الجزائر-كوريا الجنوبية: الارتقاء بالتعاون الاقتصادي إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية

سمحت زيارة الوزير الأول لكوريا الجنوبية لي ناك-يون إلى الجزائر, للبلدين بتأكيد سعيهما إلى تعزيز تعاونهما الاقتصادي وإعطائه دفعا جديدا بهدف الارتقاء به إلى مستوى شراكتهما الإستراتيجية.

وقد تميزت الزيارة التي دامت ثلاثة أيام باتفاق الطرفين الجزائري والكوري الجنوبي على ضرورة دعم التوجه الجديد في مجال الشراكة الصناعية لصالح الطرفين في جميع القطاعات والرفع مع حجم المبادلات التجارية وكذا البحث عن سبل جديدة لدعم التعاون الثنائي في مجال التصنيع مع التأكيد على ضرورة رفع تحديات جديدة.

وكانت الطبعة الخامسة لمنتدى الأعمال الجزائري-الكوري الجنوبي التي انعقدت الاثنين فرصة بالنسبة للبلدين لتوضيح رؤيتيهما في هذا الشأن.        

وفي هذا الصدد, قال الوزير الأول, أحمد أويحيى, في كلمة ألقاها خلال منتدى الأعمال, الذي ترأسه مناصفة مع نظيره الكوري, لي ناك-يون, أن "الشركات الكورية اكتفت خلال سنوات طويلة بإبرام عقود انجاز في مختلف القطاعات ولم نر ابرام شراكات صناعية الا في السنوات الأخيرة وخصت في بداية الأمر المجال الالكتروني قبل أن تتوسع لمجال صناعة السيارات في الوقت الحالي", معربا عن أمله في استمرار هذا التوجه الجديد.

وأكد أويحيى أن الجزائر تشكل بالنسبة للمؤسسات الكورية "بوابة" نحو إفريقيا والاتحاد الأوروبي والعالم العربي, مشيرا إلى الامتيازات العديدة الممنوحة للمستثمرين الأجانب.

من جهته, أوضح لي ناك-يون بأن الجزائر هي البلد الإفريقي الوحيد الذي وقعت معه جمهورية كوريا اتفاق شراكة إستراتيجية في 2006, معترفا بأن المبادلات بين البلدين لم تكن كافية للارتقاء الى مستوى شراكتهما الإستراتيجية.

واعتبر أن هناك عددا كبيرا من القطاعات التي يمكن للبلدين التعاون فيها, مقترحا في هذا الخصوص تدعيم التعاون الثنائي في مجال التصنيع الذي سمح لبلده - كما قال- بالخروج من التخلف, مضيفا أن "الجزائر هي أكبر بلد في إفريقيا وثالث أهم حقل بترولي بالقارة وإذا كان باستطاعة كوريا الجنوبية إعطاء دفع جديد للاقتصاد الجزائري فإن ذلك سيكون شرفا كبيرا للشعب الكوري".

وأعلن الوزير الأول الكوري أن اللجنة المشتركة الجزائر-كوريا الجنوبية, التي يعود آخر لقاء لها الى سنة 2007, ستجتمع خلال سنة 2019, مضيفا أن "هذا اللقاء سيكون فرصة هامة لبحث التعاون الجاري ورفع تحديات جديدة سويا".

وقد توج منتدى الأعمال بالتوقيع على خمس مذكرات تفاهم اقتصادية بين البلدين, تخص مجالات الاستثمارات والطاقات المتجددة والجمارك والبيئة والتقييس.

كما تم على هامش هذا اللقاء, التوقيع على عقد شراكة بين المؤسسة الجزائرية "غلوبال غروب" والمجمع الكوري الجنوبي "هيونداي موتورز" لإنجاز مصنع لإنتاج الشاحنات والحافلات بباتنة, وأمضى العقد كل من لرئيس المدير العام لمجمع "غلوبال غروب" حسان عرباوي, وممثل "هيونداي موتورز" دونهو شوا.

وسيدخل المصنع الأول من نوعه في إفريقيا حيز الخدمة مع نهاية 2019 وتقدر قيمة عقد الشراكة بأكثر من 100 مليون دولار, وسيسمح المصنع بخلق 5.000 منصب عمل مباشر وغير مباشر على الأقل وبنسبة إدماج وطني يقارب 40 بالمائة مع انطلاق المشروع مع إمكانية أن تصل ما بين 50 إلى 60 بالمائة خلال السنتين أو ثلاث سنوات بعد إطلاقه.

وخلال زيارته التي شرع فيها يوم الأحد الماضي, أجرى لي ناك-يون محادثات مع الوزير الأول أحمد أويحيى بقصر الحكومة, كما التقى برئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح.

وتضمن برنامج ضيف الجزائر زيارتين ذات طابع سياحي, الأولى إلى متحف الفنون الجميلة بالعاصمة والثانية الى حديقة التجارب بالحامة.

وتعد كوريا الجنوبية أحد أهم الشركاء التجاريين للجزائر, حيث بلغ حجم المبادلات قرابة 3ر2 مليار دولار أمريكي سنة 2017, منها قرابة 700 مليون دولار أمريكي من الصادرات الجزائرية وكذا 6ر1 مليار دولار أمريكي من الواردات.

وخلال السداسي الأول من السنة الجارية 2018, بلغت الواردات الجزائرية من كوريا الجنوبية 609 مليون دولار أمريكي, فيما بلغت صادراتها نحو هذا البلد 474 مليون دولار أمريكي.

ويربط الجزائر وكوريا الجنوبية اتفاق شراكة إستراتيجية وقع في سنة 2006, ما يجعل الجزائر ثاني بلد إفريقي يوقع على اتفاقية من هذا النوع مع كوريا الجنوبية.

وقد دعا الطرفان من خلال الإعلان عن هذه الشراكة الموقع عليها شهر مارس 2006 إلى إقامة شراكة إستراتيجية أساسها التفاهم والثقة المتبادلين.

وترمي هذه الشراكة الى ترقية علاقاتهما متعددة الأشكال إلى مستوى أعلى وإلى تعزيز تعاونهما في المجالات السياسية والاقتصادية والمالية والثقافية والعلمية والتكنولوجية وكذا في المجالات الأخرى ذات الاهتمام المشترك, كما يهدف هذا الاتفاق إلى توطيد تعاونهما الثنائي على الساحة الدولية.

الجزائر