، التشكيلي والممثل المسرحي محمد بن بغداد، المغني محند ارزقي بوزيد عن عمر، شيخ المالوف قدور درسوني، أيقونة الأغنية الجزائرية الناطقة بالقبائلية إيدير، وكوكبة أخرى من الفنانين.

ملتيميديا الإذاعة الجزائرية - رابح هوادف

الجزائر