قرية إيخليجن بتيزي وزو: كوابيس وصدمات حريق العاشر أوت

يتذكّر سكان قرية إيخليجن بالأربعاء ناث إيراثن جنوب ولاية تيزي وزو بكثير من الوجع ليلة الثلاثاء العاشر أوت الجاري، حين شبّ حريق مهول أشعل مداشرهم، ورغم انقضاء تسعة أيام، إلاّ أنّ ذاك الحريق لا يزال ماثلاً بكوابيسه وصدماته التي تصل أحيانًا حدّ الهلوسة، ما يفرض تكفّلاً بالصدمات النفسية لأبناء إيخليجن.

عاش حوالي ألف شخص من سكان قرية إيخليجن بمداشرها الأربعة: إيمعثوقن، أقولميم، آث علي وتاوريرت لالة، حرائق مهولة كالبراكين في العاشر من الشهر الجاري، وأتت تلك الحرائق على كل شيء من منازل وأشجار وحيوانات وحتى البشر.

وقال محند بلقاسم أحد السكان الذين عايشوا الكارثة: "اندلعت النيران في حدود الثانية صباحًا، ونحن نجونا بصعوبة والصدمات طالت معظم سكان القرية"، وأضاف بلقاسم: "النيران فاجأت قرية إيخليجن لأنّ معظم سكانها غادروا للمشاركة في إخماد حرائق أخرى اشتعلت في قرى مجاورة على غرار آث فراح، تاوريرت مقران وآث عطلي".

واسترسل: "كنا يقظين عندما اشتعلت النيران في الجهة الجنوبية، فقمنا بدقّ ناقوس الخطر وشرعنا في إجلاء السكان نحو قاعة حفلات قبل أن تحاصرنا النيران من كل جهة لنحو 20 دقيقة، واستمرت تلك الحرائق طيلة الليل وحتى منتصف الظهيرة"، مشيرًا إلى أنّ الهلع الذي تملّك الجميع جعل التحكم في الوضع صعبّا وتسبّب في هلاك عدة أشخاص أثناء محاولتهم الهروب".

وذكر بلقاسم: "عدّة أشخاص هربوا من القرية، وبعضهم لا يزال تحت الصدمة ولا يتكلم مثلما هو الحال بالنسبة لامرأة تم العثور عليها في منطقة واضية، وهو ما صعّب من تحديد هويتها"، مضيفًا أنّه لحد الآن "لا نعلم من لا يزال على قيد الحياة ومن لقي حتفه".

وتسبب الحريق المهول في هلاك 22 شخصًا، 19 منهم حُدّدت هوياتهم وتم دفنهم، فيما لا يزال 3 آخرين قيد تحديد الهوية، وأصيب جرّاء هذه الكارثة البيئية السابقة من نوعها، عدّة أشخاص بحروق، إذ تمت معالجة من كانت جروحهم خفيفة، بينما نقلت حالات أخطر إلى الجزائر العاصمة.

ويرفض بعض سكان قرية إيخليجن إلى حدّ الآن الرجوع إلى منازلهم خوفًا من عودة النيران، وحكايات الموت المأساوي لأقاربهم التي لا تزال حيّة في أذهانهم على غرار هلاك أولياء حاملين أطفالهم بين أيديهم، وهلاك أم وهي تحتضن ابنتيها جوهر وسارة، هذه الأخيرة تحصلت مؤخرًا على شهادة البكالوريا، إضافة إلى زوجين مع ابنتهما الرضيعة، ورجل يحاول إنقاذ معزته.

ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية على لسان المختصة النفسانية المتطوعة، نبيلة حمزي فراجي، أنّ هناك "صدمة لدى الجميع وستكون لها آثار تتطلب وقتًا طويلاً لنسيانها"، وتابعت: "هناك من يعترف بالصدمة لدى الكبار وآخرون ينكرونها ولا يريدون التحدث عنها، بينما لم يفهم الأطفال ما حدث ولا يزالون متخوفين من عودة النيران".

ولمواجهة هذا الوضع، دعت فراجي إلى "وجوب إحصاء المصدومين، ثمّ تحديد العلاج اللازم لهم"، مشدّدة على "ضرورة مرافقة الأطفال خصوصًا ونحن على أبواب الدخول المدرسي".

شجاعة وتضامن وتصميم
رغم الصدمة، لم يتردّد سكان إيخليجن في مساعدة ضحايا الحرائق وهبّوا لمساعدة الجنود المحاصرين بالنيران في مخيماتهم بالمكان المسمى إيشريذان على الطريق المؤدي من الأربعاء ناث إيراثن إلى عين الحمام.

وقال محند بلقاسم: "فور تلقينا خبر محاصرة النيران للجنود، توجهنا لعين المكان، لكن ولسوء الحظ، لم نتمكن من فعل أي شيء لهم، حيث فارق بعضهم الحياة، لكننا ساعدنا في إخماد النيران وإنقاذ الجرحى حتى قدوم الدعم".

ورغم الصدمات والآلام، برهن السكان على تصميمهم والتزامهم وشرعوا في تنظيف القرية لمحو آثار المصيبة، وتجاوز تبعات ما حصل، بالتزامن مع الهبّة التضامنية التي تلقوها من متطوعين وحرفيين ومؤسسات قدّموا المأكل والملبس وضروريات الحياة اليومية.

مجتمع