في جو مهيب ... آلاف المواطنين يشيعون جثمان المجاهد حسين آيت أحمد إلى مثواه الأخير

شيع ظهر هذا الجمعة جثمان المجاهد حسين آيت أحمد الذي توفي الأربعاء 23 ديسمبر 2015 عن عمر ناهز 89 سنة الى مثواه الأخير بمسقط رأسه بقرية آث يحيى دائرة عين الحمام بولاية تيزي وزو بحضور جمع غفير من المواطنين وأقارب وأهل الفقيد ورفقائه في الكفاح.

كما حضر مراسم التشييع مسؤولون سامون في الدولة وشخصيات وطنية وأجنبية وممثلون عن الأسرة الثورية والأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية يتقدمهم رئيس المجلس الشعبي الوطني محمد العربي ولد خليفة والوزير الأول عبد المالك سلال والامين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين السعيد عبادو.

وقد ووري المرحوم الثرى بقبر والدته المرحومة قداش مياسة و بجوار مقام جده محند أولحسين.

وأكدت شهادات عديد الشحصيات السياسية والوطنية أن الراحل حسين آيت أحمد كرس كل حياته من أجل الحفاظ على الوحدة الوطنية.
وفي هذا السياق أكد نجل الراحل آيت أحمد، يوغرطة ، أن المواقف والقيم التي ناضل من أجلها والده "يعتنقها اليوم الكثير من المناضلين داخل الوطن وخارجه".

أوضح يوغرطة أن والده "كافح وناضل منذ ريعان شبابه من اجل الوحدة الوطنية ووحدة الشعوب المغاربية", مشيرا الى أن "حشود الجماهير التي جاءت من داخل وخارج الوطن لتوديعه لم تكن مفاجئة" بالنظر --كما قال-- الى "المواقف المشرفة التي تبناها الراحل طيلة حياته".

وأبرز المتحدث ان والده ترك حزب جبهة القوى الاشتراكية التي أسسه سنة 1963 في"الطريق الصحيح وأمانة في أعناق إطارات الحزب ومناضيليه"، داعيا إياهم الى "تحمل مسؤوليتهم في الحفاظ على هذه الأمانة".
وفي نفس السياق وصف صهر الفقيد آيت أحمد, الطيب العلوي (المغرب),أن الراحل يعد"ايقونة مكافحة الاستعمار في الجزائر ومساندة حركات التحرر عبر العالم".
بدوره أكد رئيس الحكومة الأسبق مولود حمروش ان الراحل آيت أحمد يعتبر "رجل المواقف الشجاعة" وهو --كما قال-- "مجاهد ومناضل كبير ينبغي الاقتداء به".
من جهته أوضح الأمين العام لحركة الإصلاح الوطني فيلالي غويني أن جنازة الراحل حسين آيت أحمد "تعتبر بمثابة مؤتمر للوفاق والمصالحة الوطنية من خلال جمعها لكل أطياف المجتمع الجزائري على اختلاف توجهاتهم", معتبرا أن الفقيد "ايقونة للديمقراطية والتحرر" وأضاف :

الراحل "شخصية عظيمة عظمة الثورة ونبل الشهداء ...  ترك لأجيال الاستقلال الجزائر أمانة ينبغي الحفاظ عليها".

في ذات الصدد كد أقارب المجاهد حسين آيت أحمد بقرية آث يحيى انه كان يقدم الجزائر على الجميع بما فيهم والدته وأبنائه حيث انه وهب حياته لها.   
وأكدت ابنة عمه ذهبية (نا ذهبية) أن آيت احمد يكفيه فخرا انتماؤه إلى نفس القرية التي تحمل اسم احد أبطال الثورة الجزائرية.
وقالت ابنة عمه التي كان التأثر باديا على وجهها أنه "رغم كبر سنه إلاأن نبأ وفاته كان فاجعة بالنسبة للجميع و الشيء المؤكد انه لم يدخر أي جهد لخدمة الجزائر التي وهب لها كل حياته و كان يقدمها على والدته و أولاده".
وحتى أن كانت "نا ذهبية" إحدى أقرب أقارب حسين آيت احمد إلا أنها أكد بتحصر كبير أنها لم تحض كثيرا بمقابلة هذا الأخير الذي"كرس نفسه كلية لقضية وطنه والقناعات التي أبعدته عن ذويه مدة طويلة من حياته".  

"منذ نعومة أظافره وهو يناضل حيث بدأ من حزب الشعب الجزائري"  قالت "نا ذهبية" قبل أن تضيف إن "ولدي الفقيد سي جعفر الذي كان يناضل ضمن صفوفه أيضا كان قريبا جدا من دا الحسين و كان يعتبره ابنا له" مشيرة انه عندما كان في السجن كان "يطالع كثيرا و يطلع دائما عن أخبار العائلة و "خاصة الوطن".



لقد كانت كل عائلة آ يت أحمد تقريبا تعد "ثوارا" بينها كما انضم كل أعضائها إلى "دا الحسين" عندما أسس حزب جبهة القوى الاشتراكية.
و اعترفت "نا ذهبية التي تحتفظ بذاكرة قوية رغم كبر سنها أنها لا يمكنها تلخيص المسار المجيد الذي سلكه "دا الحو".  
و عند ذكرها للمنفى الذي أجبر عليه ابن عمها ذكرت أن قرار مغادرة الوطن لم يكن عن "طيب خاطر" بالنسبة للذي التزم منذ سن المراهقة من اجل القضية الوطنية و"حلم بعدها بالقيام بأشياء كثيرة" للارتقاء بالبلد إلى مستوى عال من الديمقراطية و التقدم.

و في هذا السياق دعت الأجيال الشابة إلى استلهام الدروس من "دا الحسين" و التمعن "في معنى و بعد تفانيه للوطن و المثل العليا التي كان يؤمن بها.

وخلصت قائلة "كان دائما يؤكد على أهمية العلم و التعلم و التربية و يشدد على أن المادة ليست دائمة و أن المبادئ و أسس التعلم هي الباقية".
أما أخ "نا ذهبية" الخيدر الذي تولى تقريبا مهمة "الناطق باسم" عشيرة آث أحمد منذ رحيل شخصيتها البارزة فإنه يتحدث عن هذا الأخير كأحد أسلافه البارزين إلا و هو شيخ محمند ولحوسين (شعر الصفراء).
و بعد أن تطرق إلى الأبيات الشعرية التي كتبها عندما كان سنه لا يتجاوز عشر سنوات لما سمع بسجن ابن عمه بعد الاستقلال أشار الخيدر إلى "العلاقة" بين حياة عمه و حياة الشيخ حيث أنهما اجبرا الاثنان على مغادرة مسقط رأسهما لمدة معينة.
و على غرار الشيخ محند ولحوسين تميز دا الحسين أيضا باعتدال كلامه من خلال الاكتفاء بذكر أقوال شعبية لإيصال رسائل تطبعها الحكمة و التبصر".  
و قال الخيدر الذي تأثر كثير هو الأخر لكونه "لم يعايش كثيرا دا الحسين" أتذكر فترات من تواجده بيننا و أن كانت قليلة حيث كان نشاطه و التزاماته يأخذان كل وقته".
و في هذا الصدد يتذكر حدثا أثر في طفولته و هو مجيء حرم محمد بوضياف إلى آث أحمد للتحدث إلى "أخيه" في السلاح و سجن زوجها غداة الاستقلال.

وتشاء الاقدار أن ترحل في أول يوم من السنة الجديدة قامة من قامات ثورة التحرير خسين أيت أحمد الذي كان متشبعا بالميادئ الاسلامية الدينية وهذا ما يقوله الدكتور موسى اسماعيل أستاذ التشريع بجامعة الجزائر.

وكان جثمان الراحل حسين آيت أحمد قد وصل إلى مسقط رأسه مسجى بالراية الوطنية في حدود الساعة 11:30 أين ألقيت عليه النظرة الأخيرة وسط أجواء طبعها الحزن و الخشوع تحت خيمة نصبت بالساحة الرئيسة للقرية.

ووقف الحضور دقيقة صمت ترحما على روح الدا الحسين وأقيمت بعد ذلك صلاة الجنازة على روحه بعد صلاة الجمعة.

 

الجزائر